الصيف يستقبل البيلسان و لا زال الثلج يواصل تساقطه بلا نضوب في داخلها .
عام من الثلج و النار ، خصمان من نقيض .. ينفرد الثلج بالتمرد و الوهم ظناً بأنه يخمد النار الا انها ألسنة لا تخبو و لا تعرف تأجيل مواعيد تأججها الليلي غير مبالية بأرتياب الاحتمالات و غير مدافعة عن هشاشة - الممكن - بمزيد من الانتظار .
عام من البرد و الإشتهاء لليل يهبط بالظلام على عجل و مطر لا يمل الهطول على قلب كنِّف بالدفئ و الرياش و قد علَّق الامنيات بسنة جميلة ..
ذلك الكم من بهجة البرد يزيد من شوقها اليه و هو اله الثلج و مدفأة الاشواق .
سحبت قرطاساً و كتبت :
" اثناء سيرك في أزقة الأقدار تعثرت بظل امرأة خارج حدوث المعجزات وقتما انشقت السماء بسيول من الأمطار فكأنها كانت تبكي عنك "
دفعت الورقة بأستياء و تنهدت :-
- اي فلسفة فارغة هذه ! كم مرة يجب ان أتذكر وصيته ؟ - أكتبي و انت بمزاج رائق -
سخرية اخرى من الواقع .. المزاج كما يؤثثه هو فنجان من البن و ثمة قراطيس و محبرة و ليل طويل .. فيقيم علاقة كسولة مع الأرق بأن يفكَّ ربطة عنق الوقت و يترك قميصه مفتوحا لرياح المد و الجزر الحبري ..
و لكن .. تبقى الحيرة في - ماذا سأكتب بعد ان اؤثث نفسي - ؟؟
ففكرة ان تجلس مسترخيا تحت سطوة اشرطة الذكريات في مخادعة الزمن و انت تخشى انفراط حبات قلادة الصبر غير مرتجياً غير لهفة اللقاء .. اختيارا مريرا .
سحبتْ الورقة مرة اخرى و كتبتْ :-
((احب ذلك التبذير في الحب وفيَّةً للأمكنة بتبدل الأزمنة ))
سجينةً كانت ذات ليلة على طاولة و كرسي هزاز جالسها يوما هناك و قد ارتجل فيها قصيدة مشتهاة كقطاف شجرة التوت البكر !
بعد ان ذوبت الفرحة في فنجان الشاي الساخن مع دمعة اخرى للشوق بوحشة فنار بحري في ليل ممطر .. عسى قوارب الحنين تحمله اليها حتى الطاولة نفسها فتتحقق شهقة المباغتة الجميلة بأرتعاد لوعتها عند اللقاء بأندهاش نظرتها و ذوبان الضمة الاولى التي طالما حلمت بها .. ترى الى اي حد ستستمر الحياة في معابثتها و كم يستلزم ان تبقى صامدة امام تلك الانفة المشوبة بالجنون التي تجتاحها .. امام رائحة البن و الحبر .. امام المرافئ و المطر .. بجنون الربيع و ذكريات الشتاء و بياض البيلسان |