• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مفارقات يوسف القرضاوي .

مفارقات يوسف القرضاوي

  الأيام هي الأيام والسنين هي السنين والحدث الذي كان بالأمس هو نفسه ما أعادته ذاكرة السنين  اليوم .

إن المتتبع الحصيف الذي لا تفوته شاردة ولا واردة في أرشيف الحدث السياسي والسجل المدني لطغاة العصر وأصنام الشعوب  يدرك تمام الإدراك إن التاريخ يعيد نفسه رغم المتغيرات والاختلافات التي تنتج بفعل عوامل التعرية وسقوط الأقنعة التي أوهمت جماهير الأمة بإلوهية تلك الأصنام وقداستها .
وإذا سلمنا بأن هناك شخصيات صنميه تعلوا في مستواها على ظاهرة الاختلاف التي أقرها القران الكريم (ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة ولا يزالون مختلفين )118هود فإنه مما لاشك فيه إن التعاطي  مع أفكار تلك الصنميات يجب أن تكون على ميزان العدل وكفة العطاء بل وعلى قدر مسؤوليات المنصب .
إن أكثر ما تعول عليه الشعوب والأمم في تعاطيها للأحداث وخاصة السياسية منها على علمائها وفقهائها ومن تأتم  بها , ومن تراها مرآة تعكس الفكر النير المعتدل  ( لا المعتل ) الذي يطابق الشريعة المقدسة ضمناً ومفهوماً .
إنما أريد أن أشير إليه في هذه العجالة ,هي تلك المفارقة الغريبة التي أريد أن أدونها في فكر القارئ الكريم من أن الموقف الذي تبناه الشيخ القرضاوي في قضية الثورة الليبية وفتواه بجواز قتل الرئيس الليبي معمر القذافي سواء من مناوئيه أو ضباطه , إن مثل هذه الفتاوى في إهدار الدم لرجل قتل من  شعبه ألفاً أو ألفين كأقصى حد  , جدير بأن تحترم وتبجل أيما تبجيل , لأنها تعكس التعاطي الصحيح لمثل هذه الأحداث , وتلمس آلآم الشعب الليبي والوقوف على مجازر وجرائم الرئيس الليبي , ويجب كذلك أن  نشير إلى التفاعل السريع مع تلك الأحداث التي تفجع منها ذلك الشعب المظلوم , وهذه صورة رائعة  (تلك الفتوى) تحمل مواقف البطولة والجهاد تضاف في سجل الشيخ يوسف القرضاوي في مقارعته للظلم والظالمين منذ عهد أنور السادات وما وصفه الشيخ في ملحمته النونية إلى يومنا هذا .
 ولكن هناك صورة أخرى مغايرة ومختلفة لا تطابق الصورة الأولى . 
وهي السكوت المقصود والمتعمد عن الحقيقة الحقة بشأن جرائم رئيس عربي أذاق شعبه الظلم بألوان الطيف المعتمة وسحقهم وقتلهم أيما قتلة في المقابر الجماعية وهجرهم على وجوههم في فيافي وصحاري الدول القاصية والدانية وتربص لهم من بعيد , وأبادهم في ثورتهم الشعبانية وقتل منهم الملايين في حربه مع جيرانه , لم يفرق بين صبيتهم وشبابهم وشيوخهم ونسائهم , فكلهم عنده على حد سواء , وللقارئ الكريم أن يسأل القرى الكردية مثل قرية حلبجة ما جرى عليها , من تصفية شاملة بالمواد الكيميائية والغازات السامة ليذيق أهلها الموت الزؤام عن بكرة أبيها .
إنه الرئيس فارس القادسية المقبور صدام حسين الذي أشاد به الشيخ القرضاوي والذي بكى وتباكى عليه يوم شنقه يوم الأضحى . 
والذي الذي قال في نعيه إياه ( لقد مات موتة الشجعان واقف كالأسد وانه تشهد الشهادة وهي تعني توبة الرجل ).
بالله أي أراجيز يستخف بها العقول , ويهرج بها على ذوي الألباب ؟ إن كانت هذه الشهادة مقبولة فقد قبلت شهادة فرعون قبله عندما رأى الموت  قبل غرقه في البحر .
هيهات هيهات
كيف لا والقران الكريم يقول (... حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت انه لا اله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين (90) الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين ) يونس 91 علاما هذه المفارقات ؟ لماذا المعايير مزدوجة عند الشيخ هي أساس الحكم ؟ هنا يفتي بقتل معمر القذافي ويهدر دمه , وهناك يرى صدام المقبور شهيداً سعيداً .
هنا يندد بجرائم القذافي , وهناك يشيد بصدام ويعلن توبته .
(  مالكم كيف تحكمون )



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=3663
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 02 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 16