• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الكتابة والخطابة بين انغلاق اليمين المتطرف ونشاز اليسار المأزوم .
                          • الكاتب : الشيخ ليث الكربلائي .

الكتابة والخطابة بين انغلاق اليمين المتطرف ونشاز اليسار المأزوم

لاشك ان كل كاتب يحترم فنه وعلمه يجد نفسه بين مطرقتي اليمين واليسار وسندان الحقيقة .
اليمين المحافظ يريده جدارا اصما لا وظيفة له سوى صد الهجمات عن تراث ليس من شأنه التفكير في فهمه اصلا بل في مرتبة معينة يريده لعانا شتاما يكفر هذا مرة ويقمع ذاك ثانية وينعت ثالث بالابتداع وهلم جرا
اما اليسار الذي يدعي التحرر فيريده قلما مبتذلا متحللا من جميع القيم والمبادىء .. يخط على قراطيس العقول الواهنة مفاهيما براقة ليس بالضرورة ان يفهمها انما المهم ان يخطف الاسماع بطريقة اتقانها كأنه ببغاء قضى سني شبابه في الغرب ثم استوطن الشرق بل في مرتبة معينة يريده اداة في اتهام هذا بالتخريف مرة وذاك بالتخلف ثانية وثالث بالرجعية وهلم جرا
بل في كثير من الاحيان يريده متعطشا للدماء على طريقتهم الشمشونية " هدم المعبد على من فيه " وبهذا لن يختلف اليسار كثيرا عن اليمين من حيث النتيجة فكلاهما ينتهي باغتيال الانسانية .
قبل ايام كنت استمع ليساري وهو يقول بان أئمة " مؤسسي " المذاهب الاربعة يجب ان يصلبوا وتقطع ايديهم وارجلهم !!.. هكذا يتعامل اليساريون مع من يخالفهم في الفكر رغم مفاهيمهم البراقة من حرية وتعايش سلمي وما الى ذلك .. لذا قلت ليس مهما عندهم ان تفهم شيئا من تلك المفاهيم انما المهم ان تجعلها وردا تطرق به الاسماع ليس اكثر !!
هكذا يلتقي كل من اليمين واليسار في نقطة واحدة تدعى " الدَعْوَشَة " دين ضد الدين كما يقول شريعتي او داعش ضد داعش فالامر صار سيان بعد ان اختلطت المفاهيم وانتزعت من الالفاظ كل قيمها الدلالية في تجربة تكاد ان تعيد للسفسطة عصرها الذهبي .
مهما اختلفت المظاهر والعناوين وتنوعت الوان الوجوه في بلاد العربان فان اكثر القلوب تلتقي عند هدف واحد هو التعطش للدماء واللهث وراء المصالح الشخصية ثم تبادل شتيمة العمالة تلك الشتيمة التي كادت ان ان تكون من موجبات العزة والفخار لاقترانها الدائم باسماء سادات القوم وعيونهم واخيرا امراءهم !!
والادهى من ذلك كثرة الببغاوات التي تم تلقينها في الغرب والتي يميزها عن العملاء فقدانها للادراك والاختيار معا وكلا الفريقين يشتركان في ازمة الذات !!
في حين يحاول اليمين ان يحفظ كل شاردة وواردة فيها رائحة من اذيال السلف الذي صار رميما يحاول اليسار التمرد على كل شيء صالحا كان ام طالحا اذ لايعشق اليساريون من الحياة سوى حياة المتآمرين كأتباع لورد بيرون لا هم لهم سوى حرق بلادهم كما يصفهم بلزاك .
أرأيت كم يتقزز ضيفك العربي ان قدمت له طبقا من النمل الابيض ! هذا الطبق الذي يعد شهيا وفاخرا في بعض البلدان أرأيت كيف أشعرك بالتعاسة اذ لم تراعي ظروف الزمان والمكان .
توصيف دقيق ورائع من الدكتور علي الوردي عندما يقول ان هؤلاء اليساريون يقدمون لبلداننا اطباقا من النمل الابيض لا توجب لشعوبنا سوى التقزز والقشعريرة .
اليساريون هؤلاء ببغاوات تنسخ تجربة الغرب في الشرق غاضين عينهم الحولاء عن اختلاف الزمان والمكان الذي دوما يطالبون المؤسسة الدينية بمراعاته ويغفلون هم عنه في اهم قضاياهم .
على مسافة من هاتين المطرقتين هناك تقف الحقيقة الصلبة التي تحتضن كل من استطاع الهروب منهما .
فالكاتب الناجع وليس الناجح هو من شق طريقه وسطا بين اليمين واليسار قاصدا الحقيقة .
وليس الوسطية ههنا بين حق وباطل فكل ما سوى الحق ليس بحق انما هي وسطية بين باطلين .. وسطية بين الافراط والتفريط .. هذه هي وسطية الحق وحق الوسطية !
والامر برمته غير محصور بالمفكرين والكتاب بل يتعداهما للخطباء ايضا .. مع اني لست خطيبا ولا انوي ان اكون ولكن بنظرة عابرة على الجمهور المتابع للخطابة ستجد فيهم ذات المطرقتين والسندان والخطيب الناجع من اختار طريقا وسطا .
حاشية :
قبل بضعة ايام كان في النية نشر 10 حلقات بعنوان وقفة مع الشعائر تتضمن عناوين فرعية كثيرة وقد تم نشر الاولى هنا في كتابات في الميزان ولكن بعدها بيوم وصلني اميل من محرر صحيفة معينة يطالبني ان اكون اكثر جرأة في النقد وبعد أخذ ورد كان صريحا في دعوتي الى مهاجمة ما اسماه "الخرافات"  يقصد الشعائر وواضح ان هؤلاء لا يهمهم اسم الكاتب وانما يحبذون المتاجرة بالعمامة ليس اكثر .. وبما ان الحلقات التسع المتبقية تنطوي على شيء من الكلام الذي يمكن لهذا الرجل ان يفهمه خطأ بما ينسجم مع اهدافه اللاثقافية وتوحي له بانصياعي لمطالبه قررت عدم نشرها .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=69360
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 10 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15