• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : تحرير العقل قبل الأرض!! .
                          • الكاتب : د . صادق السامرائي .

تحرير العقل قبل الأرض!!



الأرض يحررها الإنسان صاحب العقل الحر , لا العقل المُستعبَد بالضلال والبهتان والمُفترَس بالهذيان , المدحور في نفسه التي تسخره لغاياتها الإنفعالية العاطفية العمياء.

فالإنسان طاقة عليها تحقيق الإنسجام الداخلي والتواؤم الفعال مع عناصرها الذاتية والموضوعية  , للوصول إلى مرحلة الإنجاز الحضاري المؤزر بالتلاحم التفسي والعاطفي الخلاق.

فما يتحقق في واقع المجتمعات التي تتهاوى جيوشها أمام الحركات المسلحة سببه فقدان الإنسجام وضبابية الرؤية وتشوهها , مما جعل البشر في مأزرق وإضطراب وتفاعل سلبي  مجهول الهدف , لأن الحكومات فقد مقومات القيادة وتقديم القدوة القادرة على الإتيان بأجوبة مطلوبة وملحة , تستدعيها الحاجات القائمة , والتفاعلات المحتدمة ما بين قِوى ناهضة ذات رؤية معتقة ومدروسة وراسخة , وأخرى حاكمة بلا رشاد أو بوصلة لتحديد مساراتها وأهدافها , وإنما هي حكومات ردود أفعال , وكأنها القشة المستسلمة لإرادة الأمواج الصاخبة.

ومن الواضح أن العقل المندفع بطاقاته المؤججة , وفقا لبرامج محلقة في فضاءات اليقظة التعبوية التي تغذي الحاجات المدثرة بالحرمان والقهر والإهمال , سيكون أكثر قدرة على إبداع الوسائل للوصول إلى أهدافه , التي يرى بأنها ستجعله متمكنا من نيل حاجاته المكبوتة المؤجلة والمخنوقة أو المضعوطة.

وفي هذا الخضم التصارعي المضطرب , تدخلت عوامل وقوى لها تطلعات بعيدة , وأخذت تستثمر في تحريك مسارات القوى وتفاعلاتها ووفقا لخبراتها وإرادتها , للوصول إلى القبض على عنق جميع القوى المتفاعلة في ميادين الصراع بأنواعها المكانية والزمانية.

ووفقا لذلك أصبحت التداعيات سريعة ومتماثلة في أساليبها وكيفيات تطورها , ووصولها إلى نتائجها الحتمية المفاجئة والمدمرة , والمتفوقة على معظم التوقعات والإستنتاجات , وهذا يعني أن الذين يديرون اللعبة متنوعون ومتعددون , ويسعون إلى خلق حالة من التشويش والإضطراب , للحصول على أقصى ما يمكنهم من المنافع والإستثمارات , التي تزيدهم قوة وقدرة على الهيمنة والإمتلاك.

ولهذا فأن ما يجري في المنطقة العربية سيتحرك وفقا لتنسيق دقيق نحو أهداف ذات طبائع مرعبة  , ونهايات مروعة وبأساليب غريبة ومبتكرة , تتسبب في تطورات ذات متوالية تدميرية عالية الشدة والإنقضاض.

وليس من السهل التحرر من قبضة الإفتراس , إلا بإعادة تشكيل العقل وترتيب آليات مداركه ووعيه  , وتعبيره عن القدرة على فهم معايير المصلحة , ووعي عناصر النجاح الحضاري المطلوب ,  للوصول إلى تحقيق التوازن ما بين إرادته والتحديات الحافة به.
ولن يتغير الحال وتتطور الأوضاع للأصلح والأنفع ,  إلا ببناء العقل المتوافق مع زمانه ومكانه , وعدم إغفال الحاجة لتنقيته من مفردات قتل الذات وسحق المُراد!!
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=52256
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 10 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 16