العراق كتب عليه دائما ومنذ بداية الخليقة ان تكون أرضه عطشى ولا تكتفي بالنهرين لترتوي ، بل العكس كأنما النهرين هي التي تزيد من شراهة هذه الارض لطلب المزيد من الدماء عسى أن ترويها . فكانت البداية يوم قتل قابيل هابيل ، وهكذا دواليك تارة للفرس وأخرى للروم وقبلها بين الحضارات التي سادت ثم بادت ، حتى القادسية وام المعارك ، ومن ثم الغزو الامريكي ، وهجوم الاخوة الاعداء والمفخخات السعودية والقطرية ، بانتحاريين عرب صرفنا عليهم من خزينة العراق عشرات السنين ومازلنا ، فضلناهم على عيالنا ، فتقاسمنا معهم لقمة العيش واستضفناهم في عاصمتنا ، انهم اهل فلسطين ، الذين تركوا بلدهم بيد المحتل خانعين راضخين ، وجاءوا ليقتلوا العائلة التي احتضنتهم ايام الضياع والتشرد ، جاءوا ليقطعوا النسيج العراقي باموال الخليج فكانت فلسطين الانثى التي تعهدت بالعيال مقابل تعهد زوجها الخليجي بالاموال . واستهلكنا آلاف العوائل بين قتل و عوق جسدي و تشرد في بقاع العالم فكأنما كتب علينا القتل والهجرة الى بلاد العالم ، حتى اننا اليوم نعيش في أجواء عالم البرزخ فلا للجنة ولا للنار .
الانتظار سيف يقطع الجسد و الروح قطعا صغيرة متناثرة ، والشعب العراقي انتظر طويلا فلم تمر المحن على شعب في العالم كما الشعب العراقي ، وهذا كله مقارنة بما يملك من ثروات و من همم و عقول و طاقات ولسنا مغالين بذلك فأصحاب الاستطلاعات التخصصية يجعلون من العراقي بهذه المصاف ، اذن بهذه المقارنة بين الهم العراقي والثروة العراقية لا يوجد شعب مقهور مغلوب مضطهد مسكين كما نحن .
وكان من ابتكارات حكومتنا المركزية وسياساتها القروية الرعناء أن ابتكروا منطقة خضراء لهم أسوة بأرض السواد التي كان يطلق على العراق قديما ، ولحبهم بالتاريخ تذكروا داحس والغبراء ، ولأنهم يحبون الماضي والاجداد فكانت معركة داعش والخضراء بانتظار أن يكشف أحد الساسة عن ركبتيه لنعلم أن الامر جلل ، ولن يفعل .
ولكن الامر المحير ، اذا كانت الدول المؤثرة بالسياسة العراقية وأهمها امريكا لا تريد داعش في العراق والحكومة العراقية لا تريد داعش و داعش يوميا تزداد قوة وتنتقل بين المحافظات العراقية ، بينما نفسها داعش تريدها امريكا في سوريا وتركيا تدعمها وجزء من لبنان يدعمها واسرائيل تدعمها ولكنها اختنقت في سوريا بسبب الجيش السوري وبعض القوات الغير نظامية من لبنان والعراق .
العلل تكتشف لأيجاد الحلول ونحن نخلق العلل ونتعثر بها ، بعدها نصاب بها ، والاطباء يحتارون في دواءها فيضيع الخيط والعصفور وبالتالي نتهم بعضنا البعض لتتأزم الامور أكثر وأكثر فيدخل الاخر الغريب المتطفل على حياتنا وثرواتنا ليشخص لنا العلل التي خلقناها ويقول أوجدوا الحلول ، ويعلن في الاعلام الدولي أن العراقيين لهم القدرة على حل امورهم ويتركهم ليعودوا الى نقطة الصفر ، وتعلن القنوات العراقية مرحلة جديدة من تطهير الارض والضحايا تترى من كل الاطراف دون استثناء لتسقى أرض الرافدين بدماء جديدة لم تعرف يوما انها ستسفك في عراق الديمقراطية . لم أرى أم أوغلت في دماء أبناءها كأرضنا العراقية ، ألم تكتفي يا أمنا من أولادك ، متى تتركينا بسلام ، إن زهر الشباب تناثر على قدميك ، فكوني بردا وسلاما . |