• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : العلاقة مع الآخر في نهج البلاغة ( 3 ) .

العلاقة مع الآخر في نهج البلاغة ( 3 )

ـ 3 ـ
الشيطان
قال تعالى في محكم كتابه الكريم: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشّيطان إنّه لكم عدوٌّ مبينٌ}   .
وقال تعالى: {ومن يتّخذ الشّيطان وليًّا من دون الله فقد خسر خسراناً مبيناً}   .
بعد التدبر في هاتين الآيتين وغيرهما من الآيات التي تذكر الشيطان وعداوته للإنسان، كان لزاماً علينا الاهتمام بهذا الجانب ورسم خطة عمل في كيفية التعامل مع هذا العدوّ للتخلّص من وساوسه، إذ انّه حلف بعزة الله أن يغوينا باجمعنا: {قال فبعزّتك لأغوينّهم أجمعين}   .
وله طرق مختلفة في الإغواء قال عنها أميرالمؤمنين  عليه السلام : «الشّيطان موكّلٌ به، يزيّن له المعصية ليركبها، ويمنّيه التّوبة ليسوّفها»   .
وقال  عليه السلام : «إنّ الشّيطان يسنّي لكم طرقه، ويريد أن يحلّ دينكم عقدةً عقدةً، ويعطيكم بالجماعة الفرقة، وبالفرقة الفتنة»   .
وهكذا يستمر الشيطان مع الإنسان حتى يدخله في حزبه، ويكون كمن قال عنهم أميرالمؤمنين  عليه السلام : «أطاعوا الشّيطان فسلكوا مسالكه، ووردوا مناهله، بهم سارت أعلامه، وقام لواؤه»   .
وقال  عليه السلام  في وصف حزب الشيطان: «اتّخذوا الشّيطان لأمرهم ملاكاً، واتّخذهم له أشراكاً، فباض وفرّخ في صدورهم، ودبّ ودرج في حجورهم، فنظر بأعينهم، ونطق بألسنتهم، فركب بهم الزّلل، وزيّن لهم الخطل»   .
وقال  عليه السلام : «دعاهم ربّهم فنفروا وولّوا، ودعاهم الشّيطان فاستجابوا وأقبلوا»   .
ثم انّ وظيفة الإنسان في تعامله مع هكذا عدو الحذر وعدم الاصغاء إليه، قال  عليه السلام : «فاحذروا عباد الله عدوّ الله أن يعديكم بدائه، وأن يستفزّكم بندائه وأن يجلب عليكم بخيله ورجله، فلعمري لقد فوّق لكم سهم الوعيد، وأغرق إليكم بالنّزع الشّديد، ورماكم من مكانٍ قريبٍ، فقال ربّ بما أغويتني لأزيّننّ لهم في الأرض ولأغوينّهم أجمعين»   .
وقال  عليه السلام : «أوصيكم بتقوى الله الّذي أعذر بما أنذر، واحتجّ بما نهج، وحذّركم عدوّاً نفذ في الصّدور خفيّاً، ونفث في الآذان نجيّاً فأضلّ وأردى، ووعد فمنّى، وزيّن سيّئات الجرائم، وهوّن موبقات العظائم، حتّى إذا استدرج قرينته، واستغلق رهينته، أنكر ما زيّن، واستعظم ما هوّن، وحذّر ما أمّن»   .
كما يأمرنا  عليه السلام  بالاعتبار من حال إبليس وعدم الاغترار والاعتداد بالنفس بسبب إتيان الصالحات والخيرات والمبرات، ويقول: «فاعتبروا بما كان من فعل الله بإبليس، إذ أحبط عمله الطّويل، وجهده الجهيد، وكان قد عبد الله ستّة آلاف سنةٍ لا يدرى أمن سني الدّنيا أم من سني الآخرة، عن كبر ساعةٍ واحدةٍ، فمن ذا بعد إبليس يسلم على الله بمثل معصيته، كلا ما كان الله سبحانه ليدخل الجنّة بشراً بأمرٍ أخرج به منها ملكاً، إنّ حكمه في أهل السّماء وأهل الأرض لواحدٌ، وما بين الله وبين أحدٍ من خلقه هوادةٌ في إباحة حمًى حرّمه على العالمين»   .
 
ـ 4 ـ
البيئة
هل الإنسان مسؤول أمام البيئة التي يعيش فيها، وهل سوف يسئل عن كيفية سلوكه وتعامله مع بيئته التي يسكن فيها؟!
لو نظرنا إلى الأمر من منظار الدين لقلنا نعم انّ الإنسان كما يلزم عليه رعاية ضوابط في سلوكه مع مجتمعه ومع الآخرين، كذلك يلزم عليه رعاية ضوابط في سلوكه وتعامله مع البيئة، وفي ذلك يقول أميرالمؤمنين  عليه السلام : «اتّقوا الله في عباده، وبلاده فإنّكم مسئولون حتّى عن البقاع والبهائم»   .
ولذا كتب  عليه السلام  في عهده للأشتر: «وليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج، لأنّ ذلك لا يدرك إلا بالعمارة، ومن طلب الخراج بغير عمارةٍ أخرب البلاد، وأهلك العباد، ولم يستقم أمره إلا قليلاً»   .
وكان  عليه السلام  يكتب إلى من يستعمله على الصدقات بالنسبة إلى البهائم التي تؤخذ زكاة: «فإذا أخذها أمينك فأوعز إليه ألا يحول بين ناقةٍ وبين فصيلها، ولا يمصر    لبنها فيضرّ ذلك بولدها، ولا يجهدنّها ركوباً وليعدل بين صواحباتها في ذلك وبينها، وليرفّه على اللاغب    وليستأن بالنّقب والظّالع   ، وليوردها ما تمرّ به من الغدر، ولا يعدل بها عن نبت الأرض إلى جوادّ الطّرق، وليروّحها في السّاعات، وليمهلها عند النّطاف    والأعشاب»   .
كما انّ البيئة آية من آيات الله تعالى تدلّ على وجوده وصفاته كما مضى ذلك.
***
إلى هنا ننهي الكلام عن العلاقة مع الآخر في ظلّ نهج البلاغة، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=45707
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 05 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 16