• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : يوم سقوط بغداد!! .
                          • الكاتب : د . صادق السامرائي .

يوم سقوط بغداد!!

في مثل هذه الأيام قبل 757 سنة , سقطت بغداد واحترقت على يد جيوش هولاكو حفيد جنكيز خان.
 
بغداد التي بناها عام 762 ميلادية الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور , عاصمة للدولة العباسية والعالم في عصرها , وكانت مكتبة الحكمة فيها لاتُضاهى  , فجذبت إليها العلماء والمفكرين واللغويين والنحويين والأدباء والفنانين وغيرهم.
 
وكما يُذكر, فقد حاصرها الجيش المغولي وتعداده مئة وخمسون ألف (150000) ,  في منتصف كانون الثاني من ذلك العام , وعلى الأرجح في يوم (10\2\1258) ميلادية دخلها , وعاث فيها خرابا وقتلا وحرقا على مدى إسبوع , ما عهدت كمثله البشرية في تأريخها , فدُمِرت مساجدها وقصورها ومكتباتها ومستشفياتها ومدارسها وجميع عمرانها , وما يشير لحضارتها ودورها الإنساني والمعرفي , وألقيت كتب مكتباتها في مياه دجلة , وقتل من أهلها أكثر من مئتي ألف (200000) دون ذنب , وإنما قرر هولاكو تطهيرها من بشرها أجمعين , حتى صارت بعد أسبوع فظيع تخلو من أي بشر سوى الذين إستباحوها وأحرقوها. 
 
هؤلاء الأشرار الذين إقترفوا جرائمهم النكراء في بغداد , إنهزموا شرّ هزيمة بعد سنتين في معركة عين جالوت في 3\9\ 1260 ميلادية.
 
فسقوط بغداد يعلمنا أن الفساد هو العامل الجوهري في تدمير القوى والإمبراطوريات مهما تعاظمت , وكلما ساد الفساد وتمكن فأن المدن تتساقط كنتيجة حتمية لإستحكام قبضة الفاسدين!!
 
وأن التضليل ودعايات الرعب المغرضة تهزم الجيوش وتمحق الأوطان , لأنها تحقق هزيمة نفسية وتقضي على العزيمة وإرادة الحياة.
 
كما أن الفرقة والتناحر والتشتت , يوفران الأجواء الكفيلة بنهاية الدول والبلدان , وهذا ما يحصل في مجتمعاتنا , التي تشظت فيها العقول والنفوس والأرواح والقيم والمعايير والدول.
 
وما أشبه اليوم بالبارحة وما أبشع ما جرى , وأفظع وأقبح ما يجري من الخطايا والآثام , وبإسم العقائد والأحزاب , فهولاكو كان يبرر جرائمه بحق الإنسانية على أنه ينفذ إرادة الخالق بخلقه , وإنه سلّطه عليهم لينتقم منهم , فهو نقمة الرب , التي وجبت على القوم الفاسدين وفقا لإعتقاده , مما يشير إلى أن المعتقدات يمكن إمتطاؤها لإقتراف ما لا يخطر على بال من جرائم الشرور , وبوحشية غير معهودة أو متخيلة!!
 
ذهب هولاكو وأشراره وبقيت بغداد , وسيذهب أعداؤها مجللين بمخازيهم وهوانهم , وستبقى بغداد وتورق من جديد , وتكون دوحة حضارية معطاء وارفة الأغصان!!



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=57582
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 02 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 16