صادق الحسيني
مؤتمر عام للحركات الإسلامية في العالم
حوارنا في هذا العدد مع الزعيم الديني العراقي سماحة آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي، التقينا به في مدينة قم بإيران حيث حل بها منذ شهر تقريبا، بعد أن عاش في الكويت ثمان سنوات، آية الله الشيرازي أبعد من العراق عام 1971م وحكم عليه بالإعدام غيابيا مع مجموعة أخرى من رجال الدين بسبب معارضته لحكومة البعث هناك.
ولد في مدينة النجف - في العراق - ودرس ونشأ في الحوزة العلمية في كربلاء.
بدأنا الحوار معه عن قضايا الثورة الإسلامية في إيران.
ما هو مستقبل الثورة الإسلامية في إيران؟
إني متفائل جدا من مستقبل الثورة الإسلامية في إيران، والسبب أن الثائرين ونعرف أغلبهم، وعلى رأسهم المراجع، وفي طليعتهم الإمام الخميني، هؤلاء مخلصون في تطبيق حكم الله في الأرض، لإنقاذ المستضعفين، ولا نقصد بالمستضعفين الذين هم فقراء، كما يشاع أحيانا، بل نقصد الذي قاله الله تعالى في كتابه (وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين) فموسى أمام فرعون كان مستضعفا، وعيسى أمام هيرودس كلن مستضعفا، ورسول الله محمد (ص) أمام أبي جهل وأبي لهب كان مستضعفا، فحيث أن قادة الثورة والذين نعرفهم وعلى رأسهم الإمام الخميني هؤلاء مخلصون في تطبيق حكم الله أولا، وفي إنقاذ المستضعفين ثانيا، لابد وأن تكون الثورة الإسلامية في إيران بخير وإلى خير وأني أرى أنه لا تمر عشر سنوات - على أكثر تقدير - إلا وتقفز إيران إلى مصاف الدول الصناعية الكبرى، مضافا إلى الإيمان والفضيلة، والتقوى، والتي تفقدها كل الدول الكبرى في هذا اليوم.
بنظركم كيف يمكن حل مشكلة الأقليات في إيران..؟؟
الأقليات في إيران على قسمين، أقليات قومية كالعرب والأكراد والبلوش ومن أشبه، وأقليات في الاصطلاح الفقهي (أي مذهبية).
بالنسبة إلى الأقليات القومية فالإسلام لا يعتبرها أقليات، فالكردي أخو العربي أخو الفارسي، أخو البلوشي، لأن الإسلام ليس له ميزان غير التقوى والفضيلة (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) وأما الأقليات بالاصطلاح الفقهي يعني: اليهود، والمسيحيين والمجوس، وحتى المشركين، - حسب نظري الشخصي في الفقه، والذي شرحته في كتاب الجهاد - هذه الأقليات في ظل حكم الإسلام يعيشون بأفضل من الذين هم في أمريكا وفي روسيا، لأن الإسلام يعطي الأقليات كل الحريات وكل الحقوق وكل الخدمات، كما هو المعروف في التاريخ الإسلامي الطويل أن المسيحي كان يعيش في ظل الحكم الإسلامي أفضل من المسيحي في ظل الحكم المسيحي، وأني أرى أن الإسلام لو طبق كاملا كما نرجوه، فسيكون المسيحي في إيران حالته أفضل من المسيحي في أمريكا وإنجلترا، واليهودي في إيران حالته أفضل من اليهودي في إسرائيل.
وأما بالنسبة إلى حل مشكلة الأقليات، في الحقيقة يجب أن يرتفع مستوى الوعي عند المسلمين عموما، بأنه ليست هناك أقلية إسلامية وأكثرية إسلامية، فالكل مسلمون والكل أخوة، وبالنسبة إلى اليهود والنصارى والمجوس، وحتى المشركين، في رأيي الشخصي، على هؤلاء جميعا أن يفهموا أن حقوقهم محفوظة في الدولة الإسلامية بأفضل وجه، وهذا يتوقف على الوعي، فرسول الله (ص) مثلا: لما فتح مكة، وتعلمون أن أهل مكة كانوا مشركين، ومع ذلك فإن الرسول (ص) عاملهم بأفضل مما كان يعاملهم به أبولهب، وأبوجهل أحد أشراف قريش، فإذا علمت الأقليات أن هذه هي طبيعة الإسلام، فمن الطبيعي أنهم سوف يلتفون حول الحكم الإسلامي، وأنهم ليس فقط يكونون كمواطنين صالحين، وإنما يكونون مواطنين يوالون الدولة الإسلامية أكثر مما يوالون أهالي مذهبهم، كما نشاهد هذه الحقيقة في التاريخ الإسلامي.
التقيتم بالإمام الخميني بعد وصولكم إلى (قم)، هل لكم أن تعطونا فكرة عما دار بينكم من أحاديث...؟
الواقع أن سماحة الإمام الخميني تفضل بزيارتي في داري، واني قلت له: أني ما كنت راضيا أن تتفضلوا إلى زيارتي، فضحك وقال: لماذا؟
قلت: قد يكون لكم أعداء من الداخل والخارج، فليس من الصلاح أن تزوروا، قال: حتى مثلك لا أزوره؟
قلت: حتى مثلي لا تزوره، ثم دار بيننا حديث طويل حول الأوضاع الراهنة في إيران. وفي الحقيقة أني متفائل لمستقبل الثورة في ظل قيادة الإمام، لما أعرفه من طول صحبتي للإمام في كربلاء، من طيب أخلاقه وطيب نفسه، وحبه للخير، بالنسبة إلى كل إنسان، بالإضافة إلى تقواه وجهاده، ثم أني زرته أيضا في منزله المعروف وتحدثت معه في أمور مختلفة.
بعد انتصار الثورة. توفرت الحريات للشعب الإيراني. فتأسست أحزاب إسلامية كثيرة. فهل الانتماء إلى هذه الأحزاب والمنظمات، طريقة مفضلة لممارسة النشاط السياسي الإسلامي، أم أن هناك طرقا أخرى؟؟
الواقع هناك كلمة للإمام علي ع في آخر وصية له يقول فيها: ونظم أمركم. فمنذ أن جاء الإسلام متمثلا في رسول الله (ص)، بادر رسول الله إلى تنظيم أصحابه تنظيما دقيقا، وأني أظن أن من أسرار انتصار الرسول على المشركين، هو أن المشركين كانوا مبعثرين بينما أصحاب الرسول (ص) كانوا منظمين.
وبالنسبة إلى الأحزاب، فالحزب الذي ينتهي إلى برلمان ينفذ حكم الله، يعني انه يصب الموازين في إطار حكم الله هذا جائز، وقد عبر عنه القرءان الحكيم ب (حزب الله) يقصد به هذا الشيء. فالحزب بالمعنى اللغوي هذا لا إشكال انه من الإسلام، أما بالنسبة إلى الحزب بالمفهوم الغربي الذي ينتهي إلى برلمان يشرع القوانين على خلاف قوانين الله، هذا حرام قطعا. لأنه مقدمة حرام.
تواجه الحكومة المؤقتة مشاكل كثيرة على جميع الأصعدة، السياسية والثقافية والاقتصادية. بنظركم كيف يمكن التغلب عليها؟؟
في الحقيقة أن التغلب على هذه المشاكل ينتهي إلى أفضل شيء، جاءني إنسان قبل أيام وكان يتأفف من تكاثر الصحف، فقلت: أنه أفضل مؤشر للخير، لأن هذا يدل على الحريات، والحرية تعني التقدم، فهذه المشاكل هي كلها تبشر بخير، لنمثل مثالا بسيطا: الذي يريد أن يتزوج عنده مشاكل بينما الذي لا يفكر بالزواج ليست عنده مشاكل، لكن هذه المشاكل تنتهي إلى خير، والذي يريد أن يفتح متجرا عنده مشاكل، والذي يريد أن يصبح عالما عنده مشاكل والذي يريد أن يصبح مجتهدا كبيرا، أو مهندسا، أو مدرسا، أو أي لون، عنده مشاكل، هذا لا شك فيه، فالمشاكل في اعتقادي تبشر بخير، لا أنها تنذر بسوء، لأنها مشاكل في إطار الحرية والإسلام، وليست في إطار الديكتاتورية والكفر، فالمشاكل في إطار الديكتاتورية والكفر تنذر بسوء، أما المشاكل في إطار الحرية والإسلام، فهي تبشر بخير، أما التغلب على المشاكل، فباعتقادي أنه يتوقف على أمرين فقط، والأمران - من حسن الحظ - في طريقهما إلى الإنجاز، الأمر الأول: الدستور، والأمر الثاني: الانتخابات الحرة. فبمجرد تنظيم الدستور ووضعه في معرض الاستفتاء، وتصديق الشعب عليه، وثم إطلاق الحريات العامة بعد ذلك للانتخابات ومجئ النواب الصالحين للمجلس، عندها تحل المشاكل، كما ترى هذه المشاكل محلولة في بعض بلدان العالم، لأنه في ظل الحرية، وخصوصا في ظل الإسلام والحرية تظهر الكفاءات، والكفاءات كفيلة بحل كل المشاكل.
ما هو موقع الطبقات المسحوقة مثل العمال، والفلاحين، المهضومين في الإسلام وكيف أن تتصرف الحكومة الإسلامية حيالها؟
أني أعتقد أن الطبقات المسحوقة ليس هم العمال والفلاحون فقط، فالعالم كان مسحوقا، والطبيب كان مسحوقا، والمهندس كان مسحوقا، والعامل كان مسحوقا والتاجر كان مسحوقا، وكل إنسان كان مسحوقا، ففي ظل الديكتاتورية كل الناس يسحقون، هذا لا شك فيه، فالمشكلة هي مشكلة المجتمع.
وأما إذا طبق الإسلام، وأخذ بزمام الأمور فالعامل يكون له من الحرية ومن الحقوق ما لم يحل به حتى الأمريكي والروسي، كما نرى في ظل ولاية الإمام أمير المؤمنين القصيرة في الكوفة، الإمام يذكر في كلام له مضمونه هو: الآن لا يوجد في بلادي إلا من له خبز وماء كناية عن العيش، لأن الدولة الإسلامية تجعل الأموال بيد الناس، وإذا جعلت الأموال بيد الناس، فتلقائيا يحصل كل إنسان على دار، ويحصل على ماء ويحصل على كل لوازم الحياة والعيش.
ثم انتقلنا إلى السؤال عن العراق، موطن آية الله الشيرازي، وحيث يعتبر مرجعا دينيا للشعب العراقي يعيش في المنفى منذ عشر سنوات..
وابتدأنا السؤال: -
ما هو سبب معارضتكم لحكومة العراق؟
إن سبب معارضتنا لحكومة العراق، هو أنه - منذ عهد نوري السعيد - حيث فهمت الحياة أنا - وإلا فالمشكلة كانت من ذي قبل - كانت كرامة الإنسان مهدورة في العراق، ففي زمان الملكية بصورة، وفي زمان عبد الكريم قاسم بنفس الصورة، وفي زمان عبد السلام، وعبد الرحمن، وفي هذا الزمان بنفس الصورة، فأصل الحرية في الإنسان هو حرية الرأي، وهذا الشيء لم يكن مكفولا، وهم كانوا يسمون الحكم بالديمقراطية في زمن الملكيين، ولكنها لم تكن ديموقراطية شكلية، لأن الملك كان موجودا وإنما تحت حكم الملك يتمكن قسم من الناس أن ينتخبوا، فهذه ليست ديموقراطية، أما في الإسلام فالأساس هو: حكم الله والشورى، وكلاهما مفقودان في العراق، فلا حكم الله ولا شورى، راجعوا القوانين لتعرفوا ذلك، وقد قلت ذلك من قبل لأحمد حسن البكر بشخصه، حيث جاء إلى كربلاء في مقبرة والدي، وكان عشرات من العلماء والطلاب وخدمة الروضتين موجودين، وقلته لعبد الرحمن البزاز - في أيام عبد السلام - في نفس صحن الإمام الحسين عليه السلام، لما التقينا به، وقلت أيضا لشخص عبد الكريم قاسم حينما التقيت به في وزارة الدفاع مع جماعة من الأصدقاء لازالوا موجودين في العراق، فأساس معارضتنا لهذا الحكم وللحكومات السابقة إنما هو لعدم وجود حكم الله أولا، ولعدم وجود الشورى في الحكم ثانيا، فهذان السببان ما داما موجودين فنحن نعارض الحكم.
أخبار العراق تحكي عن تحرك الشعب العراقي ضد الحكم القائم، فما هي خلفيات هذا التحرك؟؟ وما هو مستقبل الحركة الإسلامية في العراق؟
الواقع أن خلفيات التحرك هو الظلم والطغيان الموجودين، فالشعب العراقي شعب مسلم وأبي وغيور، وشعب العراق بحبه لحريته واستقلاله، وثم الحوزات العلمية والجامعات الموجودة في العراق لا ترضى بالديكتاتورية ولا ترضى بالكبت والإرهاب هذا من ناحية، كما إنها تريد تطبيق حكم الله في الناس من ناحية أخرى، إذن فالحكم مهما دام لابد وأن ينتهي إلى الثورة، إلا إذا طبق الحاكم هذين الشقين، حكم الله والشورى، تطبيق الشورى في الدولة من أكبر رئيس في الدولة إلى أصغر موظف، فخلفيات الثورة العراقية الآن، وخلفياتها في زمن الملكيين، وفي زمان عبد الكريم قاسم، وعبد السلام، وعبد الرحمن، هي نفس الخلفية الموجودة في هذا اليوم.
أما مستقبل الحركة الإسلامية، فإننا رأينا أن الجزائريين انتصروا أخيرا، وبعد مائة سنة من ذلك الكبت والإرهاب المباشر من قبل المستعمرين، وحققوا حريتهم واستقلالهم، لأن الكلمة هي أخيرا للشعوب وهذه القاعدة كلية، وأني متفائل جدا بأن الكلمة الأخيرة للشعب العراقي المضطهد الآن، كما كانت للشعب الجزائري والشعب الإيراني.
في العراق قوميات مختلفة، ومذاهب دينية مختلفة، فهل للحركة الإسلامية أن تجمع هذه الفئات كلها؟
لا شك في ذلك، لأن الإسلام كما قلنا بالنسبة إلى المسلمين، وبالنسبة لغير المسلمين، هو أفضل نظام للحكم. فإذا ازداد الوعي في العراق، فسوف يطالب الجميع بالحكم الإسلامي حتى اليهودي والمسيحي، كما وجدنا ذلك في إيران، فالمسيحيون في أصفهان في عهد الطاغوت كانوا يطالبون بحكم الإسلام في مظاهراتهم وصورهم موجودة، فما معنى هذا؟ واليهود كانوا يطالبون بحكم الإسلام، لأن حكم الإسلام يعطي من الحرية والرفاه ما لا يعطيه الإنجيل ولا التوراة ولا الأنظمة الموجودة، ولذا بطبيعة الحال حتى اليهودي والمسيحي يطالبون في العراق بحكم الإسلام.
ما هو سبب فشل ثورة العشرين بقيادة علماء الدين؟؟ وما هو السبب في عدم نجاح القادة الإسلاميين في تسلم السلطة خلال الخمسين عاما الأخيرة في العراق؟؟
سبب فشل ثورة العشرين هو أن ثورة العشرين قامت لهدفين، فبالنسبة للهدف الأول نجحت الثورة نجاحا باهرا أما بالنسبة للهدف الثاني ففشلت فشلا ذريعا، أما الهدف الأول للثورة، وهو إخراج الإنكليز من العراق وإنهاء الحكم البريطاني المباشر المسيطر على العراق فقد نجحت الثورة بلا شك، فصار حكم العراق حكما غير انكليزي في مظهره، أي لا يحكم بغداد (كوكس) بل يحكم بغداد مسلم من المسلمين، في هذا الشيء نجحت الثورة. أما بالنسبة إلى الهدف الثاني الذي فشلت فيه الثورة، وهو تطبيق حكم الله في العراق، والشورى في الحكم، فيعود سببه - كما يظهر من التواريخ - إلى أن زعيم الثورة وهو الشيخ محمد تقي الشيرازي، مات في أثناء الثورة، وقيل انه سم. حتى أن أحد أصدقائنا وهو من حفدة الشيخ محمد تقي أيضا، قال لي: أنه عندما وضعناه في المغتسل خرج من فمه دم كثير، وكان في دمه آثار السم.
ففشلت الثورة في هذا الجانب لأن العقل المفكر للثورة مات، أو استشهد بالسم على يد الإنكليز، وحينما يذهب العقل المفكر فالناس يتعثرون، وهذا بالضبط ما حدث في العراق أثناء ثورة العشرين.
وبالنسبة إلى الشطر الثاني من السؤال، أي سبب عدم نجاح القادة الإسلاميين في تسلم السلطة، في العراق خلال الخمسين عاما الأخيرة؟
إن العثمانيين ارتكبوا جريمة كبرى بالنسبة إلى المسلمين، وجريمتهم هذه هي أنهم جعلوا المسلمين بمعزل عن الوعي والعثمانيين حكموا العراق قرونا، ولذا فقد صارت في العراق رواسب تخلف، وهذه الرواسب لم تجد من يزيلها، فعلى هذه الرواسب بنيت العراق، واستغل الانجليز هذه الرواسب، ولذا لم يتمكن العلماء ورجال الدين أن يعملوا عملهم، فمثلا رجال الدين في العراق أرادوا تطبيق حكم الله مرات عديدة، وكان من جملتهم: السيد أبو الحسن الأصفهاني، والميرزا حسين النائيني، وجماعات أخرى، لكن السلطات الإنكليزية أبعدتهم عن العراق، وفي مرة ثانية أرادوا أيضا الانتفاضة، ولكن السلطات الملكية أبعدتهم عن العراق، وهكذا. فالوعي لم ينتشر في العراق، ومن الطبيعي إذا لم ينتشر الوعي تكون الأمة جامدة، كما أن عدم انتشار الوعي في الجزائر قبل الثورة سبب جمود الأمة أكثر من قرن. وعدم انتشار الوعي في الهند سبب سيطرة الإنكليز على الهند (300) سنة، إذن فعدم انتشار الوعي كان السبب الأول والأخير الذي أدى إلى تأخر تطبيق حكم الله في العراق.
لعبت الشيوعية، والقومية، والبعثية، أدوارا كبيرة في العراق، فهل استطاعت أن تقدم شيئا للشعب العراقي حتى الآن؟
للنبي عيسى (ع) كلمة يقول فيها: تعرف الأشجار بثمارها، اذهبوا إلى العراق، وانظروا هل كل إنسان حر فيما يقول؟، هل كل إنسان حر فيما يكتب؟ هل لكل إنسان دار؟ هل القرى عامرة؟ هل الإنسان حر في حركته وسكونه؟ هل شمال العراق وجنوبه معمورتان؟ مع تلك الأموال الضخمة العائدة من البترول والتي تصب في ميزانية العراق، إذا وجدتم الجواب على كل هذا (لا) فاعرفوا أن الشيوعية في عهد عبد الكريم قاسم، والقومية في عهد عبد السلام عارف، وكذلك البعث في الوقت الحاضر، لم يتمكنوا من أن يقدموا للعراق أي شيء، أما التطبيل والتزمير في الإذاعة والصحافة فهذا شيء بسيط، وكل حاكم ديكتاتور، أو صالح أو فاسد يمكن أن يطبل ويزمر، فالتطبيل والتزمير في الصحافة والإذاعة لا تدل على شيء، وإنما الدليل هو الفرد العراقي، والشعب العراقي، وكما قال النبي عيسى (ع) : تعرف الأشجار بثمارها. هل هذه الشجرة حلوة أو مرة، حسنة أو سيئة، تعرف بالأثمار والنتائج.
ما هو تعليقكم حول تدخل الحكم العراقي في إثارة الاضطرابات في سنندج وخوزيستان؟
الحكم العراقي في أيام الشاه السابق كان كحكم الشاه، كبت وإرهاب وسجون، وزنزانات، فكلاهما كان شكلا واحدا، ولذا تصافحا وتصالحا، وعندما انتصرت الثورة الإسلامية في إيران، وأطلقت الحريات، وأخذ الشعب العراقي يطالب بالحريات، والحكام في العراق لم يريدوا تحقيق الحريات للشعب، فاضطروا إلى أن يضربوا إيران حتى يبعثروا الجهود والقوى، ويقولوا لشعبهم: لا شيء في إيران. وهذا هو السبب الأول والأخير.
يرفع حزب البعث العراقي شعارات الوحدة والحرية والاشتراكية، فإلى أي مدى عمل الحكم بهذه الشعارات؟
بالنسبة إلى الوحدة فلا شيء إلى الآن، ولا حاجة إلى أن نقول أي كلمة، وأما بالنسبة إلى الحرية يكفي أن نعرف أنه لا تتوفر أية بقعة من الحريات في عراق اليوم، فقد تقلصت الحريات في أيام الملكيين، ثم في عهد عبد الكريم قاسم، ثم في عهد عبد السلام، ثم في أيام عبد الرحمن، حتى وصل إلى حكم البعث والحريات تتقلص وتتقلص حتى أنك لا تجد الآن من الحرية في العراق، إذا جزءنا الحرية إلى ألف جزء، حتى جزءا واحدا. وهل هناك حرية مع مصادرة المدارس الدينية؟ وهل هناك حرية مع مصادرة حريات الناس في سفرهم وفي إقامتهم؟ أنني اذكر أن الحوزة العلمية في النجف الأشرف كان فيها ما يقارب سبعة آلاف طالب أما الآن فهل فيها ألف طالب علم ديني؟ كما أن الحوزة العلمية في كربلاء كان فيها ما يقرب من ألف طالب علم ديني، بينما الآن ليس فيها أكثر من (150) فالمدارس خالية. الحريات مكبوتة، الصحف الحرة أبدا لا تجدها في العراق، لا تجد إنسانا يتمكن أن يتفوه بكلمة، وإذا تكلم بكلمة فمصيره السجن، هل هذه هي حريات؟!!.
وأما بالنسبة إلى الإشتراكية، فأساسا لا مفهوم للإشتراكية في الإسلام، لأننا نحن المسلمين لنا نظام اقتصادي خاص، لا يشبه النظام الاقتصادي الشيوعي، ولا الإشتراكي ولا الرأسمالي، إنما هو نظام رابع، فإننا لا نؤمن أساسا بالإشتراكية، وإنما نؤمن بالاقتصاد الإسلامي فحسب، أما أن الإشتراكية هل هي مطبقة حتى الآن أم لا..؟ ففي الحقيقة إن الإشتراكية لها مفاهيم متعددة، فهل يقصدون اشتراكية تيتو؟ أم يقصدون اشتراكية ماو؟ أم يقصدون اشتراكية ستالين ولينين؟ أم يقصدون إشتراكية ألمانيا الشرقية؟ أية اشتراكية يقصدونها هؤلاء؟ إنهم لم يبينوا مفهومهم في الاشتراكية حتى نعرف هل أنهم طبقوها أم لا. نعم يمكن أنهم طبقوا اشتراكية روسيا، أي جعل كل الناس فقراء، مشتركين في الفقر، وهذا صحيح وواقع...
هل هناك سجناء سياسيون في العراق؟
في الحقيقة في الأيام التي كنا في العراق، شاهدنا بأعيننا الكثير من أصدقاءنا وقد زجوا في السجون، كان السجناء السياسيون بكثرة هائلة، وبعد ذلك عندما كنا في الكويت كنا نسمع بأنباء الاعتقالات، أما آخر الأنباء التي سمعناها في الكويت والتي كشفت عنها بعض الصحف أيضا، أن السجناء في العراق هم 50 ألف على الأٌقل، ومن الطبيعي أن المجرمين العاديين منهم أي القتلة والسرقة والإجرام، هم قليلون جدا، كما هو طبيعة الشعب العراقي المسلم فطبيعته ليست القتل والسرقة والإجرام، لأن المسلم ليس من طبيعته هذا السلوك، وكما شاهدنا أبناء شعبنا في النجف وكربلاء والكاظمية، ومختلف المدن أن طبيعتهم الإسلام، إذن فأكثر هؤلاء هم سجناء سياسيون، يعني أنه تكلم بشيء، أو أنه لم يمش في الخط المعهود فدخل السجن، وما أكثرهم، وإني لا أستبعد أن يكون هناك أكثر من 50 ألف سجين، أكثرهم سجناء سياسيون، ونطالب الحكومة العراقية بإفساح المجال للمنظمات الدولية المختصة، مثل منظمة العفو الدولية، والصليب الأحمر الدولي، وجماعات حقوق الإنسان، حتى يزورا سجون العراق، ويعطوا الإحصاءات الدقيقة، وفي هذا اليوم بالذات التقيت بشاب كان قادما من العراق، وكان سجينا هناك، فسألته عن المساجين، قال: كان السجن ممتلئا بالناس وكان السجن كبيرا جدا، وممتلئا بالمعارضين للحكم.
ماذا تهدفون من النضال... هل هو إقامة حكم شبيه بالحكم الإسلامي في إيران؟
الواقع إن الحكم الإسلامي في إيران، ليس بدعا، فكما يقول الله في القرآن، في قصة (قل ما كنت بدعا من الرسل)، إن الحكم الإسلامي في إيران يعني حكم الله في إطار إنتخاب الناس للحاكم الصالح، وهذا يجب أن يتوفر في كل بلاد الإسلام، أنه حكم أساسه الشورى، وحكم الله، فيجب أن يكون العراق هكذا، وفي مصر هكذا، وفي كل بلد إسلامي هكذا..
المسألة الكردية، طالت حوالي (30) عاما، ولم تستطع الحكومات المتعاقبة أن تحلها، فكيف يمكن حلها في ظل الحكم الإسلامي؟
إن حل المسألة الكردية تحت ظل الحكم الإسلامي بسيط، إلى أبعد الحدود، لأن الإسلام لا يعترف بأن هذا كردي وهذا عربي، وهذا فارسي وهذا هندي، وإنما الإسلام ينظر إلى الإيمان والفضيلة، والتقوى، والكفاءة، فإذا قام حكم الله في العراق وعرف الكردي أن له صلاحية في أن يصبح رئيس جمهورية أو رئيس وزراء، أو أي لون من الألوان، فتلقائيا تحل المشكلة، فهي إنما نشأت من التمييز العنصري، فقسم نادى بالقومية العربية، وملا مصطفى نادى بالقومية الكردية، فمن الطبيعي أن ينادي بالقومية الكردية، ويقول إذا كانت قوميتكم محترمة، فقوميتي أيضا محترمة، أما إذا جئنا وقلنا (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، فمن الطبيعي أنه يتمكن أن يصبح في أي منصب في الدولة، ومن الطبيعي أن يتنازل عن أي شيء، كما هو شان المسلمين في التاريخ الإسلامي.
إن حزب البعث في العراق معروف باغتيالاته لكل الثوريين، والوطنيين، ألا تفكرون بأن البعث سيحاول اغتيالكم؟
الواقع أنني كنت مهددا بالاغتيال في زمان عبد الكريم قاسم، وكان الحكم في ذلك الوقت قد خطط لقتل 11 شخصا من جملتهم كنت أنا، ووالدي، والسيد مرتضى القزويني، والشيخ عبد الزهراء الكعبي، وجماعات من العلماء والتجار، والوطنيين، وكنت أيضا مهددا بالقتل في زمان عبد السلام عارف، وأما بالنسبة إلى هؤلاء فقد سمعت وأنا في الكويت أنهم أصدروا حكما بإعدامي، وقال قال بعض الأصدقاء، أن الخبر نشر في جريدة الثورة، إنهم يحاولون اغتيالي، ولكن حتى إذا اغتالوني فليس بمهم، لأنني أعتقد أن لله سبحانه وتعالى داران، دار تسمى الدنيا ودار تسمى الآخرة، فمدة نكون في هذه الدار ثم ننتقل إلى الدار الآخرة، كما أننا كنا في العراق ثم انتقلنا إلى الكويت، ثم انتقلنا إلى قم، ولم يهمنا شيء، فإذا انتقلنا إلى تلك الدار أيضا فهناك نفس الإله سبحانه وتعالى.
ثم انتقلنا في الحديث عن أوضاع العالم الإسلامي، وقضايا الأمة، ومواجهة القوى الاستعمارية، وابتدأ السؤال عن القضية الفلسطينية: -
سماحة الإمام.. لم تستطع الحركات الوطنية، والأنظمة القومية، أن تحرر فلسطين حتى الآن، فما هو الطريق بنظركم لإنقاذ أرض الإسلام، من مخالب الصهيونية؟
الجواب واضح وليس بحاجة إلى دليل، أن هناك سببان يحولان دون تحرير فلسطين، حتى إذا دام الأمر ألف سنة، السبب الأول: عدم وجود الكفاءات في البلاد الإسلامية، أي أن كثيرا من الحكام يحاولون أن لا يجعلوا الكفاءات مصدرا وموردا، ومسرحا، ومسيرا، ومصيرا، اليهود عندهم كفاءات، كفاءات ظاهرة ومتحركة، وعاملة، بينما المسلمون كفاءاتهم مكبوتة، ومن الطبيعي أن أصحاب الكفاءات يتغلبون دائما على أصحاب عدم الكفاءات، هذا هو السبب الأول الناتج عن الكبت والإرهاب، وأما السبب الثاني فهو أن الإطار جعلوه قوميا، وهذا من صنع الغرب بطبيعة الحال، وهذا الإطار ليس كفيلا بحل قضية فلسطين، يعني أننا لو جعلنا إطار تحرير فلسطين، إطارا إسلاميا لكان ألف مليون مسلم وراء هذا العمل، وأنا شخصيا تكلمت مع الأفغاني، وتكلمت مع الإيراني، وتكلمت مع الكردي،وتكلمت مع الهندي حينما كنت في العراق، وقلت لهم لماذا لا تنصرون فلسطين، فكانوا يجيبون أن القضية لا ترتبط بنا، إن فلسطين عربية، وليست إسلامية، ولكن المعنيين يؤطرونها بالإطار العربي، وكانوا يأتون بدليل مقنع، مثلا: جماعة من الإيرانيين، كانوا يقولون أننا مستعدون للذهاب إلى فلسطين لتحريرها ولكن الحكومات العربية لا تقبل بنا، ولا الحكومة الإيرانية في زمن الشاه المخلوع ترضى بذلك، إذن فاليهود أمة واحدة فتجد في داخل فلسطين المحتلة، اليهودي السوري، والمصري، والعراقي، والروسي، والأمريكي، كلهم يد واحدة، بينما المسلمون متفرقون، وما دام هذا السببان موجودان لا شك أن فلسطين لا تتحرر، وأني أرسلت خبرا إلى ياسر عرفات بواسطة أحد الأصدقاء، قلت له اجعلها إسلامية حتى يأتيك الجيش من اندونيسيا، ومن باكستان، ومن أفغانستان، ومن إيران، ومن كل مكان.
ينقسم العالم العربي إلى حوالي (22) دولة صغيرة، في حين أن الدول الكبرى مثل أمريكا، وروسيا، متعاونة ومتحدة فيما بينها، ومسيطرة على بلادنا، فكيف يمكن تحقيق الوحدة بين البلاد الإسلامية؟
يقول الله في القرآن الكريم (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم).
بهذه الوصية وحدوا جماهيرهم كما نعلم، فصاروا 250 مليون، وكذلك الروس، وكذلك الهند، وكذلك الصين، أما هذا التعليم العالي الذي كان عندنا، طرحناه نحن المسلمون وتركناه، وليست المشكلة في البلاد العربية فحسب، وإنما المشكلة في كل البلاد الإسلامية، ولقد ذكرت في كتاب لي باسم (الحكم في الإسلام) انه من الضروري على جميع المسلمين أن ينضووا تحت لواء واحد، أما في إطار حكومة واحدة، وأما حكومات - حسب اصطلاحهم - فيدرالية، كالولايات المتحدة والجمهوريات الروسية، حتى يكونوا جميعا يدا واحدة، على من سواهم كما يقول الرسول (ص) : المسلمون يد واحدة على من سواهم.
أما الآن فلا يوجد هذا الشيء، انك تجد حتى في الشعب العربي التمزق والتشتت، وأني منذ 30 عاما، أسمع على طول الخط من الإذاعات العربية، سباب بعضها لبعض، وفي الحقيقة 30 سنة أي منذ عام 1958 م حتى الآن، لم يمر يوم فتحت الإذاعات العربية إلا وسمعت إذاعة تسب أخرى، فتفرقنا، وهذا التفرق بطبيعة الحال أخذ العربي والعجمي، والهندي، والتركي، إلا أن يجري الله الوعي علينا إن شاء الله وننضوي تحت لواء واحد، وحكومة واحدة بإذن الله.
في نظركم، ما هي خلفيات الثورة الأفغانية؟؟ وما هو مستقبل الثورة هناك؟؟ وما هي مسئوليتنا كمسلمين تجاهها؟؟
في زمان (ظاهر شاه) جاءني وفد برلماني من أفغانستان إلى كربلاء، وقلت للوفد أن بلادكم تنذر بالانفجار، بعد ذلك وفي أيام داوود خان، جاءني وفقد شعبي من أفغانستان إلى الكويت وقد يقرؤون مقالي، قلت للوفد إن بلادكم مقبلة على انفجار شعبي كبير، إن الفقر والكبت والديكتاتورية سينتهي أخيرا إلى الثورة العارمة، وأن عليكم أن تنهضوا لمنع أي استغلال من قبل الاستعمار لقضيتكم. احملوا قضيتكم بأنفسكم وامنعوا الأجانب من التدخل في شؤونكم، اتحدوا فإن (يد الله مع الجماعة) و(إن الله ينصر من ينصره).
فالحقيقة أن الثورة الأفغانية كانت متوقعة، وكنت أتوقعها منذ 15 سنة والحمد لله أنها جاءت إسلامية تناهض الشيوعية، أما هل يستطيع نور محمد ترقي أن يستمر في الحكم، وهل أن الشيوعية تتمكن من التعشعش في أفغانستان؟، هذا مستحيل، لأن البلاد الإسلامية والمسلمون يعطون كل شيء ولا يعطون الإسلام وهذه الثورة طبيعية، وسوف تنتهي إلى إسقاط الحكم بلا شك، أما واجبنا نحن المسلمين فهو أن نطبق قول الرسول (ص) : اتقوا الله ولو بشق تمرة. وقبل أيام التقيت بوفد من الأفغانيين المجاهدين الثوار، وقالوا لي بصراحة: إن المجاهدين عندنا محتاجون حتى إلى قرصة الخبز، بينما تدر روسيا على الشيوعيين بالملايين، فالواجب على كل مسلم أن يساعد ثورة الأفغان بكل شيء يتمكن.
يملك المسلمون أفضل الأراضي الزراعية، وآبار النفط. ويعيشون في منطقة إستراتيجية، وهي ملتقى القارات الثلاث، ويشكلون ثلث العالم، فكيف يمكن لهؤلاء إيجاد حضارة إسلامية؟؟
في الواقع أن المسلمين يشكلون ربع العالم، لأن العالم أربعة آلاف مليون، حسب الإحصاءات الأخيرة، والمسلمون على أكثر الإحصاءات هم ألف مليون، فالمسلمون يشكلون ربع العالم، أما كيف يتمكنون أن يوجدوا حضارة عالمية، فالعلاج بأيديهم، وكما يقول الإمام علي (ع) : داؤك فيك ولا تشعر، وداؤك منك ولا تبصر. الدواء فيهم والدواء منهم. داؤهم عدم تمسكهم بالإسلام ودواؤهم أن يتمسكوا بالإسلام، فإذا تمسكوا بالإسلام رجعت إليهم عزتهم وسعادتهم، وكل خير.
هناك تحركات إسلامية واسعة، في كل البلاد الإسلامية، وهناك تحركات ومنظمات إسلامية، سرية وعلنية، تعمل لإقامة حكم الإسلام. بنظركم كيف يمكن التعاون والتنسيق، والائتلاف بين هذه الحركات؟
الائتلاف والتنسيق بين هذه الحركات ذكرته أيضا في كتاب (الحكم في الإسلام)، من الضروري أن يشكل هؤلاء مؤتمرا في إحدى البلاد الحرة، فإيران الآن هي من البلاد الحرة، لأن حرية إيران هي كاملة، أو إلى سبيل الكمال، ولا أقصد بالبلاد الحرة كانجلترا وأمريكا، فإن حريتها نصف حرية.. المهم أن هذه الحركات يجب أن تشكل مؤتمرا في بلد حر، يجتمع من كل حركة فرد واحد على الأقل، فإذا كانت ألف حركة إسلامية في العالم، فيجب أن يكون هناك ألف عضو في هذا المؤتمر، وهؤلاء يجلسون ويفكرون ويخططون لمدة طويلة لا ليوم واحد أو يومين، بل لعل كل دورة تستغرق شهرا أو شهرين أو ثلاثة أشهر، وينسقوا حركاتهم، فإذا نسقوا حركاتهم، فبطبيعة الحال يكون النصر لهم، لأنا رأينا هذا الشيء في الذين هم دون المسلمين كالهند، حيث أنهم جمعوا في المؤتمر 4 آلاف عضو من كل الولايات، ونمت هذه الحركة حتى تحررت الهند، وكما أن الشيوعيون في الإتحاد السوفييتي صنعوا نفس الشيء، فلقد قرأت في إحدى الكتب، أن المنظمات التي كانت في زمن قيام ثورة أكتوبر، موجودة في روسيا، كانت 100 ألف خلية منظمة، وكانت بينهم اتصالات وكذلك كانت ثورة ماو في الصين، رغم أنني لا أعتقد بثورة ماو ولا بثورة الروس، لأنني أعتقد بثورة الإسلام فقط، إذن فالمسلمون إذا ضحوا بهذا المعنى من التضحية لابد أن تعطى الثمار، لأن الله سبحانه وتعالى أبى أن يجري الأمور إلا بأسبابها.
ذهب الاستعمار العسكري، من بلادنا وخلفه استعمار جديد، يختفي وراء الأقنعة السياسية، والاقتصادية، والثقافية، كيف يمكن للمسلمين التحرر من هذا الاستعمار؟
في الحقيقة إن هذا الاستعمار هو أسوء من الاستعمار العسكري، لأن في الاستعمار العسكري يعلم الشعب أن هذا عدوه فيطارده، بينما هذا الاستعمار معناه أنه صنع مع الشعب غسيل مخ، يعني أن ابنك في دارك وهو يدعو إلى موسكو، أو يدعو إلى واشنطن، أو يدعو إلى لندن، وأحيانا يدعو إلى تل أبيب، كما رأينا بعضهم في بلادنا، فهذا الشيء بحاجة إلى إعادة المخ إلى وضعه الطبيعي، وذلك لا يكون إلا بوعي متزايد، حتى يمحي هذه الآثار، فالواجب إيجاد وعي متزايد كبير على مختلف المستويات، حتى نتمكن أن نغسل هذا الشيء من الأدمغة، وحتى ينتهي الاستعمار الخفي وأبرزه الاستعمار الفكري من البلاد الإسلامية.
هل يكفي الوعي الثقافي؟؟
الوعي الثقافي مع حملة الوعي الثقافي بطبيعة الحال، فالمطلوب أن يكون في كل بلد أناس كمنظمات، وكهيئات، وما أشبه هؤلاء يحملون هذا المشعل... مشعل الوعي لجميع الناس.
تشكل المرأة نصف البشرية، وتملك كل طاقات الرجل، فما هو السبب في حرمانها في الشرق والغرب؟؟ وهل يضمن الإسلام حريتها وتقدمها؟؟
الواقع أن الإسلام ضمن حرية المرأة بكرامة، وأما الغرب فقد ضمنوا لها بعض الحرية بلا شك، ولكنهم في نفس الوقت داسوا كرامتها، بمعنى أن المرأة صارت مومس في أي بلد من بلاد الغرب، المرأة صارت ألعوبة بيد الشباب، المرأة صارت عناوين إعلانية للتجارة وجلب الزبائن، فالغرب أعطى للمرأة بعض الحرية ولكنه في نفس الوقت سلب كرامة المرأة.أما الإسلام فهو الدين الوحيد الذي يعطي للإنسان الحرية الكاملة، ويوفر للمرأة أفضل قدر من الكرامة، والسبب أن المرأة في الحقيقة، في العالم الشرقي، ما وعت أي شيء، وفي العالم الغربي ما وعت منزلتها الواقعية التي تليق بها، ولذا صارت ألعوبة بأيدي التجار للإعلان، أو بأيدي الشباب الذين يذهبون وراء الشهوات، أما إذا أخذ الإسلام بالزمام - وسنرى إن شاء الله في إيران عن قريب هذا الشيء - فالمرأة يعطى لها كامل حريتها لأن الإسلام كما نعلم دين الحرية، والله يقول في وصف الرسول (ص) بأنه رسول الحرية، بقوله: يضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم. ووضع الأغلال والإصر ليس خاصا بالرجل، حتى المرأة، والمرأة كما يقول الإمام علي (ع) ريحانة، يعني أن الإسلام يعطي للمرأة الحرية بالإضافة للشذى والعطر والجمال، وهذا هو ما يعبر عنه الإمام بأن المرأة (ريحانة)، ويعبر الرسول قبل الإمام بقوله: إني أحب من دنياكم ثلاث، الطيب والنساء وقرة عيني الصلاة. يعني الصلاة المرتبطة بالله، والطيب المرتبط بالمخ - وكما هو معروف أن الطيب يقوي أعصاب المخ - ويجعل ثالث الأشياء المرأة. فالإسلام يعطي للمرأة بالإضافة إلى الحرية، الكرامة الكاملة.
ما هي وظيفة المرأة المسلمة تجاه الحركة الإسلامية؟
إن وظيفتها تجاه الحركة الإسلامية نعرفها من خلال ما ذكره الفقهاء، إن الفروع العبادية للدين عشرة: الصلاة، الصوم، الزكاة، الخمس، الجهاد، الحج، الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، التولي لأولياء الله، التبري من أعداء الله، وقالوا كل هذه الأمور مشتركة بين الرجل والمرأة، كما أن المرأة واجب عليها الصلاة والزكاة والخمس، كذلك واجب عليها الجهاد أيضا.. نعم أحيانا يختلف جهاد الرجل عن جهاد المرأة، يعني إذا كان في المجاهدين الرجال كفاءة، أما إذا لا تتوفر الكفاءة في المجاهدين الرجال، يجب الجهاد على المرأة أيضا.
تعدد القيادات المرجعية، يؤدي إلى الخلاف في الرأي، ثم إلى الاختلافات أحيانا، كيف يمكن كل هذه المشكلة لكي لا تفقد هذه القيادات فاعليتها؟
في الحقيقة أني ذكرت هذا الشيء في كتاب لي حول الحكم في الإسلام، وهذا الشيء بسيط جدا وذلك أن يتم انتخاب العلماء والمراجع من قبل الحوزة العلمية، ففي قم مثلا حوزة علمية كبيرة، وقم قلب إيران، هذه الحوزة العلمية تحتوي - حسب بعض الإحصاءات - على(15) ألف طالب علم، بين طالب علم، وخطيب، ومؤلف، وموجه، وإمام جماعة، ومدرس، ومجتهد، ومن أشبه هؤلاء الـ(15) ألف فيهم العلماء بكثرة، وفيهم من المجتهدين ما يقارب المائة، فيجتمع هؤلاء وينتخبوا للمرجعية بأكثرية آرائهم، إما مرجعا واحدا، أو متعددين، فإن انتخبوا مرجعا واحدا مؤهلا بطبيعة الحال، لأنهم خبراء فيكون هو المرجع الأعلى، وإذا انتخبوا متعددين، فإذا كان العدد فرديا، ثلاثة أو خمسة، فيكون العمل بأكثرية الآراء لدى الاختلاف، وإذا كان العدد زوجيا كأربعة أو ستة واختلفوا في الأمر بشكل متساو، فيحسم الأمر بالقرعة، لأنها لكل أمر مشكل. وهذا هو أبسط الصور الإسلامية المقررة، وهذه الطريقة كانت متبعة سابقا أيضا، ففي زمان الميرزا القمي المشهور، وصاحب الجواهر في النجف الأشرف، كان هناك بعد وفاة المرجع، يعقد اجتماع بين العلماء لانتخاب المرجع بعده، ويقوم أهل الحل والعقد من العلماء ورجال الدين بانتخاب المرجع الأعلى، إذن فقد كان هذا الأسلوب أسلوبنا أيضا.
هل لكم من كلمة للمسلمين؟
في الحقيقة أن كلمتي للمسلمين هي أنه يجب علينا نحن المسلمين، علي أنا وعليكم انتم وعلى كل المسلمين أن نرجع إلى القرآن وهذه أفضل كلمة في الحقيقة يعني أن نحلل حلاله ونحرم حرامه، وأن نأخذ بموازين القرآن في الاقتصاد والسياسة، والتربية، والاجتماع، والعائلة والملك، والصناعة، لأن الله يقول في القرآن الحكيم: (ما فرطنا في الكتاب من شيء) والرسول ولأئمة الطاهرون هم شراح القرآن، كما هم قالوا، يعني أن سنة رسول الله وعترته كشراح، والقرآن بين جميع المسلمين، والكل متفق عليه، وهو صريح واضح، مثلا في الاقتصاد يقول القرآن: (أحل الله البيع وحرم الربا)، وفي السياسة آيات، وفي التجارة آيات وفي المواريث آيات، فيجب علينا أن نرجع للقرآن لنطبقه.
وهل لكم من كلمة (للشهيد)؟؟
أما كلمتي لـ"الشهيد" فهي أنه يجب عليها بصفتها تصدر باللغة العربية، وتنتشر في المناطق العربية - الإسلامية - أن تلاحظ أمرين: الأول: أن تعطي الوعي الكافي للعرب الموجدين في خوزستان على الحدود الإيرانية في الجنوب، لأن هؤلاء العرب جعلت سياسة التجهيل التي كان يمارسها الشاه، أكثرهم في جهل بالإضافة إلى سياسة الأفقار، وإلى آخر السياسات المعادية المعروفة من الشاه والتي تمارسها كل الحكومات الاستعمارية، وهؤلاء في الحقيقة مظلومون ومضطهدون واني كنت على اتصال بهم منذ كنت في العراق حتى هذا اليوم، وطوال (30) سنة في الدراسة، فهم شعب مظلوم، وعلى "الشهيد" أن تعمل لهم عملين، أولا: أن تعطيهم الوعي. ثانيا: أن تدافع عن حقوقهم, وأنني لا أقول أن حقوقهم فقط مهدورة، وإنما في زمن الشاه كانت حقوق كل الإيرانيين مهدورة، لكن الكلام أن تطالب " الشهيد" من الشعب الإيراني بصورة عامه، ومن الحكومة بصورة خاصة، إعطاؤهم كل حقوقهم المهدورة في العهد السابق، وإنما أقول بالنسبة إلى العرب لأن "الشهيد" عربية، وإلا بالنسبة إلى الفارسي، أيضا أقول، وكذلك أيضا إلى البلوش، والتركي، والكردي. هذا بالنسبة إلى الشعب المضطهد في خوزستان، وهم كما رأيتهم أناس طيبون إلى أبعد الحدود.
وأما بالنسبة إلى الشعوب العربية بصورة عامة، يجب أن تكون "الشهيد" داعية للإنسان العربي بترك كل الموازين اللااسلامية، والعودة إلى الإسلام، يعني أن القومية، والبعثية، والشيوعية، والتي يقول الله عن أشباهها في القرآن الكريم: (إن هي إلا أسماء سميتموها)، هذه ملها يتركونها ويعودوا إلى القرآن وهو حي طرى بيننا. فالكل متفقون على أنه كتابنا والكل متفقون على أنه طريقنا، فمن الضروري أن تكون رسالة"الشهيد" إلى الأمة العربية بصورة عامة هو إرجاعهم إلى الحق والفضيلة. انتهى. |