طلب نيل الشهادة والحشر مع العليين أمنية تتولد لكل من يدافع عن الوطن والمقدسات والعرض , لكنها رزق لايهبها الله الا لمن يصطفيه ويختاره عن سائر الجمع , فبعد ان خاض العراق حروبا ضروس راح ضحيتها الكثير من فلذات أكباد الآباء والأمهات أو الآباء أنفسهم , وهناك من خرج من هذه الحروب العبثية دونما جرح او عاهة او علامة فارقة فبعد انتهاء الحرب اكتفى بسرد القصص والمواقف في حروبه التي خاضها ولم تعد الشهادة تراوده خصوصا بعد أحداث سقوط الصنم الى ما قبل دخول داعش وفتوى المرجعية الرشيدة , فبطلنا البدراوي لم يتخيل نيل الشهادة بعد أربعة عشر سنة في حرب القادسية الطاحنة او حرب الكويت فبعد انتهاء مكلفيته عاد ليعمل بعد ان أنهكته الحروب فعمل في اشق المهن وأشرفها ولم يتذمر يوما من ضنك العيش او العوز فتعودت يداه ان تطعم عائلته من عرق جبينها ومجل ( أدوات العمالة ) فعند إفتاء المرجعية بالجهاد هب وغيرته تحمل جسده وليست أقدامه .. فسطر أروع البطولات في جهاده رغم ان عائلته كانت تبقى دون طعام ومصرف , فوعده الله بالشهادة بعد كل تلك السنين من الشقاء فكانت خاتمة شهادته عرسا لشاب عشريني احتضن عروسه بكلتا ذراعيه وغرس ذقنه على كتفها !!! فتيقن الجميع انه من اهل الشهادة فحينما يختارهم الله يكون الاختيار الا ضمن مواصفات ومؤهلات خاصة ففخرت به عائلته وأهله ومدينته لأنه عاش بشرف واستشهد بشرف .
اما بطلنا الثاني النداوي فوجه التشابه مع البطل الأول كبيرة لأنه أيضا كان يحمل غيرة قل نظيرها فكانت تمتزج دموعه مع كلماته لتعطي أروع صور البسالة والإقدام فكان يتبرع براتبه لجنوده ويشتري لهم الطعام ومتطلباتهم الأخرى وعبارة أمه الشهيرة له حينما يعود مجازا ( متكلي وين تودي راتبك يا يمه ... ) لأنه كان يقترض مصرف أطفاله منها .. فجوابه دائما لها ( ماكو رواتب ما قروا الميزانية .. ) وعلى الرغم من أعطائه الأمان بالانسحاب وترك المقر مــن قبل الدواعش ومناصريهم مــن العشائر رفض ذلك وقـــال ( هيهات ... هيهات ) فنال الشهادة التي تمناها وقال لجنوده أنا أتقدمكم وأتمنى أن استشهد فرزقه الله ما تمنى ...
في الخاتمة أقول ... ان البعض راهن على اندثار الهوية العراقية الحقيقية من خلال الحروب والقمع وأساليب البعث القذرة وسلب الغيرة من الجسد العراقي الشريف فكانت الجواب عكس ذلك فراضع الحليب الطاهر يمكن ان تكون غيرته في سبات ولكنها لم تغادره أطلاقا فأبطالنا المختارون هم من أكدوا هذا الكلام شأنهم شأن أصحاب الحسين الذين يأس البعض منهم على نيل الشهادة رغم كبر سنهم الا ان الله اصطفاهم على كبر سنهم لينصروا الحسين ويستشهدوا بين يديه ليخلدوا ... فلم ولن ننسى شهدائنا الأبطال رحمكم الله وحشركم مع ركب الحسين وأنصاره .
|