الإهداء الى المرحوم الحاج ابو طه الحبيب
مات صاحبي بمرض القلب، لذلك احببت ان اكتب له هذا العزاء؛ الحاج ابو طه الحبيب، اوالعم ابو طه هكذا كنيته بين أوساط الجالية؛ الحبيب رجل عرفته في ساندياكو؛ انسان يحمل في قلبه بيتين؛ الاول لعائلته المتكونة من بضعة افراد من البنات والبنين، والثانية للآخرين.
بيته لم يكن مضافة فحسب، بل معرضا للصور الفوتوغرافية المحملة بهموم العراق منذ الستينات وحتى الزمن المضاف اليه تفاصيل الغربة، ارشيف يحمل بين ضفافه الم شخصيات شتى، من ضمنها ابطال تم تصفيتهم في سجون الطاغية قبل عهد ما يسمى بالسقوط، تواريخ تحمل في طياتها أحداثا تحتاج الى تدوين.
رحل الحبيب وهو يحمل في قلبه هموم شعب مكبل بالأغلال، رحل وبقيت أحزان المتعبين تلاحقه.
بيت ابو طه لم يكن بيتا لعائلته فقط، بل كان أشبه بمؤسسة غير رسمية لاستقبال هموم من يطرق بابه، حتى أولئك الذين يتعرض أبنائهم الى مشاكل قانونية في بلد الغربة، لم يكن يهدأ له بال حتى يجد من يقف بجانبهم.
سنين قضيتها بصحبة رجل كان ببساطته المعهودة يشبه في وقفاته شيخ عشيرة قادر على تحمل أعباء ومشاكل عشيرته، بما فيها أولئك الذين رحلوا بعد ان توفتهم المنايا في عصر الغربة بعيدا عن وطنهم الام، ما ان يسمع بفقدان عراقي مغترب، حتى يطرق أبواب من يحيط حوله ليجمع مبالغ التجهيز والدفن، حتى ما يخص منها أولئك الذين يوصون بدفنهم في النجف الأشرف، حيث رغم تكاليف الثمن الباهض، بطريقته وشخصيته المعهودة، يلتف الناس حوله تضامنا معه لنجدة من يحتاج الى المساعدة.
فقدت الجالية في ساندياكو شخصية اجتماعية، لها وقفة ليس في باب الوفاء للوطن، بل لأبنائه المغتربين. مات ابو طه وبقيت دموع الحاضرين تشع بحرارة اللوعة والفقدان، مات وبقي ارشيف معرضه الصغير يحمل هموم شعب ما زال يحترق.
|