صرح نائب الرئيس الامريكي بايدن ، أن التوترات والصراعات الطائفية في العراق تهدد المصلحة القومية الامريكية ، وتهدد بقطع أمدادات الطاقة ، بمعنى هي تهديد للأقتصاد الامريكي ، هذا الكلام يوحي أن امريكا غير راضية عما يجري من أرهاب وعنف وتوترات طائفية تريد المجموعات الارهابية نشرها في العراق ، وفي جميع دول المنطقة ، نحن نرى عكس ما يقول بايدن أن الطائفية والارهاب المنتشر في المنطقة مبرمج لمصلحة امريكا واسرائيل .
في تقديري أن كلام بايدن هذا كذب مفضوح وفيه مغالطة كبيرة ، وهذا هو منهج السياسة الامريكية كذب وخداع وعدم مصداقية ، أقول كلامي هذا ليس من باب التحامل ، بل بناء على تجارب عشناها مع الامريكان ، لا أحد يستطيع أن ينكر أن امريكا هي طرف في خلق الفتن الطائفية في المنطقة ، ولا يمكن نسيان دورها الخبيث الذي لعبته في العراق أيام الأحتلال البغيض ، عندما كانت ترعى الارهاب الطائفي ، مقابل عدم التعرض لقطعاتها العسكرية ، واكثر من هذا كان الكثير من أبناء الشعب العراقي يعرف أن قوات الأحتلال تقوم أحيانا بتوفير الحماية للأنتحاريين وللسيارات المفخخة ، لغرض أيصال الأنتحاريين أوسيارات الموت المفخخة لمناطق محددة يريدها الامريكان ، لتحقيق غايات سياسية ، بل أن بعض المطلوبين من قيادات الأرهاب يعملون عند الامريكان بأجور عالية ، وبعضهم يعمل داخل مؤسسات الدولة تحت المظلة الامريكية ، ولا يزال البعض منهم متخفي داخل بعض المؤسسات ، ومهمتهم تخريب الاقتصاد ، أوتعويق تقديم الخدمات ، أو تسهيل الأختراقات الأمنية ، والشعب العراقي يعرف الدور الامريكي القذر هذا ، ورغم هذا الجهد التخريبي المدعوم امريكيا واقليميا ، استطاع الشعب أن يعبر ويتجاوزالمرحلة بصبر وأناة من أجل الحفاظ على وحدة الشعب العراقي ، ومن أجل سلامة العملية السياسية الجديدة والمحافظة عليها من الأنهيار .
بايدن يعلن تخوفه من تأثير التوترات الطائفية في العراق على المصلحة القومية الامريكية ، ونحن بدورنا نسأل بايدن من الذي يصنع ويدعم هذه التوترات الطائفية والعنف والقتل العشوائي في العراق ؟
الكل يعرف أن هذه التوترات والارهاب تنشره أذرع امريكا والصهيونية في العراق وفي جميع دول المنطقة التي يُشم منها روح المقاومة ! لأجل أضعافها وتفتيتها ، لماذا لا يتخوف بايدن مما يجري في هذه الدول من أرهاب وتمييز طائفي ؟
لماذا لا يتخوف بايدن مما يجري من توترات طائفية في سوريا مثلا ؟
أرى أن دعوة بايدن هذه تخفي وراءها شيئا مبيتا للعراق ! سيما وأن الشعب العراقي لم ينس بايدن ومشروعه الذي طرحه أيام الأحتلال لتقسيم العراق الى ثلاث ولايات او أقاليم على أساس طائفي وقومي خدمة لأسرائيل ، وتنفيذا لمشروع اللوبي الصهيوني الجديد لدول الشرق الاوسط ، لتقسيمها الى دويلات صغيرة ممزقة بحيث لا تشكل خطرا على أسرائيل ، تصريح بايدن في هذا الوقت بالذات ، والمنطقة بأجمعها تشهد صراعات طائفية عنيفة بدعم أذرع امريكا في المنطقة وهي السعودية وقطر وتركيا ، أستشف منه أن بايدن يبيت شيئا مدبرا للعراق ، قد يبغي من ورائه تغيير المعادلة السياسية لصالح الجهات السياسية المحسوبة على السعودية وقطر وتركيا ، ليوحي أن التوترات الطائفية في العراق التي تهدد الأمن القومي الامريكي حسب زعمه ، لن تنتهي الا بأستلام هذه الجهات السياسية لمصدر القرار في العراق، وقد صرح بذلك أحمد العلواني عضو مجلس النواب العراقي من ساحة ما يسمى (الأعتصامات ) في الانبار ، وأكد ذلك أيضا (المعتصمون )في الموصل والانبار والفلوجة ، هؤلاء الطائفيون المرتبطون بأجندة خارجية سعودية او قطرية او تركية ، لا يروق لهم أن يروا أبناء الشعب العراقي بكل ألوانه وأطيافه يعيشون متحابين متعاونين لبناء بلدهم بعيدا عن النعرات الطائفية اوالقومية ، لأن أسيادهم الذين يغذونهم بالمال والسلاح والدعم الاعلامي الكبير لا يرضون بذلك ، يريدون أن تكون المعادلة السياسية بأيدي عملائهم من السياسيين ، ويسعون على الأقل تأسيس أقليم طائفي مستقل عن العراق في المنطقة الغربية ، يديره محور الشر من خارج الحدود، وبذلك يتحقق مشروع بايدن الصهيوني لتقسيم العراق الذي أراد تطبيقه في بداية الأحتلال الامريكي للعراق .
الارهاب والطائفية صناعة لها منتجون ومصدرون ، الصناع معروفون وكذلك المصدرون ، والفكر التكفيري الذي تتبناه السعودية ومنظومة دول الشر الاخرى برعاية امريكية صهيونية ، هو المنهج الفكري لجميع الارهابيين والطائفيين في الساحة ، نسأل بايدن ، هل هو يجهل هذه الحقائق ؟
الواقع يقول أن أمريكا وحلفاؤها هم من يصنع الارهاب ويصدره ويرعاه ويدعمه ، خدمة للحركة اليهودية العالمية التي سلاحها ( المال والبغاء والقتل المقنن ) ، امريكا تدعم بشكل مباشر، او غير مباشر من خلال الدول التي تدور في فلكها وتقع تحت نفوذها ، قد يصادف أن تتقاطع مصلحة امريكا أو أسرائيل مع بعض توجهات خلايا الارهاب في هذه الدولة او تلك ، حينئذ لا مانع من قتلهم لأنهم عندهم مجرد حشرات تستخدم لتنفيذ غايات واهداف تخدم امريكا واسرائيل ، يتحكمون بهم من خلال أذرعهم في المنطقة .
أن ما يدعيه بايدن من تخوف امريكي من الصراعات الطائفية في العراق وتأثير ذلك على الاقتصاد الامريكي محض دعاية أعلامية ، وكذب مفضوح ، لأن امريكا لو أرادت فعلا القضاء على الارهاب والطائفية في بلد ما كالعراق مثلا ، لأوعزت الى أذرعها التي ترعى وتدعم الارهاب ، بالتوقف عن دعمه في العراق ، لكن امريكا وأذرعها ، مع بعض المجموعات السياسية العراقية التي تتلقى تعليماتها من خارج العراق ، هي من يصنع الارهاب ويسوّق الطائفية ، ولو كانت امريكا فعلا تريد أنهاء التوترات الطائفية في العراق ، لأوعزت الى السعودية وقطر وتركيا ، وهم من يصنع الارهاب والطائفية في العراق ، بالتوقف عن دعم الارهاب وأثارة النعرات الطائفية فيه ، لأن هذه الدول هي أذرع امريكا واسرائيل في المنطقة ، ومن المعلوم أن هذه الدول لن تقوم بأي فعل خارج الارادة الامريكية والصهيونية .
قد تكون امريكا عاجزة عن الوقوف بوجه اللوبي اليهودي الامريكي ، وبوجه اسرائيل المستفيد الاول من أنتشار الطائفية والارهاب في المنطقة ، لأن من مصلحة أسرائيل أن تشيع الطائفية والارهاب في دول العالم الاسلامي ، خاصة في تلك الدول التي تشعر بخوف منها ، في هذه الحالة يجب على بايدن أن كان يحمل شعور المواطنة الامريكية ، أن يعلن عجز امريكا في مقاومة رغبات اللوبي الصهيوني الامريكي - هذا في حالة أن لم يكن هو واحدا منهم - ويعلن عجز امريكا في كبح رغبات أسرائيل وصهاينة امريكا ، وتصميمهم على نشر الطائفية والارهاب في دول الشرق الاوسط ، حتى لو كانت هذه الرغبات الصهيونية تتقاطع مع مصالح امريكا ، لأن مصلحة أسرائيل أهم من مصلحة امريكا عند الامريكان الصهاينة ، لذا بدل أن يكذب بايدن بادعائه في مقاومة الارهاب والطائفية التي تنتشر في المنطقة ، كأنتشار النار في الهشيم ، عليه أن يضغط على السعودية وقطر وتركيا ، لمنع هذه الحكومات التي تقع ضمن دائرة النفوذ الامريكي من دعم الارهاب والطائفية في بلدان المنطقة ، وفي العراق خاصة على أعتبار أن أنتشار الطائفية والارهاب في العراق هو تهديد للمصالح القومية الامريكية حسب أدعاء بايدن ، وهو يعرف أن الطائفية في العراق لن تنتهي الا بعد قطع الايادي التي تدعم الارهاب والطائفية من خارج الحدود ، وكذلك قطع الايادي الداخلية التي تمتد لتصافح الايادي الممتدة من خارج العراق ، هذه المعادلة يفهمها ويعرفها بايدن جيدا ، لكنه يغالط نفسه ، ويصرح ويكذب علنا كذبا مفضوحا .
بالمجمل لا ثقة للشعب العراقي بامريكا لأنه صاحب تجربة معها ، وآخر موقف مشين لها ، هو في 6 / 10 / 2013 عندما سمعنا تصريح بعض أعضاء اللوبي الصهيوني في الكونجرس الامريكي ، وهم يهددون العراق بقطع المساعدات عنه ، بحجة عدم تعاونه فيما يتعلق بقضية معسكر أشرف ، والشعب العراقي يعرف جيدا من هم سكان معسكر أشرف ، أنهم عملاء امريكا والصهيونية ، ولهم مواقف مشينة مع الشعب العراقي ، عندما أصطفوا مع صدام في ذبح الشعب العراقي ، أضافة الى أنهم أجانب متواجدون على الارض العراقية بصفة غير شرعية ، وقد تورطوا بجرائم ضد أبناء الشعب العراقي ، ومارسوا الارهاب من الارض العراقية ، فلابد أذن من التخلص منهم ومن شرهم ، لأن وجودهم غير قانوني ويهدد مصلحة العراق الوطنية ، هذا الموقف الامريكي الاخير هو أستمرار لمواقف سابقة ، وهؤلاء هم الامريكان أنتصار للظالم على المظلوم ، ولا تهمهم مصلحة الشعوب ، بقدر ما يهمهم مصلحتهم ومصلحة الصهيونية ، وليت بايدن يطل علينا ليعطي رأيه في هذه القضية التي يدافع فيها بعض أعضاء الكونجرس من اللوبي الصهيوني عن مجموعة أرهابية هم سكان معسكر أشرف .
أذن سيد بايدن أن كنت تريد حقا القضاء على الارهاب والطائفية ! توجه الى حلفائك من دول الشر في المنطقة ، وامنعهم من دعم الارهاب والطائفية في العراق ، لأنهم واقعون بالفعل تحت نفوذكم ، وأنتم أسيادهم ، وهم مسيرون من قبلكم ، حينئذ ستؤمّن أستمرار تدفق النفط لبلادك ، وتحافظ على المصلحة القومية الامريكية .
لكني أقول بقناعة أنك عاجز عن فعل ذلك ! |