إن نطاق الإنسان الرسالي يبدأ من الدائرة الصغرى كفرد يربي نفسه على القيم والمبادئ والأخلاق السليمة أساسها التدين الإسلامي الحقيقي النابع من التعاليم السمحة، والذي وصى بها رسول الرحمة محمد (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (صلوات الله عليهم أجمعين).
لذلك فإن ميزات الإنسان الرسالي كفرد أن يتشبه بالأنبياء، والأئمة، والصالحين، فيصيغ شخصيته بالشكل الصحيح، ويحاكي بكل شيء هؤلاء فيحاول أن يمشي مشية رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام). وتكون كلماته وأحاديثه تصور للآخرين كلماتهم (عليهم السلام) وتمثل نوراً وهدى، وفي حال اتخذ ـ هذا الإنسان الرسالي ـ موقفاً لا بد أن يكون انعكاساً لمواقف الانبياء والرسل (عليهم السلام)، وهذا ما يجب أن يكون عليه جوهر الإنسان الرسالي.
صفات الإنسان الرسالي:
أولاً: يجب أن يعمل على تحصيل العلوم التي تحصنه في دينه ودنياه حتى لا يتأثر بالمغريات التي من حوله، والتي قد تحاول أن تضله عن الهدف الإساسي، وتشتت تفكيره بحيث لا يصل إلى المراد من خلق الله تعالى لهذا المخلوق المميز العاقل عند الله سبحانه وتعالى.
فقد قال تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}.
فقد جاء في التفسير هذه الآية الكريمة أي ليعرفون، فكان الأصل من خلق الإنسان هو تحصيل العلم والمعرفة التي يفيد نفسه والآخرين بها.
وجاء في الحديث القدسي عن الله عز وجل عن عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: "لما خلق الله العقل استنطقه. ثم قال له: أقبل فأقبل. ثم قال له: أدبر فأدبر. ثم قال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقاً هو أحب إلي منك ولا أكملتك إلا فيمن احب، أما إني إياك آمر، وإياك أنهى وإياك أعاقب، وإياك اثيب".
وعن الإمام الرضا (عليه السلام) أنه قال: "صديق كل امرء عقله، وعدوه جهله".
ثانياً: يجب أن تكون نيته خالصة لله عز وجل، وأن تكون رسالته بهدف مرضاة الله سبحانه، فإن وضع هذا الهدف نصب عينيه في كل خطوة يخطيها أو سكنة، فيكون نجاح أعماله وضبطها وكل حركاته في ضمن هذا الإطار.
فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال:" يا أيها الناس أخلصوا أعمالكم لله تعالى، فإن الله لا يقبل إلا ما خلص له".
ثالثاً: إن أهم ميزات الإنسان الرسالي هي هداية الذين يحيطون به، فيعمل على تكريم الإنسان بشكل عام، وجعله قيمة مضافة وعليا، وتوظيف كل قدراته من أجل سعادة الآخرين وحفظ كراماتهم و العمل من أجل إزدهار حياتهم، ولا يكون ذلك إلا من خلال هدايتهم إلى ما هداه الله إليه.
وطرق الهداية كثيرة وعديدة ومتنوعة ولا بد أن تكون مطابقة للعقل والمنطق، حتى يستسيغه كل انسان له فهم وإدراك، إن لم يكن هناك من حائل كتعصب أعمى، أو عناد ضد الحق.
رابعاً: على الإنسان الرسالي بذل مجهوداً لكي يعرف الناس على الإسلام الحقيقي، وإظهار عناصر القوة و العظمة التي فيه و العمل على إقناع الناس بالالتزام به وإتباعه وألفات النظر إلى عيوب الحياة المادية و ضعفها وقصورها عن إيصال السعادة للبشر وكمالهم.
أخيراً، إن حركة الإنسان الرسالي هي حركة مباركة تتميز بنطلاقها من تفكير جذري في الحياة، فتعمل على تغيير هذا الظاهر الذي لا جدوى منه إلا تلك فائدة ظاهرة، اما التغيير الجذري فسيؤتي فائدة جذرية، ومن المحال توقع الفائدة الحقيقية فقط من خلال الظاهر، وهناك حكمة مشهورة مفادها:"أن لكل حق حقيقة، وعلى كل صواب نوراً".
|