سوبرماركت.. 

     بين دهاليزه تزاحمت الرفوف بأصناف المواد الغذائية، بكميات مضاعفة عن بقية الأيام المعتادة، وبالكاد تلمح انفراجة بين أعمدة الكراتين التي اصطفّت أفقياً وعمودياً، وأخذت أشكالاً هندسية رباعية وخماسية...، وأخرى غير منتظمة الشكل، فمندوبو شركات الأغذية وتجار وإدارات مراكز التسويق بكل تصنيفات أحجامها السوبر والهايبر وما دونها ودون دونها، ومع قرب شهر رمضان يحرصون على أن لا ييبقى مكان شاغرا دون امتلائه ، حتى و إن اضطر لتكديس تلك الأصناف ، فما يهم هو  عرض أوسع قائمة لأصناف السلع المطلوبة نتيجة قناعات شكّلتها العادات الرمضانية التي تتأثر بقوة بالإعلانات التجارية والترويجية للأغذية.

 

 وهذا ما تعنى به خطط التسويق عبر صناعة قناعات جديدة لدى المتسوق واستخدام حيل سوسيولوجيا الإقناع في الترويج لسلعة جديدة. وبهذا فإننا حتماً نجد عبوات المشروبات المُشبعة بالصبغات الصناعية الملونة، و عصائر البودرة المصنعة بنكهات تُنسيك أن الطبيعة أنتجت لنا ما طاب من الفواكه المغذية و المنعشة و التي تُمكننا من تحضير أشهى العصائر و بأقل تكلفة، وهكذا تتناثر مثل هذه السلع في نشوة الغرور، وتتقافز بين أيدي الحضور، يزين خصرها شرائط العروض بألوانها البراقة، وقد طبعت عليها الأسعار الجاذبة و المُخادعة في كثير من الأحيان، و لم تعد عربات الشراء في مأمن من حالات الاصطدام بمثيلاتها في ممرات العبور فأصحاب المتاجر لم تكفهم أحضان الرفوف لعرض بضائعهم عليها، بل طرحوها أرضاً لتتقاسم ممرات المتسوقين ممن حضر وعبر حيل الترويج التجاري تزداد المداخيل والأرباح لهذه المراكز بطيب أو دون طيب خاطر، مما يثقل كاهل الناس بهذه الأعباء الإضافية على جيب الفرد.

 

ولا يسع كل متسوق إلا دفع عربة وربما أكثر من سلع بيض وسود وأخرى لا تخلو من رماد أو سموم في شكل أطعمة ومشروبات، ،و كأن قرب شهر رمضان مدعاة للتأهب لحرب ضروس قادمة . فبعد الانتهاء من معركة التسوق المُجهدة و المكلفة يمضي المتسوق قُدماً ليُكدس تلك الأكياس التي شُحِنت بما طاب و جاد في أرجاء سيارته  ليقود مقوده و كأنه الجندي المنتصر ..  يا لها من تُخمة تسوقية.