نِتَفٌ عاشوريّةٌ (18)
أسرار زيارة الأربعين …
السؤال1 :
إننا نعيش أيام ذكرى أربعينية الحسين (ع) ، التي يتوجّه الشيعةُ من كل مكانٍ لزيارةِ المولى أبي عبدالله الحسين (ع) ، وإنّ الكثير من المخالفين يسألون ، لماذا نزور الإمام الحسين (ع) ؟
السؤال 2:
المعصومون من أهل البيت هم خلفاءٌ ، وهم أئمةٌ
، وورد في الروياتِ ، إطلاقُ عنوان الخلفاء وعنوان الأئمة عليهم ، لكن ما هو السر في إنّ الشيعة هجرت عنوان الخليفة ، ودائماً تطلقُ عليهم عنوان الأئمة ؟
فدائماً نقول الإمام علي (ع) ، ولا نقول الخليفةُ عليٌ (ع) ، فما هو السر ؟
إجابة سماحة الشيخ “دام ظله الشريف” :
زيارة الإمام (ع) ، هي باب لزيارة الله تعالى ، فالمقصود الأول فيها ، هي الحضور عند الله وذلك لأن الإمام خليفة الله أي الآية الكبرى التي يتوجه من خلالها العبد إلى الساحة الربوبية ، فهو مجلى الصفات والأسماء الإلهية والأسم الأعظم ، وهذا معنى خلافته لله تعالى ، وإلاّ فإنّه عزوجل لاينحسر عن شيء كي يخلف مكانه أحد بل خلافة خليفة الله هو مرآتيته التامة للعظمة والبهاء والجمال والجلال الإلهي ، وبقية الصفات والأسماء للذات الأزلية وعلى ضوء ذلك فالإمام خليفة الله هو باب الأبواب للسماء الإلهية وعالم بالأسماء الإلهية كلها فهو جامع لها ، وكلما أقترب الإنسان وأي مخلوق منه فهو إقتراب منه تعالى ، فالإمام الخليفة قنطرة القناطر ، ووسيلة الوسائل إليه تعالى ، فمن ثم كانت زيارته هي في الأصل والإساس زياة لله تعالى كما تواتر التنبيه والتنويه على ذلك في جل زيارات المعصومين (ع) وزيارات الحسين (ع) ،
وفي الحقيقة إنّ كل أركان الفروع من العبادات كالصلاة والصوم والحج وغيرها هدفها وغايتها القرب إلى الله تعالى ، وهو ولايته تعالى وهذا القرب بابه الأعظم خليفة الله ، فلم تكن الصلاة ولا الحج ولا الصوم خليفة الله ، بل قال تعالى على لسان إبراهيم
ربنا إني أسكنت من ذريتي بوادٍ غير ذي زرعٍ عند بيتك المحرّم ، ربنا ليقيموا الصلوة ، فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم ، فذكر في الآية إنّ غاية الحج هو هوي وإن تهوي القلوب وليس الأبدان فقط إلى ذرية إبراهيم (ع) ، في مكة البيت الحرام فقصد الحج إلى البيت الحرام غايته ولاية محمد وآل محمد (ص)، وفي الصلاة قوله تعالى وأقم الصلاة لذكري فغايتها ذكره تعالى ، بينما وصف القرآن الإمام إنّه خليفة أي أكبر مظهر لظهوره تعالى ، ومن ثم جميع الملائكة كلهم أجمعون ، وجعله القبلة الحقيقية الكبرى للتوجه إليه تعالى ، وبعبارةٍ أُخرى إنّ الصلاة وكل العبادات يتم التقرب بها من جهة كونها طاعة وطوع له تعالى ، وقد قرّر في كثير من الآيات إنّ طاعته تعالى مقرونة بطاعة رسوله بل وبطاعة أولي الأمر المطهرين من أهل بيته ، أصحاب الأمر في ليلة القدر لنزول القرآن المخصصين بمسه في الكتاب المكنون ، فكل العبادات غاية غاياتها الطاعة لله تعالى ، وبابها طاعة النبي (ص) ، وباب طاعته ، طاعة قرباه أهل بيته المطهرين ، فتحرّر إن الإمام خليفة الله هو الباب الأعظم للوفادة على الله تعالى وقربه ، وإنّ زيارة الإمام أعظم من زيارة البيت الحرام ، بل إنّ غاية زيارة البيت بنص القرآن هو المودّة وهوى القلب لذرية إبراهيم (ع) ، محمد وآله (ص) ، وإنّ زيارة الإمام وطاعته وولايته هي طاعة الله تعالى وولايته والقرب منه ، فزيارة الإمام باب أعظم لزيارتهِ تعالى ، أي القرب منه عزوجل . |