كم ترددت وفكرت مليا الف الف مرة قبل ان اطلق العنان لقلمي ان أكتب شيئا فيه جواب او تعليق على كلام سيد المقاومة سماحة السيد حسن نصر الله، وانا من الذين يكنون له كل الحب والتقدير والإعجاب بل والتاييد في فكره ونهجه وأكثر من ذلك كله...وسبب التردد ليس خوفا من ردود افعال البعض ممن يدعي ارتباطه او تأييده لسماحة السيد او لنهج المقاومة ونهج حزب الله في التعاطي مع قضايا المنطقة ولكن حرصا مني ان لا أقول شيئا قد يكون فيه توهين لا سمح الله لموقف السيد وهذا ما لا ابتغيه ولكن لا بد من توضيح بعض الأمور المهمة، وهذا لا أشكال فيه فليس فينا معصوم من التوهم والنسيان..
في معرض تناول سماحة السيد للشان العراقي وكيف ان السعودية بنظامها ومخابراتها دعمت وساندت داعش، وان من يرسل الانتحاريين والمفخخات هو ذات النظام السعودي، وكل هذا صحيح ولا غبار عليه، ولكن لم يذكر لنا سماحة السيد من أين كان يمر هؤلاء الانتحاريين ومن أي معابر كانت تمر الشاحنات المليئة بالمتفجرات لتمعن تقتيلا بالعراقيين المظلومين! أولم يمروا عبر "سوريا الأسد" كما سماها سماحته في اكثر من مرة، أولم يتدرب هؤلاء على الذبح في معسكرات اللاذقية و غيره؟ وهذا كله في مرحلة ماقبل الأحداث المؤلمة في سوريا، والتي كان النظام السوري وبقيادة نفس "الأسد" الذي سمى البلاد كلها باسمه!
او لا يعلم السيد بهذا، وهو الخبير بشؤون المنطقة كلها! ام للضرورة احكام؟
والشي بالشئ يذكر ان الذي أكد لنا ذلك و طلب تدخلا دوليا لوقفه هو "المالكي" الذي يسترسل سماحته ليذكر ان السبب من وراء ذلك الدعم السعودي هو إسقاطه... وهنا اتساءل ما الذي يريد ان يقوله لنا سماحة السيد، هل ان العراق هو "عراق المالكي" كما هو الحال في "سوريا الأسد"؟ او ليس السبب من وراء السياسة السعودية هو إسقاط المشروع العراقي برمته؟
المشروع الذي ضحى ويضحي من اجله العراقيون الآلاف المؤلفة!!! قدموا الغالي والنفيس، قدموا الدماء والعلماء على محراب الحرية! وهل ان مايهم السعودية شخصا بحجم المالكي؟ لا يا سيدي.!
ان السعودية لا يهمها حكومة المالكي ولا غيره، ان الذي يهمها اكبر بكثير من ذلك، ان الذي يهمها هو العراق بغالبيته المطلقة، ما يهمها هو المرجعية الرشيدة، ما يهمها هو ذاك التمسك والالتفاف غير منقطع النظير مع المرجعية الحكيمة والذي هب عن بكرة ابيه بمجرد سماعه لفتواها بالجهاد الكفائي والتي لم يذكرها سماحة السيد وكأنه لم يسمع بها! تلك الفتوى والتي لولاها لكنا شاهدنا داعش على أبواب الجميع في المنطقة وبلا استثناء! تلك الفتوى التي هزت قلوب المؤمنين العراقيين فحملوا السلاح ليس دفاعا عن أنفسهم فحسب وإنما دفاعا عن كل الأمة وكرامتها وعزتها ودرءا للخطر الذي قد يصيبها من داعش وغيرها، دفاعا عن بلاد الجوار والتي قطعا سوف تُستهدف لاحقا لو لم تحسم المرجعية الشجاعة الامر بفتواها وهي "تسديد الهي" كما وصفها سماحة السيد علي الخامنئي.. ومن جاء ليساند ويدعم بالسلاح والخبراء فهو جزء من هذا الجهاد الذي دعت اليه المرجعية وتحت رايتها وليس غير ذلك...
اسمحوا لي ياسيدي ان آصف المقاومة العراقية بنفس الكلمات التي وصفت فيها المقاومة اللبنانية وبدون اي زيادة او نقصان عندما ذكرت الدعم الايراني للمقاومة اللبنانية، فدعني أقول ذات الشي عن المقاومة العراقية "ان المقاومة في العراق كانت عراقية، رجالها، نساؤها، شهداؤها، أسراها، ابطالها، جراحها، أيتامها، عوائل شهدائها، قضيتها، حركتها، قرارها... كان عراقيا مئة بالمئة، لم تكن مقاومة إيرانية، لكن لأنكم لا تعترفون بشعب اسمه العراقي، شعب عراقي ومقاومة عراقية وحركة عراقية وارادة عراقية" وأزيد كما زاد سماحة السيد في توصيفه لقيادة المقاومة اللبنانية وتوضيحا منه للدور الايراني، فأقول "نحن قيادة مستقلة، نحن ندرس، نحن نقرر، نحن احيانا نسترشد بآرائهم وبخبرتهم، ولكن لم يعطونا في يوم من الأيام قرارا"
سيدي أود ان اطمانك من ان العراقيين وقياداتهم الحكيمة يملكون من الشجاعة ما يكفي لكي يقولوا ويظهروا الحقيقة، فها هم يخطون هذه الحقيقة يوميا بالدم في ساحات الجهاد، ولا ينتظرون من يَطلب مِنهم ذلك .. ولو حرصا مِنه ومحبةً، كما لا يريدون ان يبخس حقهم او ان يستصغرهم الآخرون ولو سهوا! فمهلا بِنَا سيدي حسن نصر الله... |