• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : قصة قصيرة ( الصدفة ) .
                          • الكاتب : هادي عباس حسين .

قصة قصيرة ( الصدفة )

من الممكن أن أكن أجمل من صورتي التي انا بها لقبت نفسي بالجتاوي ولا ادري كيف تنازلت عن اسم عشيرتي واخترت عشيرة لي دون أن أتعرف عن أصولها وتاريخها ولربما لا يوجد أي تاريخ لها أنها من نسيج الخيال الذي سيطر علي بفترة زمنية لم اشعر به بتاتا , لكن اليوم مثلما غيرت في الانتماء أريد أن أغير من شكلي وهيئتي التي تبادر إلى ذهني أن تكون أولى المناطق التي سأبدأ بتغيرها  هي الجهة العليا من صف أسناني التي تؤلمني باستمرار , بالحقيقة لم ادخل أي عيادة لطب الأسنان لآني رجلا أتعامل بالطب البديل وليس الكيميائي الحديث لكني استسلمت لهاتف اسمعه بأذني
_ عيادة طب الأسنان وهذه طبيبة تستطيع ان تساعدني في تغير شيئا من معالمي 
كانت الفكرة تدور في مخيلتي وتحملني صورا خياليا لشكلي لو اقتلعت هذين السنين العلويين لان منظرهما بات لا يعجبني لست أنا وحدي بل حتى أفراد عائلتي اجمعهم, لكن الأوامر التي صدرت من وزارة الداخلية كما اسميها أن أنفذ ما يدور في راسي , أنها ربة بيتي وسيدة عائلتي التي مرات أتناسى نفسي لأنهض مؤديا لها تحيتي المتكررة 
_ صار سيدي .. تأمر ..
ونفذت أمرها وأمري وأمر الله أن أكن جليسا على كرسي طبيبة الأسنان التي كلما اقتربت الى شعرت بأنفاسها تلفح وجهي لتسمعني كلاما عاديا 
_ أسنانك متعبة ...
لم أرد بل ابتسم ابتسامة الرضا وفي مخيلتي أن تتغير صورتي ولوجهي الذي لازمني لسنوات اجتازت الستين عام, لقد تعبت من ملازمتي لهذا الوجه الذي ازداد سواء كلما مرت عليه السنوات ,مرة أراها تمسك أدوات عملها بشيء من الجدية وأخرى أجدها متهاونة ولم تهتم بأسناني حتى اختلطت في مخيلتي أن أرى أسناني التي اتفقت معها على إقلاعها وان تنتهي معاناتي من شكلهما الذي بات يحيرني , استعدلت بجلستي وقلت لها 
_ أنت طبيبة صغيرة السن ...هل هذه عيادتك ...؟
تنفست الصعداء وبصعوبة أجابتني 
_ كيف تتوقع أنها لي وهذه الأجهزة الباهظة الثمن ..
نظرت في وجهها مليئا وسألتها ثانية 
_ لمن أذا ..؟
تحركت مبتعدة عني شيئا ما وأجابت 
_أنها لطبيب مسافر إلى الخارج....
أجبتها بالحال 
_ أكثر الأطباء هربوا إلى الخارج ونسوا أنهم يفرون من يوم يلاقوه مهما تهربوا منه ...
وجهها صار مقابلا لوجهي واستمرت بالكلام 
_ لم يسافر إلى الخارج ...بل الى اربيل ...
مرت أطياف كثيرة تجمعت أمام عيني  وما اسمعه من أقاويل لأناس أرادوا ان يتطببوا في اربيل كانت شروطهم أن يتعهد بجلب كفيل , ولربما بعد سنوات لا ندخل شمالنا الحبيب الا بجواز سفر , انتبهت على صوتها الرفيع 
_ يا حاج ... انظر إلى وجهك ...
تمعنت في المرآة أن أسناني اقتلعت وأصبح بينها  فراغا واضحا   لتزداد صورة  وجهي  سوءا وبالتحديد مقدمة فمي , فرحي لا يوصف  وإحساسي لا يمكن السيطرة عليه وأنا اذهب لعيادتها كي تعمل لي بدلا لأسناني التي قلعتها لتتحسن صورة وجهي لكني فوجئت بالصدفة آن العيادة أغلقت بأمر من صاحبها الشرعي الدكتور المسافر حزنت كثيرا وكدت ابكي لأنني لم يحالفني الحظ بهذه الصدفة التي تركت في نفسي أثرا يذكرني بالمأساة التي أوقعت روحي بها أقلعت أسناني وبقيت بلا أسنان ...أنها مؤلمة ..



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=69328
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 10 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 16