• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الدول المضيئة والمعتمة!! .
                          • الكاتب : د . صادق السامرائي .

الدول المضيئة والمعتمة!!

الدول إما مضيئة أو معتمة , وأبناء الدول هم الذين يقررون ذلك , فالدول المعتمة  تمتص أشعة الضوء , ولا تمتلك القدرة على عكس شعاع واحد منها , وتعيش خامدة هامدة , وفي موضات هذا الزمان المتأسد صارت تسمى بالدول الفاشلة أو المحطمة , وإن شئت الدول المقهورة المستلبة المستعبدة المحكومة بالدمى.

الدول المعتمة لا تنتج طعامها ولا تصنع حاجاتها ولا تبتكر أسلحتها , وتبقى عالة على الدول الأخرى في كل شيئ حتى تقرير مصيرها , فهي بلا سيادة ولا قيادة ولا حاضر ولا مستقبل , إنها دول متحللة تدور في مراجل الإتلاف الحضاري والخراب الإمحاقي.

وهذه الدول كعجينة يتم تشكيلها وفقا لإرادة المصالح والمطامع , والتطلعات والبرامج والمشاريع المرسومة في غياهب موائد الإفتراس اللذيذ المتوحش , الموشحة بالمُثل والقيم الإنسانية , وعليها يُلتَهم الأحياء بلا رحمة أو رأفة.

والعجيب في الدول المعتمة أنها لا تستطيع التمييز بين ما يضرها وينفعها , وتتحرك وفقا لردود أفعالها السقيمة المكلوبة لتحقيق أهداف وتوجهات المفترسين.

وفي العتمة الموجود يتعفن ويتفسد وتفوح منه روائح كريهة مقرفة , وهذا ما يدور في رحاب الدول المعتمة , التي تأسّن وتعفن فيها ما يمت بصلة إليها.

أما الدول المضيئة فتشع وتتوهح وتسعى نحو إنارة أكبر مساحة حولها , وتبعث الأشعة الضوئية وتعكسها ولا تمتصها , وفيها قدرات عالية لتوليد الأنوار , وإضاءة دياجير الخيال وزوايا الوجود الخابتة.

إنها دول قوية متقدمة , مخترعة مبتكرة لا تحتاج لغيرها بل الغير بأمس الحاجة إليها , ويعتمد عليها في بقائه والشعور بتواصله مع العصر.

إنها الدول التي تقرر مصير المسيرة البشرية , وتحدد معالم المستقبل , وترسم خارطة الصيرورة الأرضية بثقة وشجاعة وإقدام.

إنها دول متوثبة متحفزة , تملك إرادتها ومصيرها وطعامها وسلاحها وعقولها , وتستثمر في الطاقات الموجودة عندها , وتستولدها قدرات أصيلة ومبتدءات كبيرة ذات قيمة حضارية سامقة.

هذه الدول المضيئة تصنع الحياة , وتؤسس لآفاق المستقبل والرجاء , وتمنح بعض أنوارها للدول المعتمة , التي لا تعرف إلا الإمتصاص , وتعجز عن الإنعكاس الضوئي والإنبعاث التنويري.

وبين الدول المعتمة والمضيئة مسافات رمادية , يحاول الضوء أن يتسلل إليها , لكن المستلطفين للعتمة يشعرون بالتهديد والخطر , فيجابهون كل نور حميد.

ولا يمكن للدول المعتمة أن تمارس الحياة , إلا عندما تتعلم التعايش مع النور وتعشق الشمس , وتؤمن بأنها منبع أكون!!




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=74871
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 02 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 16