• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تأملات في القران الكريم ح319 سورة فاطر الشريفة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تأملات في القران الكريم ح319 سورة فاطر الشريفة

 

بسم الله الرحمن الرحيم
 
وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ{11} 
تستمر الآية الكريمة مضيفة (  وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ) , أصل الخلق , (  ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ) , مني , { أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ }الواقعة58 , { أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى }القيامة37 , (  ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً ) , ذكورا واناثا , (  وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ ) , لا يغب ذلك عن علمه وقدرته , (  وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ ) , يمدّ في عمره , (  وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ ) , او ينقص منه , (  إِلَّا فِي كِتَابٍ ) , كل زيادة او نقصان الا وهو مكتوب ومسجل في اللوح المحفوظ , (  إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) , ذلك "الزيادة والنقيصة" عليه جل وعلا هين .    
( عن الصادق عليه السلام ما نعلم شيئا يزيد في العمر إلا صلة الرحم حتى أن الرجل يكون أجله ثلاث سنين فيكون وصولا للرحم فيزيد الله عز وجل في عمره ثلاثين سنة فيجعلها ثلاثا وثلاثين سنة ويكون أجله ثلاثا وثلاثين سنة فيكون قاطعا للرحم فينقصه الله ثلاثين سنة في عمره ويجعل أجله إلى ثلاث سنين ) . "تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني" .  
 
وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ{12} 
تنعطف الآية الكريمة مضيفة (  وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ ) , لا يتساويان , (  هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ ) , شديد العذوبة , يستساغ للشرب , (  وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ ) , مر , مالح , غير صالح للشرب لمرارته او ملوحته , (  وَمِن كُلٍّ ) , ومن كل منهما "البحر العذب والبحر المالح" : 
1- (  تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً ) : السمك وغيره . 
2- (  وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا ) : اللؤلؤ والياقوت ... الخ . 
3- (  وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ ) : تشق الماء , (  لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ ) , من فضله تعالى بالنقل للتجارة وغيرها , (  وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) , الله تعالى على ذلك . 
 
يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ{13} 
تستمر الآية الكريمة مضيفة (  يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ) , يدخل احدهما في الاخر , فيزداد الداخل وينقص المدخول فيه , (  وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ) , كلا منهما يدور في مداره الى وقت معلوم , وهذا الوقت المعلوم اما ان يكون يوم القيامة على بعض الآراء , او قد يكون ذلك قبل يوم القيامة على آراء اخرى , (  ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ) , المالك , الخالق , المدبر , (  وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ ) , ما اتخذتم من الهة , (  مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ ) , لا يملكون شيئا وان كان تافها كالغشاء الذي يلف النواة .      
 
إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ{14}
تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقتها (  إِن تَدْعُوهُمْ ) , ما اتخذتموه من الهة من الاصنام وغيرها , (  لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ ) , لأنها جمادات , (  وَلَوْ سَمِعُوا ) , على افتراض انهم سمعوا دعوتكم , (  مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ) , فلا يمكنهم الاجابة , (  وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ) , سوف يكفرون بكم وبعبادتكم لها , وبكل ما زعمتموه ونسبتموه وخلعتموه عليها , (  وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ) , لا يخبرك عن احوال الدارين مثل الخبير جل وعلا , او لا يخبرك مخبر بإمر ما مثل مخبر خبير به , مطلع عليه .     
 
يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ{15} 
تخاطب الآية الكريمة عامة الناس (  يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ ) , في انفسكم وكافة احوالكم , (  وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) , وهو جل وعلا (  الْغَنِيُّ ) , عن خلقه , المتفضل بالنعم عليهم , (  الْحَمِيدُ ) , المستحق للحمد والثناء .  
 
إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ{16} 
تستمر الآية الكريمة في الخطاب (  إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ  وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ) , للنص المبارك محورين : 
1- ان يهلك البشرية , ويأتي بخلق اخر اطوع له تعالى منهم . 
2- ان يكون الخطاب موجها الى اهل مكة , فيحمل على هلاكهم واستبدالهم بقوم اكثر طواعية لله تعالى منهم .  
 
وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ{17} 
يستمر خطاب الآية الكريمة (  وَمَا ذَلِكَ ) , ما ذلك الاستبدال , (  عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ ) , عليه جل وعلا بممتنع او متعذر , بل هو هيّن ويسير . 
 
وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ{18} 
تضيف الآية الكريمة مبينة (  وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) , لا تحمل نفسا اثم نفسا اخرى , (  وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ ) , نفس اثقلتها الذنوب "الاوزار" , (  إِلَى حِمْلِهَا ) , الى ان يحمل احدا منه شيئا , (  لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ ) , لا احد يحمل معها شيئا من وزرها , فيخفف عنها حملها , بل تحمل وزرها بنفسها , (  وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ) , وان كان المدعو ذو قرابة لها , (  إِنَّمَا تُنذِرُ ) , الخطاب موجه له "ص واله" انما تخوّف :   
1- (  الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالغَيْبِ ) : خافوه جل وعلا ولم يروه بالجوارح , بل ادركوه بالحقائق والدقائق .
2- (  وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ ) : الصلاة الواجبة خالصة له تعالى ذكره .   
كلا ذينك الطائفتين هما المنتفعين بالإنذار , (  وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ ) , يقرر النص المبارك ان من تطهر من الشرك والذنوب , فأن نفع تطهره يعود اليه بالنفع , (  وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ) , المرجع , يوم القيامة , فيجازى كل بما عمل . 
 
وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ{19}
تضيف الآية الكريمة مبينة (  وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ ) , لا يتساوى الكافر والمؤمن .  
 
وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ{20} 
تضيف الآية الكريمة مبينة ايضا (  وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ ) , ولا يتساوى الباطل والحق , الكفر والايمان , تكرار ( ولا ) لمزيد من التأكيد .   
 
وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ{21} 
تضيف الآية الكريمة مبينة ايضا (  وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ ) , الجنة والنار , الثواب والعقاب .   
 
وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاء وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ{22} 
تضيف الآية الكريمة مبينة ايضا (  وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاء وَلَا الْأَمْوَاتُ ) , تمثيل للمؤمن والكافر , فالمؤمن حي والكافر ميت , (  إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ ) , هدايته , فيوفقه لفهم الموعظة  واخذ العبرة , (  وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ ) , وهم الكفار المصرين على الكفر , شبههم بالموتى المقبورين لاستحالة اجابتهم لدعوة الداعي .   
 
إِنْ أَنتَ إِلَّا نَذِيرٌ{23}
تخاطب الآية الكريمة النبي الكريم محمد "ص واله" مقررة له (  إِنْ أَنتَ إِلَّا نَذِيرٌ ) , ما عليك يا محمد "ص واله"الا ان تنذرهم .  
 
 
 
 
حيدر الحدراوي
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=79540
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 06 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15