عند الحديث عن شخصية الخطيب الكبير السيد جاسم الطويرجاوي ( اعزه الله ) تتراءى لنا ثلاث صور رائعة وهاجة .
الصورة الأولى: صورة الأدب العالي الرفيع
فكل ما ذكر السيد جاسم الطويرجاوي كلما أستحضر الذهن ذلك الخطيب المبدع وذلك والشاعر القدير الذي أستطاع بكتاباته وخطاباته أن يؤسس مدرسة خاصة في الرثاء الحسيني.
ومن المعلوم أن السيد الطويرجاوي يهتم إهتماما كبيرا بما يمكن أن نطلق عليه الصنعة الولائيه في التبليغ الإسلامي ولذلك نراه يركز على الجانب الولائي و يدعو السيد إلى إن يقدم الإسلام والمشروع الحضاري الإسلامي بأروع الصور الولائيه ولذلك نلاحظ أن محاظراته مثلا عندما نطالعها فأنها تأسرنا من البداية الى النهاية هذا لأن السيد حفظه الله كان يهتم بهذا الجانب اهتماما كبيرا حتى أنه ينقل في أحواله إنه حينما كان يبدأ بالتحضير للمحاظرات كانت السبحة الحسينية في يده وفي مئات المرات كان يتوقف ليستخير الله عز وجل في ارتقاء هذه الكلمة أو هذه العبارة وفي هذا الموقع إلى هذه الدرجة كان السيد يهتم بالصياغة المعرفيه وبالفعل الصياغة المعرفيه أمر مهم جدا, وكما نعلم فإن أي سلعة إذا أريد تسويقها بشكل جيد وحض الناس على الإقبال عليها فأننا يجب أن نقدمها بالصورة الجميلة, والملفتة للأنظار هذه هي الصورة الأولى.
الصورة الثانية : صورة الإخلاص العظيم والولاء العميق لأهل البيت صلوات الله عليهم .
لاحظوا علمائنا الأبرار , كانوا دائما لله الحمد والمنة في قمة الإخلاص والولاء لأهل البيت عليهم السلام, ولكن بالنسبة إلى السيد جاسم الطويرجاوي يمكننا أن نقول أن إخلاصه وولائه لأهل البيت صلوات الله عليهم كان نموذجا فريدا, لماذا نقول هذا الكلام ؟ لأنه من المعروف أن كل من يتحرك تحرك اجتماعيا واسعا ويتخالط ويحتك بالمذاهب والطوائف والأديان ورموز الطوائف الأخرى فإنه عادة ما يتأثر هذا الاحتكاك, فيترك تأثيرات على شخصية الآخرين ومع الأسف الشديد البعض ممن نصب نفسه متحركا باسم الشيعة حينما بدأ يجول في مختلف المجتمعات, ويلتقي بهذا وذاك فأنه في أحيان كثيرة يحرج ويضطر لتنازل عن المتدنيات العقائدية والمباني الفكرية التي نعتقد بها نحن معاشر شيعة أهل البيت صلوات الله عليهم, كان مثلا حينما يتحرك يعود إلينا, دعونا نتناسى ماجرى على الزهراء البتول صلوات الله عليها أو مثلا ينادي بإلغاء الشهادة الثالثة في الأذان, أو ينفي أو يشكك في مظلومية الزهراء وفي مفردات هذه المظلومية لماذا؟ لأنه يشعر بالنقص يشعر بأنه لا ينسجم مع هذا المحيط الأكبر الذي يتحرك فيه.
السيد جاسم الطويرجاوي في نفس الوقت الذي يلتقي بمختلف الرموز وبمختلف شخصيات الأديان و الأطياف , خصوصا في العراق مثلا, هذا البلد المتنوع ذهنيا وعقائديا, في نفس الوقت الذي كان فيه يتفتح منه على الآخرين لكنه كان متمسكا بأصالته وهويته الشيعية بأقصى حد وكل ثقة أقول هذا الكلام على السيد جاسم الطويرجاوي على عدم أي تنازلا عقائديا واحداً, وبالعكس نراه يدافع مثلا عن أشد الشعائر الحسينية إثارة للغيض, لا...وأنما يفسحها ويجعلها عنوانا للمجد, وهذا ما افتقدناه في غيره مع الأسف من الشخصيات التي تحركن ليؤثر في الآخرين لا أن تؤثر فيه وخاصه في بعض الخطباء
ولذلك معروف عن السيد حفظه الله أنه حتى في تحركاته في العراق ودول الخليج كان متمسكا بهذه الهوية الولائية الشيعية إلى أقصى درجة.
السيد دامت أفاضاته لا يجد في التشيع في كل مفرداته وبكل خصوصياته معابة أو عارا والعياذ بالله وبالعكس وأتذكر أيضا أنه سمعت من احد علماء المذهب الآخر وكانت هذه الشخصية شخصية مهمه وتعتبر رمز لتيار كبير. هذا الشخص قال بالحرف الواحد, أنني حقيقة كنت أتأثر بالسيد جاسم الطويرجاوب حينما كان الشهيد يتردد على الكويت, فكنت أتأثر به وكنت حقيقة أعجب بشدة ما يطرحه, على رغم من بساطه الاسلوب ولكني كنت ألاحظ أنني كلما طرحت مع السيد ما يُسمى بمشروع الوحدة الإسلامية فكنت أقول له أنه يا سيدنا إذا أردنا أن نتحد فيجب عليكم أنتم الشيعة أن تكفوا عن الإنتقاد أو التظلم من تعتبروهم أعداء وقتلة أهل البيت, لأن هولاء رموزنا. كنت أطرح عليه هذا الشيء أنه كفوا عن هذا الأمر لاتثيروه في مجالسكم ولا في كتاباتكم ولا في نتاجكم الفكري والثقافي فأنا نتحد معكم, يقول هذا الشخص أنني كنت ألاحظ أن السيد كان يصرف النظر تماما ويغير من جادة الحديث بمجرد أن أطرح عليه هذا الأمر و علمت لماذا ؟ لايريد أن يتنازل .
فعلاٌ لايريد أن يتنازل عن حقنا في الدفاع عن أئمتنا وفي أنكار عمن ظلمهم. وهذا الأمر فريد في شخصيته, حفظه الله وهذا السيد العظيم العملاق حقيقة فريد. هذه هي الصورة الثانية صورة الولاء العميق لأهل البيت.
الصورة الثالثة : صورة الحياكة الفطنة .
كما ورد في الحديث الشريف " المؤمن , كيس فطن حذر" , السيد الطويرجاوي حقيقة يتميز بالفطنة, وفكرا ثاقباً ونظرة بعيدة وواس |