• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الصورة تتكلّم .
                          • الكاتب : وجيه عباس .

الصورة تتكلّم

 
حين جلست في مكتب أحد الضباط العسكريين الكبار فوجئت بصورة معلقة على الجدار، الصورة منفردة لآلية مصفحة لنقل الأفراد المهمين، الصورة ليست لها علاقة بالمكتب الأنيق لصديقي الذي اعرفه منذ 25 عاماً، مازال هو لم يتغير وبقي كما اعرفه ترفاً مثل ابتسامة على وجه حزين، الصورة لا تنتمي الا الى الموت، وصاحبي لم اعرف عنه إلا كل ما له علاقة بالحياة، لست فضوليا لكن الصورة سؤال يتمطرح بالارض من اجل ان يجد اجابة، سألته: صديقي الدكتور: ما هذه الصورة؟ قال لي انه عام 2008 كان مكلفا بتمثيل وزيره لافتتاح مشروع في محافظة الموصل، كان في السيارة مع ثلاثة أو أربعة أشخاص خرج عليهم انتحاري يقود سيارة مفخخة فاصطدم بهم، صديقي حين يتكلم يكاد يستمد من الصورة ما يعين ذاكرته على عدم نسيان أي تفاصيل، كيف انه شارف على الاختناق، وكيف ان الشظايا التي ملأت ساقيه جعلته يسكن وحدته العسكرية عشرين يوما دون ان يخبر عائلته، سألته: كيف أبقيت الخبر سراً ووزارتك سوف تقلب الدنيا بالسؤال والعلاج ووووو... ضحك صديقي من كل قلبه وقال لي: - ثق بالله انه خلال عشرين يوماً لم يسأل علي سوى الوزير باتصال هاتفي مع احد المترجمين وسأله عن صحتي فقط وانقطع بعدها كل شيء!!. تحيّرت من لهجة صديقي التي تشي بخيبة امل كبيرة، كيف يتحمل من يقف في الصفوف الاولى ان يتجاهله الجميع لمجرد انه اصيب بشظايا وكأنه كان عبئا على الجميع؟!. لماذا تتنكر الوزارات العسكرية لضباطها بمجرد اصابتهم او احالتهم على التقاعد وكأنه كان طيلة سنوات خدمته متهما بجريمة لم يرتكبها؟ كيف يمكن لضابط برتبة لواء ان يحال على التقاعد فيتم سحب هويته وسلاحه وحمايته وسيارته وجواز الخدمة وكل ما له علاقة بالدائرة ويصل الأمر لمنعه من الدخول الى الوزارة لمتابعة معاملة تقاعده؟!!. يقول صديقي: الذي آلمني حقا ان احد الضباط الاميركان اصيب معي في نفس السيارة لكنه خرج من المشفى، وبقي طبيبه الخاص يعالجني شخصيا لمدة عشرين يوما فيما تناساني الجميع، وبمجرد ان عدت الى ممارسة عملي كان الجميع في مكتب الوزير الذي ارسلني لتمثيله ونساني تماما يتصل بي ويقول: دكتور اذا أمكن وضع هذا الاسم في هذه الدورة فاجيبهم بالنفي. الضباط الكبار في الوزارات العسكرية بحاجة الى تقييم لمسيرتهم المهنية طيلة هذه السنوات، امنحوهم الأمان الذي فقدوه لأنهم خدموا بلادهم، ولا تجعلونهم يهربون إلى اربيل بمجرد إحالتهم على التقاعد الذي ربما كان أقرب وسيلة للتخلص منهم في الوظيفة... والحياة معاً!.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=33461
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 07 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15