كان يامكان في إحدى المدن القريبة من الغابات ذات الأشجار الكثيفة، أخذ الناس في تلك المدينة يقطعون الأشجار بصورة مكثفة يومياً، حتى كادت أن تنقرض تلك الأشجار النادرة المشهورة بجودة أصناف أخشابها.
لذا لفت نظر الأشجار المتبقية بأن الدور سيلحقهم في قطعهم أيضاً لا محالة، وإن الموت المحقق قريب منهم جداً، فأجتمعت تلك الأشجار المتبقية، وتتداولت فيما بينها في هذا الأمر الخطير الذي يهدد بقطعهم، مما سوف يؤدي إلى إنقراضهم عاجلاً أم آجلا، لذا تناقشوا ليضعوا خطة تقيهم شر الفأس التي تقطع المئات منهم كل يوم، وبعد التداول أقر رأي جميع الأشجار على توجيه الشكوى إلى ذلك الفأس الظالم، وأعتبروه العدو الألد لهم، ورفعوا شكوى إلى أكبر الأشجار عمراً في الغابة، حيث كانوا يعتبرونها شجرة ذات حكمة في غابتهم.
وبعد عرض الشكوى على الشجرة الحكيمة، نظرت في الموضوع بحكمة ثم أصدرت حكمها. تفاجؤا جميع الأشجار بحكمها؟!، فقد أصدرت حكماً ببراءة الفأس من التهمة الموجهة إليه!؟، فأثار الحكم مقدمي الشكوى من الأشجار وتسألوا عن سبب إتخاذ مثل هذا الحكم والقرار ضدهم من الشجرة الحكيمة، وهم أصحاب حق في إتهام الفأس بتلك الجريمة الشنيعة بحقهم وقطعهم هكذا دون رحمة، فسألوا الشجرة الحكيمة قائلين: لماذا هذا الحكم الجائر أيتها الشجرة الحكيمة، بقرارك ببراءة الفأس الظالم؟! وقد أستنجدنا برأيك الحكيم لإنقاذنا.
فأجابتهم الشجرة الحكيمة قائلة: أنظروا إلى الفأس جيداً، أوليست قطعة الخشب هي التي تسند قطعة الفأس الحديدية، التي تشتكون من أعمالها؟!
فرد الجميع قائلين: أجل أيتها الشجرة الحكيمة.
فأجابت الشجرة الحكيمة قائلة: إذن فهناك واحد منا مشترك وتساند الفأس بصورة فعلية في ظلمكم، وعليكم أن تصفوا حسابكم معه، وحينذاك سنصدر قراراً آخر. |