زار جماعة من طلبة العلم في كربلاء المقدسة المرجع الديني الأعلى سماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني (دام ظله الوارف) وبعد ترحيب سماحته بطلبة العلوم الدينية ألقى (دام ظله) عدة وصايا مهمة نذكر أهمها بنحوٍ من التصرف والإيجاز بما لا يخل بالمقصود:
تحدّث سماحة السيد السيستاني (دام ظله الشريف) حول جنبتين تتعلقان بطالب العلم وهما التحصيل العلمي وتزكية النفس
أما الجنبة الأولى فقد أفاد (دام وجوده) أنّ اللازم على كل طالب علم تحصيل العلم بكل جدٍّ واجتهاد، واتباع طريقة السلف الصالح من علمائنا الأبرار رضوان الله عليهم في الاشتغال بالتحصيل، وذلك عن طريق:
١- تحضير الدرس وقراءة الشروح قبل حضور الدرس، وينبغي أن يكون ذلك من المنابع الصحيحة.
٢- اختيار الأستاذ الذي تتوفر فيه صفة العلمية حتى لو لم يكن مشهوراً، وترك الأستاذ المنشغل بغير العلم وان كان مشهوراً.
٣- المباحثة بعد الدرس للوقوف على النقاط المهمة.
٤- الجد في التحصيل، وترك الاشتغال بالقال والقيل، وتقليل الأمور الاجتماعية غير الضرورية، فإن عدم الالتزام بهذه الأمور حرم الكثير من الطلبة من نيل درجة الاجتهاد، فالانشغال الاجتماعي الذي يكون أكثر من اللازم الضروري خطأ كبير وخلاف ما ينقل من سيرة كبار الفقهاء والعلماء.
٥- عدم طرق أبواب السياسة والأحزاب مهما يكن اسمها.
وشدد سماحته على اغتنام فرصة أيام تعطيل الدراسة في العطلة الصيفية واستغلالها في:
أ- مراجعة الدروس الماضية.
ب- قراءة القرآن الكريم وحفظ ما لا يقل عن خمسة أجزاء منه.
ج- حفظ ما يستطيع من نهج البلاغة، وتحصين الطالب نفسه بالعقائد الصحيحة وليقتدر على الدفاع عن المذهب إن تطلّب الأمر ذلك.
د- تهيئة وتدريب النفس - بعد إصلاحها - على أسلوب علمي جيد للقاء الناس والمؤمنين، وذلك بأن يجمع الطالب بعض الطلبة حوله ويلقي عليهم ما فهمه من أمور العقيدة والشريعة فيصححون له مواضع الاشتباه، ليكون متهيئاً لتولي مسؤوليته الشرعية لو طُلب منه ذلك.
وأما الجنبة الثانية فقد أفاد سماحة المرجع الأعلى (رعاه الله وأدام أيامه) أن على طالب العلم الابتداء بتزكية نفسه أولاً ثم تزكية المؤمنين وتعليمهم ليكون مصداقاً لقوله تعالى (فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) ولا يتحقق ذلك إلا بالاشتغال بتزكية نفسه والمناجاة ليلاً والترفّع عن المحارم قبل إبداء النصح للمؤمنين بالتقوى والابتعاد عن المحارم، وعلى الطالب مطالعة روايات الأئمة المعصومين عليهم السلام في جانب جهاد النفس فإنّ فيها الكفاية، وقد جمعها الشيخ الحر العاملي قدس سره في وسائل الشيعة في باب الجهاد.
وفي ختام لقائه مُدّ ظله قال: تجاربي في هذه الحياة كثيرة جداً، ولكن أهم شيء يمكنني أن أنصحكم به هو أنه إذا كان عملك خالصاً لله وتريد به وجهه تعالى فلا تغضب أو تتألم إذا أخذه منك غيرك وادعاه لنفسه؛ لأن الله سبحانه وتعالى عالمٌ بالذي قام بهذا الجهد وأسسه، وعلمُ الله كافٍ في سكون قلبك وطمأنينة فؤادك بأن جهدك لم يذهب سدى.
وأخيرا توجّه سماحته بالدعاء إلى الله تعالى للطلبة بأن ينهلوا من علوم آل بيت محمد صلى الله عليه وآله وأن يكونوا من العلماء العاملين. |