• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : موطني في حافلة عامة .
                          • الكاتب : هناء احمد فارس .

موطني في حافلة عامة

احيانا نصادف مشاعر تهزنا ،تعيد لنا  ذاتنا الضائعة وهويتنا الوطنية وانتماءنا الذي يغيب عنا بفعل تسارع ساعات وايام عمرنا في هذا العصر المتضارب كامواج البحر ،قبل ايام جمعتني الحافلة العامة بنموذج انساني عراقي حيث صعد الى المركبة رجل اربعين يخفي احدى يديه تحت منديل ،لم اعر الامر انتباها ،لاني وعلى دارج عادتي انشغل  بافكاري المتصارعة داخل راسي اكثر مما انشغل بالمتواجدين معي في اي مكان ، واحمد الله على هذه الخصلة التي تجعلني داخل حصن حصين من مما قد يحصل حولي من قول او فعل ،منشغلة فقط بما يتدافع في ذهني من بيت شعري او مقطع قصصي ربما قراءته قبل اكثر من يومين او حتى سنتين او اني استعيد ذكريات اجترتها ذاكرتي بفعل حدث صغير استدعى خزين الماضي من خزانة عقلي،على كل حال الذي انتشلني من وحدتي الفكرية تلك ، كانت مجرد رنة جوال لاحد الركاب في الحافلة ،كانت النغمة هي نشيد موطني، موطني ،حيث  طلب الشخص الذي كان يخفي احدى يديه تحت منديل من الرجل الاخر صاحب النغمة اياها، ان يبعثها له ، وقال :- ما اجمل ان يعتز العراقي بعراقيته وبوطنه وكل مايذكره بهذا الانتماء ،وهكذا مضت السيارة الى ان وصل الرجل الذي يخفي احدى يديه تحت منديل الى الموقع الذي يرغب في النزول فيه ،اكتشفت بل صدمت عندما اكتشفت ،انه كان بيد ورجل صناعية، وان ماكان يخفيه تحت المنديل هو يده الصناعية ،خجلت منه ، وتقوقعت داخل زوايا روحي ، خجلت منه ومن الوطن الذي نحمله اوزار اخطائنا ، وعبثنا واهوائنا الشخصية ، فكيف يمكن لمن يمتلك نصف جسد ،لابد ان النصف الاخر قد فقده في مكان ما من هذا الوطن وعلى بقعة مفجوعة بكم اللحم المتساقط فوقها بفعل قذيفة حربية او عبوة ناسفة ، كيف يمكن لهذا الانسان ان يعتز ويرتبط بالوطن بينما  يندفع الكثيرون مما يملكون اضعاف مايملك هذا الرجل من اعضاء بشرية الى مغادرة هذا الوطن بحثا عن وطن قد لايرغب باعطائهم اسمه وان اعطاهم ذلك فانهم لن يمتلكوا جذرا فيه وربما لاسيقان ولا اوراق بل مجرد عابري سبيل لن تذكرهم شوارع او طرقات تلك البلدان الاباللعنات او التهم الموجهة بدعوى الارهاب الديني او الاسلامي او المتاجرة بثروات وكنوز هذا الوطن ليشتروا في مقابله اراض او املاك ومشاريع في بلدان اخرى ، اقول لكل من لا يدرك معنى الوطن كونوا كدعاة الوطن في الفيسبوك من مواليد الثمانينات والتسعينات اولئك الذين حرموا في طفولتهم من تذوق حلوى وطنية او حتى مثلجات محلية  اثناء سنوات الحصار في التسعينات اولئك الذين لم تتحلى افواهم بطعم سكر السلام ورغم ذلك رفعوا حملة اجعل علم العراق شعارك في الفيسبوك اقول لهم ولذلك الرجل الذي كان يخفي يده تحت منديل اني اخجل من نفسي امام حبكم المقدس واخجل اكثر امامك ياعراق وسانحني وسانحني اجلالا لك ايها الوطن البريء من دمائنا ايها العريق واعاهدك ان اكون جديرة بالمواطنة فيك ايها الشامخ منذ اول الحضارات واعظم الحضارات لانك كما قالت الشاعرة المبدعةلميعة عباس عمارة منك نتعلم معنى العراقة.
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=7653
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 07 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15