• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الرد القويم على: صلب المسيح وقيامته من خلال آيات القرآن الكريم.ج3 .
                          • الكاتب : السيد يوسف البيومي .

الرد القويم على: صلب المسيح وقيامته من خلال آيات القرآن الكريم.ج3

نصل مع القارئ الكريم في هذا الجزء إلى البحث في المبحث التالي: "الصليب في القرآن".

وقبل أن نبدأ في تفنيد ما ورد من أستدلالات التي حشدها حضرة "الأب حنا اسكندر" في هذا المبحث لا بد لنا من مناقشة نفس العنوان قبل الانتقال إلى غيرها من مواضيع..

والسؤال الذي يطرح نفسه، هل وردت كلمة (صليب) في القرآن الكريم أو الذي ذكر في كتاب الله هو فعل الصلب؟!

وبعد البحث والتدقيق والتمحيص وصلنا إلى أن العنوان يجب تعديله إلى "الصلب في القرآن" ولا ينفع أن يكون: "الصليب في القرآن".

وننتقل الآن إلى استدلالات التي ساقها حضرة "الأب حنا اسكندر" لكي يثبت بعض الأمور:

فقد عاد الكاتب نفسه لإثبات صحة العنوان الذي اقترحناه عليه حيث قال: " ترد كلمة الصلب بمعنى العذاب والاعدام".

[ من هنا فإن كلمة "الصليب" لم ترد كصفة في القرآن الكريم أو أسم، بل ما ورد فيه فعل "الصلب بمعنى العذاب والإعدام" وكما أكده الكاتب الكريم، وهناك فرق شاسع بين أن يقال "الصليب" وهو صفة وشكل له دلالة عقائدية معينة عند المسيحيين وبين فعل "الصلب" الذي يدل على العذاب والإعدام وهناك فرق شاسع في الدلالات والمعاني مع ما تعانيه كلمة "الصليب" وفعل "الصلب"، واللبيب تكفيه الإشارة].

الظاهر من خلال نقل حضرة "الأب حنا اسكندر" لهذه الآيات أراد أن يثبت أن فعل الصلب مقرر في القرآن الكريم، فمن خلال الأحداث التي حصلت مع الأنبياء السابقين ومن صلب أنصارهم، وأراد الإيحاء إلى وجود ثقافة الصلب كعقاب وإعدام قد أثبتت في القرآن الكريم وبالتالي فما يمنع أن تحصل مع السيد المسيح (عليه السلام).

ولكي نناقش ما ورد في تلك الآيات لا بد لنا أن نستعرض هذه الآيات..

الآية الأولى: { وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158)} (النساء:157- 158).

[ إن حضرة "الأب حنا اسكندر" قد عمد إلى اقتطاع جزء بسيط من كامل الآية الكريمة ودون نقل ما قبلها وما بعدها وهذا ما قد يحرف الدلالة عن معناها الحقيقي، فقد بينت الآية أن الله عز وجل ينفي قول اليهود قتل السيد المسيح (عليه السلام) أو صلبه.

ومن هنا فإن هذه الآية القرآنية لا تصلح أن تكون استدلال على حصول الصلب أو وقوع العذاب والإعدام على السيد المسيح (عليه السلام)، بل إن الآية الكريمة تظهر أن الخلاف وقع بين أصحاب "عقيدة الصلب" هل هو قتل أم لا وهم في ظن باطل في ذلك، وينفي الله عز وجل عنه القتل والصلب، بل إن الله رفعه بجسده إليه ولم يحصل على السيد المسيح (عليه السلام) أي شيء من العذاب ولا حتى الإعدام، فتكون هذه الآية لا تنفع على الاستدلال بوقوع العذاب والاعدام، بل تظهر نية اليهود إلى قتله أو صلبه ولم يفلح ذلك لأن الله عز وجل قد أنجاه، وتظهر أن المسيحيين قد وقعوا في اللبس وكذلك تبين لهم أن فعل العذاب والإعدام لم يقع السيد المسيح (عليه السلام) ](1).

استدل حضرة "الأب حنا اسكندر": { إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}. الآية 33 من سورة المائدة.

[أما عن التفسير الذي جاء في فعل (يصلبوا) هو:"والصلب: أن يُشَدَّ الجاني على خشبة"(2).

والشد هو التعليق وهذا هو الحكم الشرعي عند المسلمين].

 

قام حضرة "الأب حنا اسكندر" باستدلال بهذه الآية الكريمة: {لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ فِي جُذُوعِ ٱلنَّخْل}. ثم عمد الكاتب في الهامش رقم (12) إلى القول:"عيتص ومعناها مزدوج شجرة او خشبة، توضح معنى الاية الكريمة هنا؛ ففرعون الذي علق رئيس الخبازين على خشبة او شجرة، حسب نص التوراة؛ هو نفسه صلب على نخلة، فانتقل المعنى القرآني من التعليق الى الصلب. واصبحت عادة متبعة لدى فرعون للاعدام".

[ لا بد لنا من تبيان بعض الأمور:

أولاً: لقد بينا أن "الصلب" هو شد الوثاق لليدين والقدمين على شجرة أو خشبة أو نخلة، والأية الكريمة بينت أن فرعون قام بتقطيع الأيدي والأرجل، وهذا ينفي "الصلب" عن طريق تسمير القدمين واليدين، على الشكل المتعارف به عند المسيحيين وهو التقاء لوحين بشكل "مصلب".

ثانياً: سو أنقل لكم ما جاء في تفسير الطبري حيث فسر الآية الكريمة بالتالي:

"يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل فِرْعَوْن لِلسَّحَرَةِ إِذْ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَصَدَّقُوا رَسُوله مُوسَى:{لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَاف}. وَذَلِكَ أَنْ يَقْطَع مِنْ أَحَدهمْ يَده الْيُمْنَى وَرِجْله الْيُسْرَى، أَوْ يَقْطَع يَده الْيُسْرَى وَرِجْلَهُ الْيُمْنَى، فَيُخَالِف بَيْن الْعُضْوَيْنِ فِي الْقَطْع، فَمُخَالَفَته فِي ذَلِكَ بَيْنهمَا هُوَ الْقَطْع مِنْ خِلَاف. وَيُقَال : إِنَّ أَوَّل مَنْ سَنَّ هَذَا الْقَطْع فِرْعَوْن"(3). 

وهذا يدل من خلال التفسير الذي استدل به الكاتب ليظهر شكل الصلب أن تقطيع اليدين والقدمين من خلاف أي بشكل معاكس لا يمكن أن يجعل "الصلب" على الشكل الذي يريده حضرة "الأب حنا اسكندر" وهو الشكل "المصلب".

ثالثاً: إن شكل النخلة وطبيعتها يمنع من أن يكون الصلب على الشكل "المصلب" حيث قال حضرة "الأب حنا اسكندر": (فانتقل المعنى القرآني من التعليق الى الصلب). 

فكيف ومن أين استفاد الكاتب انتقال المعنى القرآني من التعليق والصلب على الشكل المصلب.

مع أننا قد بينا أن الصلب في اللغة هو التعليق بشد وثاق اليدين، وإخراجه عن هذا يحتاج إلى قرينة. والقرينة التي يريد الكاتب الاستدلال بها لا تنفع فإن السحرة قد قطعت أيديهم وأرجلهم ولا يمكن صلبهم بالشكل "المصلب".

رابعاً: إن نقل المعنى القرآني لا ينفع تغييره ونقله من خلال التوارة التي هي عبرية أو من خلال الكتاب المقدس الذي هو أصلاً من لغة مختلفة، فالنقل من المعنى إلى معنى يجب أن يكون من ذات اللغة، هذا ما تفرضه الأصول العلمية.

خامساً: إذا كانت التوراة نفسها قد عبرت عن فعل فرعون أنه تعليق فهل يصلح أن نقول أن "الصلب" الذي ورد في القرآن الكريم هو الصلب على الشكل "المصلب" فهذا يعتبر تحميل اللفظ ما لا يحتمل، وذلك لعدة أسباب:

1 ـ الصلب في اللغة العربية هو شد الوثاق ويعني تعليق، فيكون ما ورد في التوراة من فعل فرعون هو التعليق، فيكون الصلب في القرآن كما هو الحال في اللغة العربية وهو فعل التعليق وهذا يوافق ما ورد في التوارة من فعل التعليق لا الصلب، فيظهر للقارئ الكريم أن التعليق هو الأصل لا العكس ـ أي الصلب ـ كما أراد الكاتب أن يظهر.

2 ـ أيضاً أن تقطيع الإيدي والأرجل يمنع من الصلب على الشكل "المصلب"، وكما قلنا أن النخلة لا يمكن أن يصلب عليها بالشكل "المصلب" بل تدل على التعليق، فلا نعيد.

استدل حضرة الأب بقوله تعالى:{ يٰصَاحِبَيِ ٱلسِّجْنِ أَمَّآ أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا ٱلآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ ٱلطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ}. الآية 41 من سورة يوسف.

[ بما أننا وفي نفس الحضارة وهي الحضارة الفرعونية، فإن الصلب سيكون على نفس الهيئة التي صلب بها الفرعون السابق على السحرة، ويؤكد ذلك ما قاله حضرة الأب "حنا اسكندر" نفسه حيث قال في الهامش (12): " واصبحت عادة متبعة لدى فرعون للاعدام". يعني أنه التعليق على النخل فلا نعيد ما بيناه سابقاً].

هذه الآيات التي حاول حضرة "الأب حنا اسكندر" أن يظهر لنا من استدلالات على شكل "الصلب"، فإن الآيات لا تظهر إلا أن الصلب هو طريقة لتعذيب والإعدام ولا تعني أنها على الشكل "المصلب" أو "الصليب" الذي أراد الكاتب من خلال العنوان إلى الإيحاء لنا أن هذا الشكل موجود في القرآن الكريم.

وأنني سأناقش في بحث آخر ما علق به الكاتب على هذه الآيات حتى لا أطيل على القارئ الكريم.

__________________

(1): أحب أن أنقل هذا المقولة من أنجيل قد أكتشف مؤخراً وهو مكتوب على ورق البردة وقد سمي بـ "انجيل يهوذا"، مع علمي أن عقيدة الكنيسة لا تؤمن إلا بالأناجيل الأربعة وتعتبر باقي الأناجيل أنها منحولة. ولكن فأنني أتبع نفس سياسة حضرة "الأب حنا اسكندر" فحيث أن الكنيسة لا تعتقد بحجية القرآن ولا حتى هو وحي آلهي كما بينا في الجزء الأول من الرد ولكن حضرة "الأب حنا اسكندر" استعمل ما لا يؤمن به كي يثبت عقيدة الصلب، ونحن ننقل من باب الأنس بما ورد فأنني لا ألزمه أن يعتقد بهذا الأنجيل ولا حتى نحن أؤمن به، فكما نحن لم نلزمه فلا يمكن له أن يلزمنا إلا بما ألزمنا به أنفسنا.

يقول النص من "أنجيل يهوذا" وحسب مجلة الناشيونال جيوغرافيك:

“Near the end of the Judas gospel, Jesus tells Judas he will "exceed" the rest of the disciples "for you will sacrifice the man that clothes me." 

وترجمته: أن المسيح يخاطب يهوذا في نهاية الإنجيل المنسوب إليه ويقول له أنه (أي يهوذا) سوف يختلف عن باقي الحواريين وأنه سوف يكون الرجل الذي يضحى به كشبيه لي.

ويأتي السؤال هنا: هل شبه الله يهوذا بالمسيح لخيانته أم كما يقول أنه ضحى بنفسه من أجل المسيح؟! وأنقل لكم الرابط الأساسي للمقالة من مصادرها:

صحيفة وشنطن تايمز على الرابط التالي:

http://www.washtimes.com/national/20060407-120642-3758r.htm

مجلة ناشونل جيوغرافيك:

http://ngm.nationalgeographic.com/ngm/gospel/?fs=seabed.nationalgeographic.com

 

(2): تفسير الطبري، تفسير الآية 124 من سورة الأعراف المباركة.

(3): التفسير الميسر، تفسير الآية 33 من سورة المائدة المباركة.


كافة التعليقات (عدد : 2)


• (1) - كتب : إيزابيل بنيامين ماما آشوري ، في 2013/06/11 .

رد الاستاذ البيومي جميل ومحكم تهاوت معه مقالة الاب حنا اسكندر .
واضيف هنا ملاحظة مهمة ، وهي أن اصل الكلمة في اليونانية هي كسولن أو كسيلن ، والإثنان يعطيان معنى شجرة أو وتد ، يعني عمود ذو عارضة واحدة .. وليس عمود ذو عارضيتين كما في الشكل الحالي للصليب .
تحياتي .

• (2) - كتب : اكرم ، في 2013/06/10 .

اللهم صل على محمد وال محمد
سيدنا الله يحفظكم ويوفقكم




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=32159
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 06 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15