حول مقال أحمد القبانجي عن "المهدي المنتظر" سلام الله عليه

بسم الله الرحمن الرحيم

حول مقال أحمد القبانجي عن "المهدي المنتظر" سلام الله عليه

تناول أحمد القبانجي في مقال له معنون ب "المهدي المنتظر" قضية الإمام المهدي عليه السلام بلا إنصاف كعادته في تناول القضايا الإسلامية، وقبل الخوض في تفاصيل اشكالات أحمد القبانجي لا بد من معرفة دينه ومستَند دعواه، فهو لا يؤمن بالنبي صلى الله عليه وآله ولا بباقي الأنبياء عليهم السلام ولا بالقرآن الكريم ويُسفِّه ويُخَطئ كتاب الله بصراحة، ولا يصرح علانية بكفره بالله العظيم بل يوحي بإيمانه بالله تعالى ولكن بمواصفات معينة حسب ما يرتئيه هو، ويزعم أنه جل شأنه خلق الخلق ولم يرسل لهم الانبياء ولم ينزل الكتب السماوية. ولكنه يصرح أيضا بإيمانه بالوجدان، ويسميه الاله الشخصي - أي لحد الآن يوجد إلهان عنده - وأن الوجدان هو المحرك للأنبياء عليهم السلام، وأنه هو مصدر المعجزات، فيقول إن النبي قد جاء بالقرآن من وجدانه، ولا وجود للوحي، لذا فالقرآن بزعمه مليء بالأخطاء لأنه من بدع محمد - وحاشاه صلى الله عليه وآله -. وهذا الرجل ناقل لأفكار الآخرين أمثال عبد الكريم سوروش وغيره ومن أفكار الأمم الأخرى، لذا فتسميته بالمفكر تحتاج لمراجعة.

أما ما يتعلق بهذه المقالة فهي كغيرها من مقالاته ومحاضراته المنصبة للهجوم على الإسلام عموما والتشيع بالخصوص، وكأنه لا همّ له في الدنيا سوى هذا. وفيما يتعلق بالنقاط التي أوردها فنذكر التالي بعون الله تعالى: 

1- ذكر أحمد القبانجي ما يلي: {قالوا وقلنا :.... قال النبي: سيبعث الله في اخر الزمان رجلا من ذريتي ليملأ الارض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا.(حديث صحيح ومتفق عليه من السنة والشيعة على اختلاف الروايات والمعنى واحد). اقول: نلاحظ على هذا الحديث عدة امور: 1- ان ارتفاع الظلم تماما من المجتمعات البشرية غير ممكن عقلا لان هذه الحياة مجمع الاضداد ولا يمكن لها الاستمرار دون وجود الاضداد كما يقول الفلاسفة والعرفاء (لولا الاضداد لما دام الفيض من رب العباد), ولا يمكن تغيير ماهية الانسان وقلع الرغبات والشهوات وحب الدنيا منه وهذه الامور هي سبب الشر والظلم, وعلى فرض امكان ازالتها بالتربية من جميع الناس فهذا يستلزم وقتا طويلا وفي هذه المدة يصدر الشر والظلم}، 

ويوجد تناقض في كلامه، فهو ذكر أن ارتفاع الظلم تماماً غير ممكن عقلا ثم عاد في ذيل هذه الفقرة ليقول: (وعلى فرض امكان ازالتها بالتربية من جميع الناس فهذا يستلزم وقتا طويلا وفي هذه المدة يصدر الشر والظلم). أي أن العقل لا يمنع هذا، وإنما يحتاج إلى فترة طويلة حسب زعمه. ولو أقررنا كلامه الأخير صار الأمر هيناً، فهو يتكلم عن الأسباب الطبيعية التي معها تحتاج البشرية لفترة طويلة من التربية، ونحن نتكلم عن أسباب خارقة للعادة يستخدمها الإمام عجل الله فرجه الشريف كاستخراجه لعلوم جديدة لم تكن البشرية تعرفها، وكرُقيه في الأسباب أسباب السماوات والأرضين وغيرها من العلوم التي يعجز الناس عن الإتيان بمثلها. ونتكلم عن ظروف خاصة تحف بحركته المباركة كتأييد المسيح عليه السلام له مما يساهم بشكل كبير في إذعان الأمم النصرانية لدعوته الحقة. ونتكلم عن الرخاء الاقتصادي في عصره سلام الله عليه كما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله قوله: (تخرج له الأرض أفلاذ أكبادها، ويحثو المال حثواً ولا يعده عداً)، وقوله: (تنعم أمتي في زمن المهدي نعمة لم ينعموا مثلها قط. ترسل السماء عليهم مدراراً، ولا تدع الأرض شيئاً من النبات إلا أخرجته)، ونتكلم عن تعامله الرؤوف والمثالي مع الناس كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله قوله: (تأوي إليه أمته كما تأوي النحلة الى يعسوبها) وقوله صلى الله عليه وآله: (يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض. لاتدع السماء من قطرها شيئا إلا صبته، ولا الأرض من نباتها شيئاً إلا أخرجته، حتى يتمنى الأحياء الأموات)، أي يتمنى الأحياء أن الأموات كانوا أحياء لينعموا معهم ويروا ما رأوا، وكما عن الإمام الباقر عليه السلام: (إذا قام قائم أهل البيت قسم بالسوية، وعدل في الرعية)، وعنه عليه السلام : (ويُظهر الله عزو جل به دينه ولو كره المشركون، فلا يبقى في الأرض خراب إلا عمر)، وعن الإمام الصادق عليه السلام: (المهدي محبوب في الخلائق، يطفئ الله به الفتنة الصماء)، ونتكلم عن أصحاب مخلصين له أشد الإخلاص يتولون إدارة دولته كمساعدين وولاة له. ومع كل هذه الأمور ستتقلص فترة التربية الصحيحة للمجتمع بصورة كبيرة جداً.

وهنا ملاحظة مهمة حول الحديث الذي رواه بدء كلامه بأن الإمام سيملأ الأرض قسطاً وعدلا بعدما مُلئت ظلماً وجوراً، فيمكن القول أن ملئ الإمام المهدي صلوات الله عليه للأرض قسطاً وعدلاً لا يعني أن يرتفع الظلم من نفوس جميع البشر على نحو التفصيل أي سيصبح الجميع عادلين لا يظلمون ولا يعصون، بل إن حكمه سينبسط على جميع الأرض ويتحقق العدل الإلهي ورفع الظلم عن جميعها بتطبيق قوانين العدالة ورفع الجور واصلاح النظام الاجتماعي والسياسي والاقتصادي العالمي. وفي لغة العرب لو قيل إن حاكم بلاد ما قد بسط حكمه أو عدله على أرضه فهذا لا يعني أن جميع رعيته قد صاروا مذعنين له في علانيتهم وخلواتهم ولا يعني أنه لم يعد أحد منهم يظلم الآخر. وهناك قرينة أخرى وهي مقارنة ملئه الأرض قسطاً وعدلا بملئها ظلماً وجوراً، ومن الواضح أن الظلم والجور قبل ظهوره المقدس لا يعم جميع الناس على نحو التفصيل بل سيعم الأرض على نحو الإجمال بالابتعاد عن شرع الله تعالى وبظلم الناس بترسيخ القوانين والمفاهيم الخاطئة والمؤدية إلى الظلم، ولو قلنا إنه على نحو التفصيل فهل سيكون الظلمة مظلومين أيضاً؟ وأين محل أصحاب الإمام المقربين قبل ظهوره الشريف هل كانوا مع الظلمة؟ والجواب طبعاً لم يكونوا كذلك بل هم أفضل الناس وقد بلغوا الدرجات العالية من الورع والعدالة والإنصاف في زمان الظلم والجور شأنهم شأن أصحاب الكهف الذين آمنوا واتقوا في زمان ساد فيه الكفر والظلم والجور. 

2- ذكر القبانجي: {ان الافضل من المهدي كالنبي والامام علي لم يتمكنا من ازالة الظلم والجور وتحقيق العدل في داخل الدولة الاسلامية فضلا عن خارجها لأنه حتى لو فرضنا ان الحاكم معصوم ولكنه يحتاج الى معاونين وولاة وقضاة وقادة جيش وشرطة وو.. وهؤلاء ليسوا بمعصومين ويمكن صدور الظلم والسرقة والرشوة منهم كما حدث في زمن النبي وفي خلافة الامام علي وسائر الخلفاء الراشدين, فكيف بحكومة تسيطر على جميع العالم؟ ولو قيل ان الناس سيكونون افضل حالا واخلاقا عند ظهور المهدي فهذا يتعارض مع القول بأن الارض ستمتلئ بالظلم والجور لأنه يعني ان الناس أسوأ اخلاقا من كل زمان}.

يُستفاد مما ورد من الروايات الشريفة عن أهل البيت عليهم السلام أن الإمام عجل الله فرجه الشريف له أصحاب متقون يتولون مساعدته وقيادة مفاصل دولته، فعن الصادق عليه السلام: (كأني انظر الى القائم على منبر الكوفة وحوله اصحابه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، عدة اهل بدر، وهم اصحاب الألوية، وهم حكام الله في أرضه على خلقه)، وقد بلغوا الدرجات العالية في الانضباط والطاعة ما لم يبلغه العديد من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام، وقد حفت بهم المعجزات والتأييدات الإلهية الخاصة من أجل إقامة حكم الله في الأرض وبسط القسط والعدل، وهذا ما لم يكن مقَدّراً في زمان النبي صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام، ولا دخل لأفضليتهما على ولدهما المهدي في هذا. كما إن الناس قد اكتملت عقولهم بكشف الحقائق وبالمعجزات التي تقهر أعلى علومهم وبغيرها مما مر بيانه آنفاً. 

أما ما يتعلق بأخلاق الناس وتربيتهم فقد أجبنا عن هذا في الفقرة الأولى.

3- ذكر القبانجي: {ان الدفاع عن اي عقيدة على نحوين: 1- دفاع واقعي 2- دفاع براجماتي (الفائدة منها), فالاول يدافع الشيعة عن وجود المهدي حاليا بوجود روايات تدل على ذلك, ولدى التحقيق يتبين ان جميع الروايات ضعيفة وموضوعة وحسب الرجالي المحقق اصف المحسني في كتابه: شريعة بحار الانوار, فان جميع الروايات الواردة عند الشيعة في هذا الخصوص 49 رواية, منها 48 رواية ضعيفة وموضوعة ونصف هذه الروايات اساطير لا يصدقها العقل, ورواية واحدة صحيحة تصرح بوجود ولد للامام العسكري (والد المهدي) ولكن لا يعلم هل بقي حيا بعد ذلك, وكيف نثبت انه ابنه ولعل الراوي اشتبه عليه الامر؟ اما الدفاع البراجماتي فناظر الى الفوائد المترتبة على عقيدة معينة لكي يمكن عقلا الاعتقاد بصحتها, فنقول: ان المستفيد الاكبر من نشر هذه العقيدة الغيبية والمروج لها 3 فئات: الاولى: حكام بني امية وبني العباس وسائر حكام الجور الذين يخدرون الناس بهذه العقيدة ليأمنوا ثورتهم ويوحوا لهم بان الخلاص سيأتي عن طريق المنقذ فلا تعرضوا انفسكم للتهلكة. ومعلوم ان الضرر المترتب على ذلك بالنسبة لعامة الناس اكثر بكثير والذي يتمثل بتكريس حالات الظلم والجور والاستبداد. الثانية: الطبقة المسحوقة من الناس الذين تعرضوا للظلم والاضطهاد من قبل حكام الجور فكانت هذه العقيدة تدغدغ عواطفهم وتمنيهم باحلام وردية بقرب يوم الخلاص والانتقام من الظالمين وتبرر لهم حالة الكسل والجبن التي يعيشونها. ومعلوم ايضا ان الضرر المترتب على ذلك اكثر بكثير من هذه الفائدة لانها بمثابة المخدر لافراد المجتمع المقهورين وتعمل على تكريس حالة الخنوع والخضوع لديهم. الثالثة: مراجع الدين الذين نصبوا انفسهم نوابا للامام المهدي, فهم بهذه الحجة يأخذون الخمس وسهم الامام من الناس ويحققون لهم الهيمنة والقداسة بين الناس ولا يحق لاحد انتقادهم والرد عليهم لان الراد عليهم كالراد على الامام والراد على الامام كالراد على الله. ومعلوم ايضا مدى الضرر الفاحش الذي يتعرض له الناس جراء تصديق هذه المقولة.. وبهذا يبطل هذا الدفاع ايضا}

إن عرض قضية إثبات وجود الإمام المهدي عليه السلام بهذه الصورة الساذجة فيه استخفاف بعقل القارئ، فالمفروض من الناقد المنصف أن يبحث المسألة بواقعية لا بسطحية كهذه تكشف سطحية طارحها أو تدليسه على قراءه. فإثبات وجود الإمام عليه السلام حالياً قد أشبعه العلماء تحقيقاً بالحجج المتينة المتعددة لا كما طرحه القبانجي بأنه مجرد روايات أكثرها ضعيفة، فتكفي دلالة حديث الثقلين المتواتر على وجوده عليه السلام لأن النبي صلى الله عليه وآله قد قال عن الكتاب والعترة بأنهما لن يفترقا، وهذا يدل أولاً على عصمة العترة المقصودة بقوله صلى الله عليه وآله لأنها لو لم تكن معصومة لحدث الافتراق، فغير المعصوم لا ملازمة دائمة له مع الكتاب الكريم، وثانياً يدل على وجود العترة المعصومة ما دام الكتاب موجوداً فلو لم يكن أحد من العترة المعصومين صلوات الله عليهم موجوداً لحدث الافتراق. ويدل أيضاً على وجوده عليه السلام الروايات التي تذكر أن الأرض لا تخلو من حجة، وللعلماء أدلتهم العقلية على هذا مذكورة في مظانها. أما الروايات التي تثبت ولادته وأنه ابن الإمام العسكري سلام الله عليه فهي كثيرة لا كما يصورها القبانجي بهذه القلة والضعف بل هي روايات متواترة إجمالاً تفيد القطع بولادته وبحياته إلى أن يظهر آخر الزمان، ففي كتاب "منتخب الاثر في الإمام الثاني عشر" ذكر المؤلف مئات الروايات التي تفيد ولادته عليه السلام مما يورث القطع بتحقق ولادته عن هذا الطريق، أي طريق الروايات. 

أما ما ذكره عن المنافع التي يجنيها علماء الشيعة من ولادة الإمام عليه السلام فهذا خطأ من جانبين: أولهما أن هذه الولادة الشريفة قد ثبتت بطرق يقينية لا دخل لانتفاع أحد بعدها أو تضرره، وثانيهما: عن أي منافع يتحدث لعلماء الشيعة وهم الذين تحملوا بسبب اعتقادهم بها أشد الويلات هم وأتباعهم وقدموا أرواحهم وراحتهم رخيصة لهذه العقيدة الواضحة؟.

4- ذكر هذا الرجل أيضاً: {ان الكثير من هذه الروايات يتضمن امورا لا يمكن قبولها عقلا من قبيل بقاء المهدي على قيد الحياة كل هذه المدة الطويلة وكان بامكان الله ان يخلق المهدي في اخر الزمان دون ان ينقض سننه وقوانينه الطبيعية. وكذلك ورد انه عندما يخرج المهدي المنتظر يأتي بدين جديد وينزل المسيح الى الارض ويصلي خلفه ويقتل نصف العالم او ثلتي الناس وو.. اقول: اذا تقرر ان يأتي بدين جديد فهذا يعني ان دينكم الان باطل.. واذا نزل المسيح وصلى خلفه فهذا يعني ان محمدا ليس بخاتم الانبياء. واذا تقرر ان يقتل مليارات البشر فوجود صدام حسين وهتلر وستالين ولينين وماوتسيونغ خير للبشرية من ظهور المهدي لانهم باجمعهم لم يقتلوا عشر معشار مما سيقتلهم الامام المهدي. بعد هذا هل لازلتم تصدقون بالمهدي؟ وهل لازلتم تنتظرون خروجه, مع العلم ان اليهود لا يزالون ينتظرون خروج المنقذ منذ 3 الاف سنة ولم يخرج, والمسيحيون لا زالوا ينتظرون خروج المسيح منذ الفي سنة ولم يخرج, والمسلمون لا زالوا ينتظرون خروج المهدي منذ اكثر من الف عام ولم يخرج... فالى متى تنتظرون.. بل متى تعقلون؟؟؟}

وهذه الفقرة أيضاً هي من باب الاستخفاف بعقول القراء، وإلا فأي عقل يؤمن بالله وقدرته يمنع أن يمد الله في عمر إنسان ما شاء سبحانه من الزمن؟ خاصة أننا نعتقد كمسلمين أن الله قد مد في عمر نبيه عيسى عليه السلام وهو أطول عمراً من المهدي عليه السلام، ومد كثيراً بعمر نوح عليه السلام وغيره من المعمرين. ومَن الذي يُحَتِّم على الله أن لا ينقض ما يسميه هذا الرجل بالسنن والقوانين الطبيعية؟، أليس هو سبحانه من وضعها؟ ثم أي خرق في القوانين إذا مدَ الله بعمر أحد من البشر؟ 

أما قوله بأن الإمام يأتي بدين جديد، فالرواية الواردة تذكر أنه عليه السلام يأتي بأمر جديد ولم تقل "بدين جديد". وعلى فرض صحة الرواية وأنها صادرة فعلاً من المعصوم عليه السلام فهو لا يعني ديناً جديداً مقابل الإسلام لأنه عليه السلام ببساطة مسلم، بل أكثر المسلمين التزاماً بكتاب ربه الذي ينص: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾، وإنما يمكن القول بأنه تفسير جديد للدين مطابق لما أتى به جده صلى الله عليه وآله قد غيّره الناس بابتعادهم عبر العصور عما أوصى به نبيهم صلى الله عليه وآله من التمسك بالثقلين الكتاب والعترة معاً، لذا فإنهم يرونه ديناً جديداً، وقد ورد عن الإمام الباقر عليه ‌السلام: (إنّ قائمنا إذا قام دعا النّاس إلى أمر جديد كما دعا إليه رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله، وأنّ الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ). 

أما خرافة أن الإمام يقتل نصف العالم أو ثلثيه فعهدتها على مدعيها ولا أصل لها غير وجدان أحمد القبانجي المليء بالتدليس.

وفيما يتعلق بأن نزول عيسى عليه السلام وصلاته خلف المهدي عليه السلام يعني أن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله ليس بخاتم الأنبياء، فهذا القول واضح الخلل لأن نزول عيسى عليه السلام لا يعني بعثه كنبي من جديد ولا يأتي بشريعة جديدة بل سيتبع شريعة خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله ويصلي صلاة المسلمين خلف إمام المسلمين.

ومما يجدر ملاحظته أن صاحب الحجة القوية لا يلوذ بسوء الأدب كي يقوي حجته، وهذا مما يعاب به هذا الرجل، فاستهانته في ذيل مقاله: (.. بل متى تعقلون؟؟؟) تكشف عن ضعفه وعدم احترامه لأمة أنجبته هو فعقّها وأنجبت أسرته والكثير من العظماء.

كما إن لهذا الرجل مشكلة منهجية خطيرة فهو يُحَمِّل فهمه للنصوص الواردة على مراد صاحب النص الواقعي ويفسره حسب ما يلائم رغبته في الطعن بالإسلام كما اتضح من تفسيره للرواية في صدر مقاله، وغيرها من النصوص، أو إنه أحياناً يختلق ما لا واقع له كَفِرْية أن الإمام صلوات الله عليه سيقتل نصف العالم أو ثلثي الناس.

ومن الضروري التنبه إلى أننا ما دمنا مسلمين فإننا نؤمن بالغيب، قال تعالى في أول سورة البقرة: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾. أما أحمد القبانجي فهو يحاول نسف المغيبات لأنه لا يؤمن بالإسلام والقرآن الكريم.