في الآية الكريمة نفسها نجد ثلاثة قيود لحرمة السب أو النيل من أنداد الله أو أعدائه على ما نزّلته الأحاديث الشريفة التفسيرية. وعليه يمكن لنا أن نُخرج فروضاً لا يحرم فيها السب أو النيل، فبأي وجه قيل بالإطلاق؟!
● الفرض الأول:
أن لا يكون النيل مفضياً لارتداده على الله تعالى أو أوليائه، فلو افترضنا أن امرئاً يقدح في الطاغية عمر بن الخطاب مثلاً، وهو عالمٌ بأن المخالف لن يردّ بالقدح في أمير المؤمنين (عليه السلام) لكونه معتقداً به كخليفة رابع، أو أنه لن يرد بالقدح في أحد من الأئمة (عليهم السلام) لكونه لا أقل يعتقد فيهم الجلالة، فلا حرمة للنيل في هذا الفرض.
● الفرض الثاني:
أن لا يكون النيل موجباً لتجاوز المخالف عن حالة سابقة، فلو افترضنا أن المخالف كان قد عدا أولاً، أي كانت حالته السابقة هي هتك حرمة الله وأوليائه، فالنيل هنا ممن يعتقد بهم المخالف لا يكون استفزازاً له لأن يعدو، لأنه يفعل ذلك سواء نلنا ممن يعتقد بهم أم لم نفعل، فنيلنا لا يجعله يبدأ بالنيل لأنه بادئ به أصلاً، فلا حرمة لنيلنا في هذا الفرض أيضاً.
● الفرض الثالث:
أن يكون النيل المرتد؛ من المخالف الجاحد المعاند، لا الجاهل، فمع علمه بحرمة الله تعالى وحرمة أوليائه عليهم السلام؛ إلا أنه ينال إذا نلنا. وبعبارة أخرى، إن نيلنا منه أوممن يعتقد به يجعله يعدو بعلم، لا بغير علم، فهذا امرئ غير قابل للهداية، جاحد معاند، عدو، فالنيل منه أو ممن يعتقد به لا يشكل حائلاً لهدايته وإن أدّى إلى أن يقابلنا النيل، لأنه عالم بالإثم الذي يفعله. فلا حرمة لنيلنا في هذا الفرض أيضاً، وعلى هذا شاهد من سيرة أمير المؤمنين صلوات الله عليه، فإنه هو الذي بدأ بلعن معاوية وأصحابه، فقابله هؤلاء باللعن، وتلك حقيقة لا يعرفها معظم الناس بل معظم الخطباء! فالخطباء على منابرهم يهاجمون معاوية وبني أمية لأنهم سنّوا للناس لعن أمير المؤمنين وأهل البيت عليهم السلام، إلا أنهم لا يعلمون أن الذي دفع معاوية وبني أمية إلى ذلك هو أمير المؤمنين (عليه السلام) نفسه! فلولا أنه بدأ بلعنهم لما ردّوا عليه باللعن وطال ذلك ثمانين عاماً!
تمة الحديث تأتي تابعونا في الحلقة القادمه .
|