‘‘هَلْ مِنْ ناصِرٍ يَنصُرنا ...؟،، صرخةٌ خالدةٌ أرسلها الحسين مدويّةً ليَصِكَّ بها سمع التأريخ إلى يوم القيامة، هي دعوة لنصرة الدين والعقيدة الحقَّة التي تضمن للإنسانية سعادتها وكرامتها في الدنيا والآخرة..وها هم أحباب الحسين ،وكُلٌّ بحسبه ومن موقعه بعد اتكاله على الله سبحانه وتعالى، في سعي حثيثٍ ومتواصل لتلبية نداء سيد الشهداء الذي سقى بدمه الطاهر جذور الإسلام فعمّقها فكراً ومنهجاً وسلوكاً،ومن هذا المنطلق يأتي (مهرجان ربيع الشهادة) سنوياً متزامناً مع ذكرى مولد أبي الضيم وريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كوسيلة من وسائل تلبية ذلك النداء الحسيني الرفيع وإحياءً لأمر أهل البيت(أحيوا أمرنا رحم الله عبداً أحيا أمرنا)..وما المهرجان إلا َبَرَكَةٌ من بركات أبي الأحرارالتي لا تقف عند حد، فالحسين عطاء متصل بالله (الذي لا تنقصُ خزائنه، ولا تزيدُهُ كثرةُ العطاء إِلا جُوداً وكرَماً)..ومما لا شكَّ فيه أنَّ المهرجان يُعَدُّ تظاهرة ثقافية مباركة ورائعة لنشر الفكر الحسيني الرصين بما يتخلله من ندوات فكرية وأدبية وبحوث معمقة في القضية الحسينية خصوصاً والقضايا الإسلامية على وجه العموم..إضافة إلى معارض الكتب التي تشكل بذاتها تظاهرة ثقافية على جانب كبير من الأهمية في توعية المجتمع وقد أثبت المهرجان والقائمون عليه نجاحاً كبيراً وملفتاً للنظر رغم كل التحديات التي واجهتهم..وتمثل ذلك في مشاركة كثيرٍ من الوفود من كل قارات العالم ومن شتى المذاهب والطوائف والأديان مما ساهم في إيصال رسالة الحسين الخالدة بصورة أكثر نقاءً وجلاءً حيث قام الإعلام الواعي الملتزم في إزالة كل الشبهات والترهات التي جاء بها أحفاد الأمويين ،ومن ورائهم ممن يهدف إلى طمس معالم الإسلام الأصيل المتمثل في أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام، والتي كان سيد الشهداء وتلك الصفوة المباركة من أهل بيته والثلة الكريمة المجاهدة من أصحابه في طليعة من بذلوا مهجهم في سبيل الدفاع عنها والذود عن عزتها ومنعتها..وغير خافٍ على المتتبع أن معايشة الوفود(خصوصاً الأجنبية ومن الأديان الأخرى )في مدينة كربلاء المقدسة والإطلاع على فكر أهل البيت من منابعه الصحيحة يسهم إسهاماً فعالاً في الإقبال على دين الإسلام والمذهب الحق الذي لاقى ما لاقى ضمن مساره التاريخي الطويل الكثير والكثير جداً من محاولات التجني والتهميش والإقصاء بمختلف أساليب المكر على مر العهود والأزمان مما ولد نظرة سلبية أخذها الكثيرون ممن يتحامل على الفكر الثوري للملحمة الحسينية المباركة ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾..ولعل هذا هو من أهم وأشمل الأهداف التي سعى ويسعى (مهرجان ربيع الشهادة) لتحقيقها..ومما يؤمّل له عاماً بعد عام وبحسب الاستقراء الحاصل من متابعة مواسم المهرجان:
• أن يكون حجم المشاركة أكبر من حيث عدد الوفود وتباين أصنافها وتوجهاتها ومناهلها الفكرية والثقافية والعقائدية..وهذا يفتح مجالاً أوسع لمن لا يعرف من هو الحسين أن ينهل من هذا الغدير العذب ..وكما قال الإمام الرضا (إن الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا)
• أن تكون فترة المهرجان أطول مما يساعد على القيام بكمِّ أكثر من الندوات الفكرية واللقاءات المثمرة ومناقشة بحوثٍ أكثر شمولاً وأوسع أبعاداً.
• أن يأخذ المهرجان بعداً وحيّزاً إعلامياً أوسع مما هو عليه الآن وهو مما يقع على عاتق القنوات الفضائية من جانب إعلامي أو دعائي لا أن يكون مقتصراً على قناة كربلاء الفضائية وبعض القنوات الأخرى..وكذلك الإعلام المسموع على أن لا يقتصر على إذاعة العتبة الحسينية والعباسية وغيرها بل ليمتد إلى إذاعات أخرى والإعلام المقروء المتمثل بإصدار كم أكبر من الكتب والمطبوعات والمنشورات والملصقات (البوسترات) التعريفية بالمهرجان وأن لا يقتصر الأمر على مدينة كربلاء بل ليشمل جميع أو أغلب محافظات العراق على أقل تقدير..
• أن يُطبع و يُنشر كل ما في المهرجان ويُترجم إلى مجموعة من اللغات المتداولة بصورة واسعة مع تصدير المطبوعات إلى دول مختلفة ونشر كل ذلك على شبكة الإنترنيت وفي مختلف المواقع..وكلما اتسعت الدائرة كلما ازداد الخير وعَم.
نسأل الله جلَّ وعلا أن يوفق جميع القائمين على خدمة الإمام الحسين وأن يكون (مهرجان ربيع الشهادة) باباً ينفتح منه أبواب أخرى لخدمة المذهب الحق ونشر فكره ورسالته وهي رسالة المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم)..ولعلنا بهذا نشكل جانباً من جوانب الانتظار الإيجابي وممن يعبد الطريق لظهور القائم المؤمل والعدل المنتظر الإمام الحجة بن الحسن صلوات الله عليه وعلى آباءه أجمعين. |