• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : بديهيات اقتصادية .

بديهيات اقتصادية

 من المعروف اقتصادياً ان ضخ اموال كثيرة في الاسواق يؤدي الى ارتفاع الاسعار خصوصاً في الاقتصاد الحر الذي يتمكن تجار الجملة والمفرد رفع اسعار السلع لمجرد معرفتهم بوجود سيولة نقدية جديدة ،لذلك فان الارتفاع في الرواتب والاجور مع عدم دعم الاسعار وتثبيتها يعني ان أية زيادة تقدم للمجتمع او للموظفين ستكون وبالاً على الجميع وسيدفع المواطن لقاء تلك الزيادة اضعافها من خلال ارتفاع الاسعار .
ان محاولات علاج الاوضاع الاقتصادية تتم عبر التخطيط العلمي السليم وليس بردود الافعال التي تحاول امتصاص غضب الناس من ارتفاع الاسعار وزيادة معدلات البطالة مع انعدام الخدمات،ومن هنا فاني كمواطن ولي(بعض العلاقة)بالاقتصاد اعتقد ان تعويض المواطن عن النقص الحاصل في مفردات البطاقة التموينية بمبلغ بسيط قد لايكفي لـ(امبير كهرباء)من مولدة اهلية،يعني ضخ سيولة في الاسواق اذ ان المواطن يتجه نحو محاولة سد احتياجاته من المواد الغذائية والسلع الضرورية عند حصوله على أي مبلغ اضافي،وهنا تأتي (الفرصة)المناسبة للتجار على مختلف مستوياتهم وحتى الدنيا الى رفع الاسعار باكثر من الزيادة التي حصل عليها المواطن ،وبالتالي خروجه خسراناً من المعادلة الاقتصادية الخاطئة .
حصل مرة في العهد السابق ان استدعيت بعض الكوادر الاعلامية لمقابلة رئيس الجمهورية الذي بدأ كلامه بالاعراب عن نيته زيادة رواتب الموظفين بشكل مجز،وكان راتب الموظف لا يتجاوز الدولار الواحد شهرياً،والمدير العام عشرة دولارات،وكان من المفروض ان يجد هذا القرار ترحيباً(شكلياً)من الحاضرين إلا اني(والشهود احياء)رفعت يدي وقلت انني اعتقد ان هذه الزيادة ستكون في غير صالح الموظف،فسألني :كيف؟قلت:ان الزيادة ستذهب الى جيوب التجار،قال:وما الذي تقترحه؟قلت:زيادة البطاقة التموينية عمودياً وافقياً،اي زيادة مفرداتها الى اكثر من تسعة مواد،وزيادة الكميات الموزعة الى اكثر من الكيلوات الزهيدة في الطحين والرز والسكر وغيرها...أمسك ورقة وبدأ يكتب وسأل:من يتذكر مفردات البطاقة التموينية وكمياتها؟اجاب المرحوم طه البصري انه يعرفها وبدأ بتعدادها،وبعد فترة قال:ان بعض المواد يمكن تأمين زيادتها محليا والاخرى تحتاج الى استيراد وليست لدينا عملة صعبة لذلك .واذكر انني استطعت احباط مشروع الزيادة بحجج اقتصادية مقبولة .
قد يعترض البعض على ايراد هذا المثل ويتهمني بما شاء من التهم الباطلة،إلا ان الحادثة حقيقية ولابد انها مسجلة كما يحدث في جميع المقابلات .
لا اعرف بالضبط سبب(انتكاسة)البطاقة التموينية في واقعها العملي مع احتفاظها بقوتها كشهادة ووثيقة تعريفية،فالدولة لديها الاموال اللازمة لشراء مفرداتها ،ولكن البعض يرجع ذلك الى عمليات الفساد المالي والاداري والسرقات واستيراد مواد غير صالحة للاستعمال البشري او منتهية الصلاحية او سيئة جدا مثل الشاي سيء الصيت الي لا نعرف لحد الآن نتيجة التحقيق في كيفية استيراده و(غلي)ملايين الدولارات على النار لتنتج مزيجا لا علاقة له بالشاي(البشري)! وازعم (والوكيل شاهد)انني لم استلم مفردات البطاقة التموينية منذ سنوات لا بسبب المقدرة المالية(وهي وهمية)ولكن لسماعي عن رداءتها وبعد مكان سكني الحالي عن مكان الوكيل الذي كنت احصل منه على المواد التموينية.
ان العمل على الاصلاح في القطاعين الزراعي والصناعي والاهتمام بالانتاج المحلي،وتكليف لجان نزيهة بالاشراف على عمليات استيراد المواد الغذائية من الخارج هو الحل الابتدائي لاحدى المشاكل الاقتصادية التي تواجهها البلاد،والمطلوب(الحزم)حيال المفسدين ومعاقبتهم وكشف الحقائق امام الناس ليكونوا عبرة لمن يليهم في مسؤولية هذا القطاع،فمن المعيب ان لايجد الوطن اي بصيص نور في اصلاح اوضاع الخدمات الرديئة التي تبدأ من داخل البيت الى الشارع والى العمل ..ثم العودة،ومع ذلك يظهر بعض السيئين الذين لا هم لهم سوى السرقة والاحتيال والسحت الحرام.
لا نريد زيادة في الرواتب،بل نريد دعماً حقيقياً في الاسعار ،مع توفير الخدمات الضرورية...وانا اعرف انني اصرخ في واد ! 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=3526
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 02 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 16