بحلول السبت 8 / 9 / 2013 يكون قدر مر على التظاهرات الجماهيرية المطالبة بالغاء الرواتب التقاعدية للبرلمانيين وذوي الدرجات الخاصة اسبوع واحد , وبهذه الاسبوع يمكن للمراقب والمتابع ان يقوّم الامر بشيء من الموضوعية .
من المعلوم للجميع , سياسيين وحكوميين وجمهور , ان الاعداد لتظاهرات 31 / آب / 2013 استغرق اشهرا قبل يوم انطلاقها , وكانت معلومة الهدف والشعار والمسار , ومع ان وزارة الداخلية عملت على تعطيلها في بغداد لكن المتظاهرين خرجوا في العاصمة وفي محافظات الوسط والجنوب , وكانوا على مستوى جيد من الانضباط والتعاون مع الجهات الامنية في الاعم الاغلب لم يعكرها الا ماحدث في محافظة ذي قار . اخذت الشعارات المرفوعة وهي تطالب بالغاء تقاعد البرلمانيين طريقها الى ذوي القرار من الحكومة ومجلس النواب وتباينت ردود الافعال , فقد سارع السيد رئيس الوزراء الى ابداء تعاطفه وتاييده لمطالب الجماهير وسارع مجلس الوزراء الى طرح مشروع قانون التقاعد الموحد بديلا عن القانون المعمول به , بل بديلا عن قوانين التقاعد المعمول بها , لاننا في العراق تم تصنيفنا تقاعديا الى طبقات فهناك تقاعد البرلمانيين , وهناك تقاعد الاساتذة الجامعيين وخدمتهم وهناك تقاعد الاطباء , وتقاعد مفوضية الانتخابات وغيرها , ولا ندري باي تقاعد اخر ستاتينا جهينة , لان عند جهينة الخبر اليقين .
الذين ايدوا مطالب الجماهير وقدموا بحسب صلاحياتهم ومسؤولياتهم ما يساعد على تنفيذها يستحقون الشكر والامتنان لكن بعض النواب من قوائم معينة ابدوا تحديا واضحا وفجا لمطالب الجماهير وكانهم رسل ارسلهم الله تعالى للشعب العراقي فلا يجوز التدخل في حقوقهم , وليسوا اناسا انتخبهم جمهور معين وترتب على انتخابهم اخذهم الثمن الربيح . الا يعلم هؤلاء ان جمهور الناخبين نفسه هو المنوط به محاسبتهم على ما هم فيه من وفرة وثراء وامتيازات ما كانت اساسا ولا هدفا لثقة الناس بهم ؟ .
لقد وضح وتاكد ان اكثرية النواب المدافعين عن تقاعدهم المليوني هم من اعضاء القائمتين العراقية والكردستانية مع ان جمهور هاتين القائمتين لا يختلف عن سائر العراقيين في المعاناة جراء الفروقات في الرواتب ولا في شعوره الوطني في الحفاظ على المال العام ومكافحة الفساد المقنن .
مطروح الان على مجلس النواب مشروع قانون التقاعد الموحد بعد ان رفعته الحكومة وعلى المجلس مناقشته وهو مشروع يلغي كل القوانين الاخرى للتقاعد ويبطل العمل بها , وهذا امر جيد خرجت حكومة ورئيسها من خلاله من تهمة التقصير في هذه القضية , فهل يتحمل مجلس النواب تهمة الجماهير له بانه لا يلقي بالا ولا ينظر الى مطالب شعبه ؟ هل يفكر بعض النواب بما ستؤول اليه الحال لو اصروا على الدفاع عن تقاعدهم المليوني ؟ . لقد وصف علي (ع) بعض المتصدين لسياسة الناس ورعايتهم فيه الامام حقيقة ما في بعض النفوس , قال (ع) :
" اتخذوا الشيطان لأمرهم ملاكاً ، واتخذهم له أشراكاً ، فباض وفرخ في صدورهم، ودبَّ ودرجَ في حجورهم ؛ فنظر بأعينهم، ونطق بألسنتهم، فركبَ بهم الزللَ ، وزين لهم الخطلَ ، فعْلُ مَنْ قد شركه الشيطانُ في سلطانه ، ونطق بالباطل على لسانه " .
اعتقد ان اي رفض لمشروع قانون التقاعد الموحد , بل ان اي قانون لا يتضمن الغاء تقاعد البرلمانيين سوف يؤدي الى اندلاع تظاهرات اكبر واوسع وربما يتدحرج الامر فيكون مثل كرج الثلج كلما تدحرجت زاد حجمها , اومثل كثيب رملي كلما مرت عليه الرياح زاد حجمه او تنقله من مكان الى اخر .
يبقى شيء جدير بان نلاحظه وهو :
على القائمين على حشد التظاهرات لتحقيق هذا المطلب وعلى اللجنة التنسيقية المشرفة ان تاخذ بنظر الاعتبار اندساس بعض ذوي الاجندات الخاصة في التظاهرات , وهؤلاء يعملون لهدفين , او هم فئتان , فئة تريد ان تحسب الانجاز لها فتركب الموجة لاغراض انتخابية , وفئة تدفع بعناصر مشاغبة للاحتكاك بسلطات الامن والجيش واثارة الشغب للتشويه على مطالب الجماهير وافشالها واعطاء صورة مشوهة عن اجهزتنا الامنية بانها تقمع المتظاهرين والحقيقة ليست كذلك , فتظاهرات 31 أب 2013 وسلوك الاجهزة الامنية حيالها كان منضبطا في كل المحافظات ولا يشوهها ما جرى في ذي قار الذي نحسبه من صنع الفئة الثانية .