• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : الأعمى وشارد الذهن .
                          • الكاتب : صادق مهدي حسن .

الأعمى وشارد الذهن

  بينما كان الشيخ الأعمى يتفحص طريقه بعصاه ذاهباَ كالمعتاد إلى السوق ليشتري لقمة يسدُّ بها جوعته وإذا به يرتطم برجل كان يمشي وسط الطريق .. ضحك الأعمى وقال : سبحان الله ، لعلك أكثر عمىً مني ثم قال : ما أسمك أيها المسكين ؟
الثاني : إنني أسكن في مكان ٍ ما..
الأعمى :إنما سألتك عن اسمك لا عن عنوانك ! من أنت ؟ لعلي أعرفك قبل هذا اليوم. 
الثاني : ليس مقبرة..ولكنه مليءٌ بالأموات !!
الأعمى :هل تسمعني أم تحدِّث نفسك ؟!
الثاني : تخيَّل ! يتحدثون .. يمشون.. يأكلون.. يشربون.. و (يفعلون ما يفعلون).. لكنهم ميتون !
الأعمى : ميتون ؟! هل أنا في حلم أم أنت ؟ سألتك عن إسمك ليس إلا..
الثاني: يتحدثون عن بعضهم البعض بشرٍّ وعدوان .. يمشون سراعاً إلى كل رذيلةٍ وهوان.. يأكلون لحوم بعضهم ولا يشبعون ويشربون دماء بعضهم ولا يرتوون ، و(يفعلون ما يفعلون) ولكنهم ميتوووووووووووووووون !
الأعمى : سبحان الله العظيم ! ما هذه المتاهة التي لا مخرج منها ؟!
الثاني :(بحسرة وأنين) انتحر الحب في أفئدتهم فهي كالحجارة أو أشد قسوة ، وأطلقوا على الفضيلة رصاصة الرحمة بعد أن عانت الأمرين من نفاقهم وضلالتهم ، و أصدروا أحكام الإعدام على الأخلاق الطيبة ولا جرم لها ولا جريرة..فشنقوا الصدق بحبال الكذب والبهتان، ودفنوا الوفاء و الإخلاص في مقبرة البغي والخيانة ، و.....( ينفجر باكياً بأعلى صوته) 
الأعمى (يصرخ عالياً) : نعم .. و ماذا؟ أجبني يا (صوت الحق) الحزين.. من أنت ؟
(ويغادر الثاني المكان  وهو شارد الذهن دون أن يجيب عن سؤال الشيخ الأعمى) 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=3431
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 02 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 16