العملية السياسية الهشة التي يعرف القريب والبعيد هشاشتها عدم إيمان السياسيين العراقيين بجدية بناء العراق إضافة للتداخل الذي لا يمكن فك ارتباطه بين قادة يمثلون دورين في آن واحد فهم بالوقت الذي يحكمون تحت علم دولة العراق ، ودور يقتلون فيه أبناء العراق بدم بارد لاختلافهم الطائفي .. فلا يوجد بلد يحكم السياسي على القانون ويفّصله حسب قياساته ...
فدماء العراقيين ليس لها قيمة لدى اغلب الكتل السياسية ، جميع التفجيرات سببها موقف السياسيين ، يقتلون وهم بموقف المسؤول انتقاما من كتلة سياسية ، والمقتولون ليس لهم علاقة بالاختلاف ولا بالسياسة ، هؤلاء لهم حصانة لا يحق القانون أن يطالهم .. فاستأسد الجبان وبرز على المنابر والساحات الرعيان والخصيان ، واعتلى منصات المعارضة رجال مراهقين لا يعيرون أهمية للفتنة ولا يرضون بغير التقسيم ويؤججون بخطاباتهم نار الحرب في بلد غرقت محافظاته بالفساد والتفخيخ والقتل والدم ، دول الجوار تمنح من ميزانياتها التآمرية مليارات الدولارات لسياسيين يقبلون أحذية حكام الخليج ، ويتسابقون لإرضاء أعداء العراق ، وتستضيف فضائياتهم الموبوءة بالنخاسة الوطنية أشباه الرجال المتلونين في سراديب الفتن ورئاسة البرلمان الفتنوي ....
اليوم تحملت وزارتي الدفاع والداخلية ثقل الانفلات الأمني والأزمة السياسية ، مرة بسبب تدخلات السياسيين ومرة بوجود شخصيات هزيلة في قيادات هاتين الوزارتين ، هذا جعل مرتزقة الفتنة يطمعون بإشاعة الإحباط لدى القوات الأمنية للقضاء على ما تبقى من أواصر الوحدة الوطنية ، حين يتم التأثير على نفسية رجال الداخلية والدفاع يتم تقسيم العراق ،وأصبحت القوات الأمنية هدفا مباشرا مركزيا من أهداف ساحات المراهقين التي ازدحمت منصات الفتنة على رؤوس خاوية إلا بالحقد والازمات ..وصلت الحال أن سحتمي بالتظاهرات البعثيين والمنظمات الإرهابية قتلة الجيش والشرطة تحت عنوان ساحة لا تعرف الكرامة ولا تعلم لها سبيلا، هذه الردة ليست جديدة ، أرجو من رجال الدفاع والداخلية الالتفات إلى حجم المؤامرة ، وليعرف رجال الأمن إن وراءهم جيشا لا أول له ولا آخر من الوطنين والأشراف وإنهم غير مكشوفي الظهر ، وما هذه الخطب التي تنقلها فضائيات الفتنة إلا عفطة عنز يطرب لها المخططون آل حمد وال سعود ومن يغرد في سربهم ... فلا بد من موقف يا أبناء الشرفاء ، لا يتزعزع الأمل في قلوبكم لتغريد حاتم سليمان وسعيد لافي وظافر العاني ، هؤلاء لا يستحقون أن نرد عليهم لأنهم أدنى من أي كلمة تستحق إن نقولها أمام موقفكم البطولي ...
سيكتب التاريخ إن رجال الداخلية والدفاع وقفوا أمام اكبر هجمة تآمرية قادتها قوائم سياسية في محافظات تعتاش على نفط الشروكية .. وقد ذكر التاريخ تضحيات رموز عظيمة وقفت في وجه الردة أجداد هؤلاء المغردين حين جاء وفد قريش بعد تحرير مكة يريدون تمزيق الدولة الإسلامية ..هذه مؤامرة تعرض لها المسلمون أكثر من مرة ، لان المسلمين لم يتركز الإسلام في قلوبهم كما لم يثبت العمل التضامني في قلوب هؤلاء اليوم .. يقول تعالى : { قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ}..
لذلك تحمل المؤمنون هذا التفاوت الاجتماعي ، امة تنادي بالأيمان والقران يقول لم تؤمنوا .. هذه تترتب عليها نتائج كارثية كبيرة ... كانت الردات تتلوا بعضها بعضا .. اصل الردة خطر منذ عهد النبي {ص} أول من حاول الردة والتخلص من حكم النبي (ص) هم قريش بعد فتح مكة مباشرةً ، لأنها كانت ترى بعين سياسية وليس دينية كما هي اليوم ساحات الاعتصام ، تحسب حسابات الربح والخسارة ، كانت ترى أن النبي (ص) أخضعها وفتح عاصمتها عنوةً ، وأجبرها على خلع سلاحها ، والدخول في الإسلام بالقوة وتهديد السلاح ، فكانوا يتحينون الفرص ... وقد حاول بعض شخصياتهم الاستقلال بقيادة سهيل بن عمرو ، معه جماعة وقفوا أمام قرارات عتَّاب بن أسيد الذي عينه النبي (ص) واليا على مكة ، وبعث ابن سهيل رسالة إلى النبي (ص) اول مرة طالباً أن يعامل قريشاً كدولة ، ثم جاء إلى المدينة يطالب بذلك فأيده بعض المعروفين في المدينة ممن لهم باع { هنا وهناك } ..!!!
فجابههم النبي (ص) جواباً قاطعاً وهددهم بعلي (ع) : «فقال: ما أراكم تنتهون يامعشر قريش ، حتى يبعث الله عليكم من يضرب رقابكم على هذا».أي على الإسلام ،" واليوم على الديمقراطية وبناء الدولة الموحدة" وهو تصريح بأنهم لم يسلموا ! (الحاكم:2/125،وأبو داود:1/611). ولم يقف الأمر عند قريش فالعرب لا تعطي زمامها للحق بسهولة .. فقد اجتمعت ثقيف ايظاَ وطالبوا أن يعاملهم النبي {ص} كدولة ولهم قياداتهم ، وليبقى اسم الدين الرسمي " الإسلام " فكان رد النبي (ص) ثقيفاً وقبائل أخرى بعلي (ع) وأخبرهم أنه سيقاتل بعده على تأويل القرآن ، كما قاتل هو على تنزيله ..
وهنا جاءت اللحظة الحاسمة حين أمر النبي (ص) علياً (ع) " أن يعلن تهديده لقريش ومن ينوي الردة " ، وهو موقف وقائي لمنعهم من التفكير بالردة ! .. أي انه أعلن عليا{ع} قوة ضاربة يهدد به من يخرج عن شرعية الدولة الإسلامية .. قال ابن عباس: « إن علياً كان يقول في حياة رسول الله (ص) : إن الله عز وجل يقول: أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ ، والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله تعالى . والله لئن مات أو قتل لأقاتلن على ما قاتل عليه حتى أموت . لا والله . إني لآخوه ووليه وابن عمه ووارثه ، فمن أحق به مني» ! (الحاكم:3/126، والنسائي:5/125،..كان هدف ردة القبائل محو الإسلام ! أو التعامل معه كعنوان فقط ويبقى الحكم بيد القرشيين والثقفين.. فهل يعيد التاريخ نفسه ولكن في العراق .. ومن هو الطرف الممثل لقريش اليوم . والطرف الممثل لعلي{ع} ..
|