عند مطالعة أي كتاب نجد أن القارئ قد حدد جملة من النقاط حول هذا الكتاب , سواء كانت إيجابية أم سلبية , و نجده قد رسم صورة عن الكاتب , و أحداث الكتاب بما يشبه التعايش الحي , لذا فإن أي كتاب يأخذ مأخذه من قارئه سلباً أو أيجاباً .
و بالرجوع إلى كتاب ( على نهج محمد ) للكاتب الأمريكي ( كارل إيرنست ) فإننا نحدد جملة من الملاحظات و المؤاخذات حول هذا الكتاب , و حول الكاتب , و أسلوب الكتابة , و المصادر التي أعتمد عليها , و ظروف الكتابة , و المؤثرات التي كان لها الأثر على سير البحث , و أسباب التأليف و دواعيه .
وفق كل ذلك و غيره يمكننا القول :
عنوان الكتاب الأصلي هو ( Following Muhammad ) , المؤلف هو الكاتب الأمريكي ( كارل إيرنست ) , و المترجم هو ( حمزة الحلايقة ) , و الناشر هي ( الدار العربية للعلوم ناشرون ) في ( بيروت / لبنان ) .
و هو عضو في الهيئة العلمية لمجلة ( الاستغراب ) .
الملاحظات النقدية على الكتاب من حيث التأليف و الترجمة هي : ـــ
1ـ عنوان الكتاب بالعربية هو ( على نهج محمد ) , و هذا خطأ وقع فيه المترجم , فهو بخلاف الأصل الإنكليزي , لأننا لو رجعنا للكلمة الإنكليزية ( فلونك ) ( Following Muhammad ) و معناها الدقيق إتباع محمد , و المراد منه هو ( تتبع محمد من خلال أعادة التفكير في الإسلام في العالم المعاصر أو العصر الحاضر ) .
و بذلك يظهر الفرق الشاسع ما بين ( على نهج محمد ) و المراد منها الاقتداء بنهج النبي الأكرم ( ص ) , و بالتالي الاعتراف بأن نهجه ( ص ) هو النهج الصالح و الملائم لكل زمانٍ و مكان . و بين ( تتبع محمد ) و المراد منها التحري و التقصي لمعرفة مواطن القوة و الضعف في الديانة الإسلامية , مع عدم إضفاء أي هالة قدسية على شخص النبي الأكرم ( ص ) , بل اعتباره شخص عادي قام بتجربة معينة حقق من خلالها نجاحاً معيناً تقبله البعض و رفضه البعض الآخر , و هذه التجربة و إن حققت بعض الإيجابيات بنظر البعض إلا أنها تملك الكثير من السلبيات , و يظهر هذا واضحاً و جلياً من خلال مباحث هذا الكتاب ـ أي كتاب كارل إيرنست ـ و ما صرح به بعض المستشرقون و كُتاب الغرب ضد الإسلام , و الذي أشرنا لبعضٍ منه من باب المثال , و لمن أراد المزيد مطالعة الكتب المختصة بذلك .
و لو رجعنا للسبب الرئيس و الأساسي من ترجمة العنوان بهذا الشيء الملفت للنظر نجده لا يخرج عن سببين رئيسيين ألا و هما : ـ
أ ـ لإفهام القراء و العرب و المسلمين بشكل خاص بأن كُتاب الغرب أصحاب عقول متفتحة , و أراء عقلانية , و كتابات محايدة . و هذه الهالة وضعها المتأثرون بالثقافة الغربية , و أصحاب الشعور بالدونية ممن أنبهر بتلك الثقافة و أنكر ذاته و تراثه أمام حضارة و تطور الغرب .
ب ـ إنها كتابات مدسوسة و مدفوع لها , هدفها التأثير على العقلية المسلمة , و لنشر الكتابات الغربية , على حساب التراث العربي الإسلامي , لتحقيق الإنتشار الواسع للتراث الغربي على حساب التراث الإسلامي , و للوقوف بوجه المد الإسلامي الذي يهدد كيان الغرب و مصالحه في الداخل و الخارج . و قد صرح بذلك الرئيس الأمريكي ( تيودور روزفلت ) في بيان له عام ( 1898 ميلادي ) بقوله : ( قدرنا أمركة العالم ) .
...................................
1 : و في الواقع لا يمكن لشخصٍ ما أن يقدس ما لا يعتقد به .
2 : في مبحث ( الهجمة التي شنت على الإسلام , الأسباب و الدوافع ) .
3 : و هي الكتب التي تناولت الأستشراق بالنقد و التحليل , و الكتب التي تصدت لكتابات الغربيين ضد الإسلام .
4 : الأستشراق و الوعي السالب , خيري منصور , ص 91 .
|