• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : أخبار وتقارير .
              • القسم الفرعي : أخبار وتقارير .
                    • الموضوع : لِقَناةِ (الفَيْحاءِ) الفَضائِيَّةِ عَنِ الخِطابِ المَرْجِعي اليَوْم؛ فاسِدُونَ نَمّامُونَ ( 1 ) .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

لِقَناةِ (الفَيْحاءِ) الفَضائِيَّةِ عَنِ الخِطابِ المَرْجِعي اليَوْم؛ فاسِدُونَ نَمّامُونَ ( 1 )

   السّؤال الاوّل: ما مدى استجابة الكتل السّياسية لدعوة المرجعية الدّينية العليا للتخلّي عن مبدأ المحاصَصة؟.

   الجواب؛ لا يبدو انّ هناك ايّة استجابة حقيقيّة لحدّ الان من قبل ايّ طرفٍ كان، ربما لان الجميع متورّطون بهذا المرض وان الجميع شاركوا في العمليّة السياسيّة وفي مؤسسات الدّولة التي انبثقت عن الانتخابات التشريعيّة الاخيرة على أساس المحاصصة، ولذلك لا يجرؤ احدٌ على التخلّي عن المحاصصة التي تعني تخلّيه عن مواقع مهمّة في الدّولة وهذا ما لا يقبلهُ أَحدٌ لنفسهِ، انّهم مستفيدون منها وهم يجدون أنفسهم بالمحاصصة فكيف ننتظر منهم ان يتخلّوا عنها من تلقاء أنفسهم؟ هذا جنون!.

   انّهم لن يتخلّوا عنها الا بفعلِ فاعل فقط!.

   تخيّل انّ احدهم لازال يحلم بموقعهِ الرّسمي الذي أُقِيل منه قبل أشهر مديدة، والذي تسنّمهُ بالمحاصصة، ويذكّرني إصرارهُ على التّسمية القديمة بالطاغية الذليل عندما أخبر الذين أخرجوه من البالوعة انّهُ [صدّام حسين رئيس جمهوريّة العراق]!.

   كلّنا نعرف جيداً انّ المحاصصة غيّبت معايير الخِبرة والكفاءة والنزاهة ومبدأ (الرّجل المناسب في المكان المناسب) ولذلك لا اعتقد ان أحداً منهم سيحقّق هذه الرّغبة، لانّهُ سيخسر وكتلتهُ الكثير من مواقع المسؤولية التي تسنّموها بلا استحقاقٍ حقيقي، وانّما في إطار سياسة المحاصصة التي توزّع المسؤوليّات توزيعاً للتراضي والتّوازن فقط!.

   لقد أنتجت المحاصصة فساداً عظيماً، مالياً وادارياً، استفادت منه الكتل السياسيّة، فمَن منهم سيُبدي استعداداً للتخلّي عنها وهو يرى ما تدرُّ عليه من منافع شخصيّة وحزبيّة!. 

   ان التخلّي عن المحاصصة ليست رغبة المرجعيّة فحسب وانّما هي رغبة الشّارع، بل هي حاجة العملية السياسية برمّتها، بعد ان ثبُت للجميع وبالتّجربة العمليّة التي استمرت لحد الان (١٣) عاماً، انّ المحاصصة مبدأ فاشل دمّر البلد وضيّع الفُرص وأضاع التّضحيات.

   انا اعتقد انّ علينا ان نسلك طريقاً آخر لتحقيق هذه الحاجة

الا وهو تشكيل لجنة وطنيّة عليا مستقلّة، أعضاؤها من الكفاءات المعروفة بالتخصّص والخبرة والنّزاهة، مهمّتها التّدقيق في هويّة كلّ مسؤولٍ يتصدّى لموقعٍ ما لتحديد صلاحيّتهِ على أساس المعايير الحضاريّة الحقيقيّة وليس على أساس المحاصصة، وبذلك سنُقيل الكثير منهم ممّن اعتلى المنصب بالمحاصصة وهو لا يفهم شيئاً ابداً وسنكتشف كم انّ في العراق كفاءات وخبرات علميّة ونزيهة ومتخصّصة سنفسح لها المجال لخدمةِ البلد والمساهمة في انتشالهِِ من ازماتهِ وإعادة بنائهِ، بعد ان ظلّت لا تجد لنفسِها الفرصة الحقيقيّة طوال اكثر من عقدٍ من الزّمن!.

   وللتأكّد من إنجاز هذه اللجنة مهمّتها الوطنيّة على احسن وجه اقترح ان ترعاها وتراقبها المرجعيّة بشكلٍ مباشر حتى تحتمي اللجنة بها فلا تتعرّض للضّغط او الابتزاز من ايّ طرفٍ نافذٍ كان.

   السّؤال الثّاني؛ لقد دعت المرجعية اليوم الى الاستعانة بخبراء محليّين ودوليّين لمعالجة الأزمة الماليّة.

   فهل انّ هذا الملف متوقفٌ فقط على وجود الخبراء؟ ام انّ هناك حلقة مفقودة فيه؟.

   الجواب؛ في الحقيقة ان هناك حلقات كثيرة مفقودة، فعندما يُعشعش الفساد المالي والاداري في كلّ مفاصل الدّولة ولا احدَ يجرُؤ على كشف ملفّات الحيتان الكبيرة و (العُجول السّمينة) والأخرى (الحَنيذة) وعندما تغيب النّزاهة في كلّ شيء فماذا بإمكانِ الخُبراء ان يفعلوا؟.

   انّ الخبرة لا يُمكن ان تُنتج في البيئة الفاسدة، وهي لا تقدّم شيئاً اذا تسمّمت الأجواء بالهواء الفاسد، ولذلك ينبغي ان تسير عمليّة الاستعانة بالخبراء والحرب على الفساد في خطّين متوازيين كسكّة القطار ليسير عليها قطار النجاح بشكلٍ سليم.

   هذا شيء، والشيء الآخر، فعندما تكون المحاصصة هي الحاكمة في مفاصل الدّولة وهي التي تحدّد أولويات الدّولة استجابةً لرغبة الكتل السياسيّة ومصالح الزّعامات، السّياسية والعشائريّة والأسريَّة لا فرق! وكذلك الاتّجاهات والسّياسات العامّة للدّولة، فما عسى الخُبراء ان يقدّموا؟.

   في كلّ دول العالم عندما تمرّ البلد في أزمةٍ ويقرّر المسؤولون الاستعانة بالخبراء لتجاوزها فانّ الجميع يصمُت عن الكلام وإبداء الرّأي، فلا يرتفع صوتٌ فوق صوتِ الخُبراء،حصل هذا حتى هنا في الولايات المتّحدة الأميركية عندما مرّت البلاد بالازمة الماليّة المعروفة وقرر الرئيس اوباما في اوّل يَوْمِ دخولهِ البيت الأبيض الاستعانة بالخُبراء.

   امّا ان يرتفعَ اليوم مرّةً أُخرى صوت من تسبّب بكل هذه الأزمة الاقتصادية والفشل في السّياسة الماليّة، ليبشّرُنا باّنهُ الحلّ اذا عاد للسّلطة! فذلك يعني الجنونُ بعينهِ والتّضليل في أقصى درجاتهِ والخَبَلُ والهَبَلُ!.

   صحيح انّنا بحاجةٍ الى خُبراء حقيقيّين لدراسة الظّروف المالية وآفاق المستقبل وأدوات الحلول المقترحة وكذلك لدراسة جذور الأزمة المالية، صحيحٌ كلّ ذلك ولكنّه وحدهُ لا يكفي، بل يجب ان تُمنح هذه الخبرات ليس فقط القدرة على التّنظير من خلال حريّة الوصول الى المعلومة المطلوبة لدراسة كلّ حالة، في جوٍّ آمن، وانّما كذلك القُدرة على وضع الخُطط العمليّة لتنفيذ هذا التّنظير او هذه الرؤية، وهذا لا يكون الا اذا قرّر الجميع، أقصد السياسيّين والمسؤولين، الاصغاء الى هؤلاء الخبراء بعيداً عن المحاصصة وعن المصالح الشّخصيّة والحزبيّة والمناطقيّة الضيّقة.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=73803
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 01 / 30
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15