• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : يا ربي بَسْ مَطّرْها .
                          • الكاتب : د . صادق السامرائي .

يا ربي بَسْ مَطّرْها

هذه أهزوجة المساءات الغائمة في مدينتنا, وأكثر مَن يرددها البنات الصغيرات , في لعبة جماعية ممزوجة بالضحكات والقهقهات العالية.

 

"يا ربي بس مطرها  .. وبلل درب محبوبي....دزيتله بالخفية....أرباطعش مكتوبي"

 

ولا أجد تفسيرا للرقم (14) , إلا أنه من مضاعفات الرقم السحري (7).

وتمضي الأهزوجة بمقاطعها وأنغامها الشجية , وحركات البراءة والبهجة والسرور.

 

ولا أدري هل إنها من الموروثات القديمة المتصلة بالمطر , حيث كانت النسوة يؤدين رقصات إستنزال المطر , أو ما تسمى برقصات الإستسقاء. 

وقد وجدت الآثار والرسومات في سامراء التي تشير إلى هذا الطقس قبل أكثر من خمسة آلاف سنة.

 

فالمطر من أساسيات الحياة وضروراتها , في مكان كسامراء , حيث كانت ميدانا للصيد على مدى العصور , وحتى أواخر الستينيات من القرن العشرين , حيث تم القضاء على الغزلان والقطا والحبارى وحتى الأسماك.

 

والدنيا تريد المطر, ولا توجد أمة لا تحب المطر , لأنه مورد رزقها وعنوان عطائها , وحبيب أرضها , فالأرض لا تنجب شيئا إن لم يلقحها المطر.

 

وعلى مدى عقود القرن العشرين , ولا يزال العراق يشكو من قلة المطر ومن المطر!

وما تعلم كيف يتعافى من الجفاف , ولا كيف يستثمر في المطر.

وفي الحالتين , تكون الإستجابة ذات عناوين تذمر وإستياء وتعوذ وإستغاثة!

إذا غاب المطر , تشاكت الناس , وتثاغت المواشي , وهرع الناس إلى صلوات الإستسقاء!!

وإن نزل المطر , عمت الفوضى والتهكم , والإستغاثة من أخطاره.

 

"هجم بيوتنا المطر"

"جتنه مزنة بهذلتنا"

"أعوذ بالله من هالمطرة"

وغيرها من الألفاظ السلبية .

 

وحتى في أشعار إبن المعتز , وهو في سامراء , الكثير من الأبيات التي تشير إلى التشاؤم من المطر!

وهذا يعني أن متوالية العداء ما بين المطر والناس متواصلة منذ قرون , وما تمخضت الأجيال المتعاقبة , عن آلية إيجابية للتفاعل مع المطر.

 

فلا قدرات لإنشاء مشاريع إروائية , ولا أفكار عن إقامة بحيرات إصطناعية , ولا خزانات مطرية , ولا زلنا لا نفهم إلا بالتخلص من المطر , والرغبة في المطر , لازلنا نفكر بالمجاري وشبكات تصريف المياه المطرية , التي هي نعمة وطاقة وإضافة إقتصادية , نحاول أن نبددها كما نبدد النفط , ونحيل موارده إلى دخان.

 

لقد حيرنا المكان والزمان!

"يا ربي بس مطرها"

لو "يا ربي لا تمطرها"؟؟!!

 

ترى أين العيب , فينا أم في المطر؟!!




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=39834
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 11 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 16