لا تعودي وارحلي عنّي بعيدا
فتلاقينا غدا ليس مفيدا
قد محا البعدُ الذي ما بيننا
ولماضينا محالٌ أنْ نعودا
ودعيني غارقاً في وحدتي
لَمْ يعدْ قلبي بمرآكِ سعيدا
وهواكِ لم يعدْ لي ملهماً
قلبُكِ الدافيءُ قد أمسى جليدا؟
وذريني هائماً في غربتي
بينَ أشواكِ الأسى أمشي وحيدا
طعنةُ الغدرِ التي وجهتها
لم يزلْ بي وقعها القاسي شديدا
أنا لا أنسى ليالينا معاً
عيشُنا الصافي بها كان رغيدا
وبكِ الشملُ هوىً مؤتلفٌ
فلقد مرَّ بِنَا الدهرُ حميدا
والهوى غضٌّ وريانُ الجنى
لم نكنْ نعرفُ هجراً او صدودا
وأفقنا من منامٍ طيِّبٍ
ليتنا كنّا مدى الدهرِ رقودا
فإذا بالبينِ قد فرّقنا
وإذا ما بيننا صارتْ حدودا
قد عدى الدهرُ فلم يرأفْ بِنَا
وأمامي وضع الْيَوْمَ سدودا
عجلاً ولّتْ سويعاتِ الصفا
واغتدى الدهرُ بِنَا يمشي وئيدا
وأمامي ذكرياتُ الامس تبدو
ولهيبُ الدمعِ يشتفُّ الخدودا
ليت شعري مالذي غيّرها
فانبرتَ تلبسُ لي ثوباً جديدا
كيف أمسى قلبُها لي حجراً
واستحالتْ رقّةُ القلبِ حديدا
لم يعدْ بُعدكِ يُدمي خافقي
ففؤادي ماتَ في الحبِّ شهيدا
لم أذقْ منك سوى مرِّ الجفا
ومواعيدُكِ قد كانتْ وعودا
عشش اليأسُ بقلي عابثا
وبهِ الأشواقُ قد شبّتْ وقودا
أنشدُ الأشعارَ لحناً باكياً
فضمادُ الجرحِ قد أمسى النشيدا
فجراحي لم تزلْ نازفةً
تشتكي غدْركِ والقلبَ الجحودا
واقتني الصبرَ فما من عودةٍ
كبرياءُ الجرحِ يأبى أنْ يعودا
فدعيني فلقد جرعتِني
غصصَا جمّاءَ لاتحصى عديدا
وصروحُ الحبِّ في قلبي هوتْ
وانبرتْ أطلالها تبكي العهودا
لاتظنّي أنَّني مكتئبٌ
ولياليَّ غدتْ في الهجرِ سودا
لاتظنّي بي وهناً أو ونىً
كيفما شاء هواكِ أنْ يقودا
حينما رام الهوى لي ذلةً
ثرتُ بركاناً وحطّمتُ القيودا
لم أكن يوما ذليلا في الهوى
إنَّما كنتُ وفيّاً وودودا
لم يدر في خلدي أن تبعدي
وتكوني بالجفا خصماً لدودا
لم يكنْ حبّكِ الا مزنةً
في سمائي ما همتْ الا رعودا
جنةُ القلبِ التي عثتِ بها
لم تزلْ تنبتُ للحبِّ وورودا
ملَّ قلبي من هوىً مصطنعٍ
أسفاً ضيّعتُ من عمري عقودا
لم يعدْ قلبي الى لقياكِ يصبو
أو يكنْ يومُ التلاقي لهُ عيدا
|