هناك الكثير من الاقوال تصدر هذه الإيام من بعض الافراد اللادينين والملحدين بأن العلم الحديث والحضارة بأجهزتها الحديثة اخذت ترصد الاسباب الكونية وبما فيها، واصبح العلم يسيطر على الطبيعة وأن كل شيء مجهول سيعرف كنهه في المستقبل القريب وهذا فعلاً ما حدث، وبالتالي بعد هذا التقدم يوم بعد يوم تجعلنا غير محتاجين عبادة الله أو أعتناق دين معين؟ فالعلم كفيل بتقديم حاجات البشر النفسية والاجتماعية والاقتصادية....ألخ، فيقولون أن الاديان وعبادة الآله هي ضرب من الاساطير كانت ضرورية لمدة من الزمن في المجتمعات القديمة.
وفعلاً عندما درسوا الانثروبولوجيين وعلماء اجتماع الدين المجتمعات البدائية وجدوا ان المجتمع البدائي يعبد الإله خوفاً من المجهول، وهذا المجهول يقلق الانسان القديم فيخترع آله ويتزلف إليه حتى يجلب استمالته، فكانوا يخافون من الأعصار والامطار والرياح والشمس ولا يعرفوا اسباب حدوث هذه الكوراث الطبيعية فيتعبدوا لها حتى يرضونها. فالبرفسور جيمس فريزر في كتابه (الغصن الذهبي) يقول كان البشر سابقاً يستخدمون السحر لمعرفة الاسباب الطبيعية والسيطرة عليها وعندما عجز السحر عن تفسير الاسباب ظهر الدين كبديل للسحر، وهذا واضح جداً. لكن السؤال يطرح هل فعلاً ان معرفة الاسباب تغنينا عن عبادة الله؟ هل المجتمعات البدائية كانت موهمة عندما عبدت خوفها من المجهول فحسب؟ هل الفرضية التي يتبناها اللادينين والملحدين في الوقت الحاضر بأن لا حاجة لنا لعبادة الله لأن اصبح العلم يعرف الاسباب الطبيعة ويسيطر عليها؟.
أن من المغلوط ان تكون هناك علاقة عكسية بين معرفة الاسباب والسيطرة على الطبيعة وعن عبادة الله ومعرفته، بل هناك علاقة طردية في جوهر الأمر وهو كلما عرفنا الاسباب وتقدمنا عليماً للسيطرة عليها زاد تمسكنا بالله بعظمة خلقة التي تكتشف يوم بعد يوم.
ولو فرضنا ان الله هو الخالق للوجود، وهذه الفرضية نطرحها على اللادينين والملحدين لأنها مقبولة عندهم، فقلنا ان معرفة الاسباب الطبيعية والتقدم العلمي ماهي إلا استكشاف آثار الله على الطبيعة والخلق فنيوتن مثلاً عندما اكتشف الجاذبية فهو كشف عن آثار الله فالجاذبية موجودة قبل البشرية وجاء نيوتن كشفها بعد ردحاً من الدهر وكذلك في العلوم الطبيعية الأخرى، إذن ان العقل البشري متأخر جداً في كشف صناعة الله وتتقنايتها، كذلك وحسب الفرضية ان الله خالق العقل البشري وهذا العقل البشري فيه ملكات ذهنية لا محدودة كما يقول ليفي برول فالمنطق العقلي يقتضي ان وجود العقل في الأنسان هو ان يعرف ويتعلم مافي الوجود، فإذا كان الله يريد من الأنسان ان يكون جاهلاً بكل شيء فلماذا خلق له العقل الذي يستطيع ان يعرف أغلب الأشياء، فضلاً عن أن الكثيبر من المفكرين الدينين والأسلامين يؤمنون آيامناً جزمياً في التطور العلمي والتقني ويعتبرون هذا مما اوصاهم الله به لأن الله حث على العلم وكرم العلماء في القرآن الكريم.
ان مشكلة الملحدين واللادينين دائما يأخذون مصادر الدين من المجتمعات الشعبية وهذه المجتمعات تخاف من المجهول وتعبد الله على هذا الأساس كما انها تمارس البدع والطقوس الدخيلة على الدين لأن ثقافتها تقتضي ذلك، فيتصورن الملحدين واللادينين ان الدين الحالي ما هو إلا استمرار للديانات الوثنية متناسين المصادر الدينية العليا والحكمة العليا الموجودة في القرآن الكريم وعلمية وعبقرية النبي محمد(ص) مؤسس الأسلام. هذا ولنا مقال آخر في هذا الموضوع بحثاً عنه في القرآن الكريم.