
كل من رافق الشهيد ابو منتظر المحمداوي وعرفه يعرف انه لا يحب الظهور ولا يقبل ان يصوره احد . وكل الصور التي ظهرت له بعد استشهاده كانت بغير علمه وباسلوب سرقه اللقطه ,كل من رافقني ايام الحشد يعرف عشقي للكامرا . وحبي للتوثيق وداما احمل كامرتي معي فهي سلاحي الثاني . في اصعب المواقف وأحرج اللحظات لم اتركها ولم اترك التقاط لحظه تؤرخ او تنقل وقاع تلك اللحظه . قبل معركه جرف الصخر واثناء التحضيرات النهائيه للعمليات . كنت احاول ان اقتنص اكبر عدد من اللقطات للشهيد ابو منتظر بغير علمه . وفي احدى المرات شاهدني وانا اصوره فصرخ باعلى صوته(( من قال لك صورني امسحها حالا )) هربت من امام وجهه مبتعدا حتى لا امسح تلك الصوره الجميله . فبعث احد الاخوه المقربين مني طالبا مني ان امسح الصوره والا فهو لن يبرءاني الذمه ان ابقيتها او نشرتها .. بدات العمليات .. اليوم الثالث والاخير للعمليات ,تقدمنا من محور الفاظليه . فجرا .وصلنا الى ساتر ترابي ( كتف مبزل ) يبعد عن مواضع افراد داعش حوالي 200 او اقل في بعض الاماكن . المنطقه خلفنا وامامنا مفتوحه .افراد داعش في مواقع قنص ممتازه بحيث تعيق تراجعنا . والتقدم امر مستحيل ونتلقى قذائف الهاون (60 ملم ) كل لحظه يسقط لنا جريح . محجوزون في مسافه طولها 300 وتعداد افرادنا حوالي 50 الى 60 مقاتل باسلحه خفيفه . بمعنى اخر ان اي قذيفه تسقط لا بد ان تصيب احد . منذ الفجر حتى منتصف النهار شبه محتجزين في هذا المكان الذي يبعد مسافه كيلومتر ونصف عن نقطه انطلاقنا صباحا. لن اصف بطوله مع معي من المجاهدين..فنحن لن نتراجع والموت اصبح على بعد خطوات . نيران داعش من كل مكان كل لحظه يخضب احد الاخوه بدماءه . في لحظه من سكون الافكار ودوي الرصاص . واذا برجل يركض قادم من خلفنا لا يأبه برصاص القناصين ولا قذائف الهاون التي تشبه نثار حلوى الاعراس . انه ابو منتظر .. رجل في الخمسين من عمره يركض مسافه كيلو ونصف متحديا الموت لوحده . لابد ان الامر مهم جدا . استقبلته ومعي العتابي والطائي . وهو يحاول ان يلتقط انفاسه قبل ان يتوقف اعطيته ما تبقى عندي من ماء . _ اريد منك ان تصبروا نصف ساعه فقط . نصف ساعه فقط لا غيرها . عد عيناك حاج وتامر .. بس كان من الممكن ان تبلغنا هذا الكلام عبر جهاز المناداه او عبر الموبايل . _ لا لا لا الموبايل ليس فيه روح . فقط اصبروا نصف ساعه وسوف اعود لكم . رجع راكضا كما اتى .. بعد نصف ساعه عاد ومعه اربع ناقلات مدرعه وبرفقته الشهيد حميد تقوي رحمه الله . وقبل ان تتحرك الناقلات عابره الساتر الترابي باتجاه مواقع داعش . رجع ابو منتظر وكل تصوري انه عاد الى مقر القياده . بعد حوالي ساعتين من تقدمنا وصلنا الى الفرات والتقينا بقطعات الحشد القادمه من الجانب المقابل واذا ابو منتظر يقود تلك القوه المقابله .. رحلت لترافق من فارقونا وذكرهم في قلوبنا ملتهب . وبقيت صورتك تعيد لذاكرتي بطوله رجل من زمن اخر . رجل من زمن الاساطير ... فهنيئا لك الشهاده وهنيئا لك الفوز بالجنه بقلم ....محمد وناس -