تعيش الدوائر الأمنية في أوروبا حالة من القلق، مع مشاركة الآلاف من أبناء القارة العجوز في صفوف تنظيم "داعش" الإرهابي، وسط ترقب من عودتهم والقيام بأعمال إرهابية في القارة مع إعلان فرنسا إحباط هجوم إرهابي.

أعلن مجلس أوروبا أن حوالي 6 آلاف أوروبي يحاربون في صفوف "داعش" وغيره من التنظيمات الإرهابية في الشرق الأوسط.
وقال فيليب بوايا المدير العام لشئون حقوق الإنسان وسيادة القانون للأمانة العامة لمجلس أوروبا في كلمة ألقاها في مؤتمر الرابطة الدولية للمدعين في سوتشي اليوم الأربعاء 11 نوفمبر: إن هناك نحو 25 ألف مسلح أجنبي من أكثر من 100 بلد يحاربون في صفوف الجماعات الإرهابية، و6 آلاف بينهم – أوروبيون.
وأكد بوايا أن المرتزقة الأجانب يتسببون في تفاقم النزاعات المسلحة وإطالتها، ويمثل بعضهم خطرًا كبيرًا على أوطانهم بعد العودة، من خلال قيامهم بتدبير أعمال إرهابية أو نشر أفكار متطرفة بين الآخرين.
وكان المدعي العام الروسي يوري تشايكا قد أعلن أمس الثلاثاء أن نسبة المرتزقة الأجانب من عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي، تتجاوز 40%.
من جانبه أعلن يفغيني سيسويف نائب مدير هيئة الأمن الفدرالية الروسية أن حوالي 30 ألف أجنبي يحاربون في صفوف "داعش"، بينهم 7 آلاف من المنحدرين من دول الاتحاد السوفيتي السابق، بما فيها روسيا.
فرنسا تحبط هجومًا
فيما أعلنت فرنسا اول أمس الثلاثاء عن إحباط مخطط إرهابي لشن هجوم ضد عسكريين من سلاح البحرية بمدينة تولوز جنوب البلاد.
وقال وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف في بيان: "حاول شخص متشدد (25 عامًا) الحصول على أدوات لتنفيذ هجوم، وكان هذا الشخص قيد المراقبة لمدة عام بسبب تشدده ودعمه لأفكار متطرفة، وألقي القبض عليه في 29 أكتوبر ووجهت إليه اتهامات تتعلق بالإرهاب".
وذكرت مصادر فرنسية "فرانس 24" أن المشتبه به (25 عامًا) كان منذ أشهر ضمن دائرة رصد جهاز الاستخبارات الفرنسية، مؤكدةً بذلك معلومات بثتها شبكة التلفزيون "كنال بلوس".
وأضافت المصادر أنه وضع خلال خضوعه للمراقبة طردًا في البريد ما أثار الشبهات حوله، وتَبَيَّنَ أنه يحتوي على سكين وعلى غطاء للرأس على الأقل.
وأقر خلال الاحتجاز بعلاقته مع جهادي فرنسي توجه إلى سوريا وقد حضه عبر الإنترنت على تنفيذ عمله. واعترف بالتخطيط لاعتداء يستهدف العسكريين، حسب مصدر مقرب من الملف، مُضيفًا أنه لم يكن قد وضع بعد خطة محددة.
وقالت شبكة تلفزيون "بي اف ام" الفرنسية: إن الرجل اعترف أيضًا أنه كان على اتصال بعضو في تنظيم "داعش".
إحباط هجوم "داعش" في فرنسا، جاء وفقًا لتوقعات الجهات الأمنية والاستخبارية الفرنسية، في أواخر أكتوبر الماضي، حول قيام تنظيم داعش الإرهابي بشن هجمات جديدة على عدد من الدول الأوروبية من أبرزها ألمانيا وإسبانيا وفرنسا، ومن المتوقع أن يكون أفراد التنظيم الإرهابي المكلفين بهذه العمليات من هذه البلدان، وهذه هي الاستراتيجية الجديدة لإرهابيي "داعش"، بحسب إذاعة "فرانس إنفو" الفرنسية في 26 أكتوبر الماضي.
ونقلت الإذاعة الفرنسية، عن تقرير سري من المخابرات الفرنسية، أن اختيار "داعش" لعناصر من نفس البلد التي سيكون فيها أعمالهم الإرهابية، جاء ليكون دخولهم أسهل إلى هذه البلدان؛ لأن الأغراب عن الدول من الطبيعي أن تكثف الدولة جهدها في التحري عنهم؛ مما يسهل انكشاف أمرهم أمامهم. وأشار تقرير المخابرات أن "داعش" يجهل تمامًا وعي أوروبا وإمكاناتها في مواجهة الإرهاب، وخاصة "فرنسا"، ويرى أن الدول لا يوجد لديهم تبادل للمعلومات؛ مما يجعل القبض عليه أمرًا غير سهل، وهذه هي الفكرة التي تؤكد لهم أن عملياتهم سوف تنجح. وقال تقرير الاستخبارات الفرنسية: إن وجهة نظرهم في التهاون الأمني في أوروبا هو ما حدث في قطار تاليس في أغسطس الماضي، وتنقل في القطار عبر إسبانيا وبلجيكا وفرنسا، ولم ينكشف أمره إلا بعد استخدامه سلاحه "الكلاشينكوف".

يمكن القول: إن الحالة الداعشية لدى أجهزة الأمن الأوروبية تحولت من مجرد هاجس، إلى واقع على الأرض مع وقوع بعض العمليات الإرهابية التي تكون بتحريض من التنظيم الإرهابي، فالتهديد الإرهابي للدول الأوروبية مرتبط بمجموعة من الحقائق، أهمها أن انتشار نفوذ "داعش" وتمدده في المنطقة العربية وخاصة في ليبيا وسوريا يمثل ضربة "قاسمة" للحرب العالمية على الإرهاب، التي تقودها الولايات المتحدة.
وتنظيم "داعش" لم تكن تهديداته مجرد صرخة في الهواء، بل إن عدد الارهابيين الأوروبيين العائدين إلى بلدانهم لن يساعد فقط على نشر أفكار داعش فحسب، بل سيعمل على تسريع ظهور خلايا إرهابية في مختلف الدول الأوروبية. ولكن العقبة التي تواجههم أن القوانين الأوروبية متساهلة حيال حق الحرية في التظاهر السلمي، والتي سمحت للمتعاطفين ومؤيدي "داعش" أن يشاركوا في مسيرات مؤيدة لهم.. فهل ستنجح أوروبا في مواجهة إرهاب "داعش"؟
|