• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : حديث الروح للأرواح .
                          • الكاتب : د . سمر مطير البستنجي .

حديث الروح للأرواح

 بسم الله الرحمن الرحيم

(1)

كلما نَقر الليل نوافذ عمري بأنامله..!

أرّقني  خوف السَّواد  وجرأة  الكآبة.. وأفزعني حُكم المَسير نحو المُنتهى ،فأتحايل هباءا على سِكَك المَضيّ.. وأُمسك جنونا بذيل العقرب المتأهِب للسقوط في كوّة الغد، لئلا يَفتك بيوم آخرَ من عمر الصِبا .

(2)

كلما نَصب ليَ الليل فِخاخ الذكرى...!

انتشرت في أنحائي رائحة الحبّ المزروع فيّ وجعا..وباغَتني مخاض النّداء،وتوجّع فيّ جنين الكلام ،كتوجّع حناجر الغيم من زمجرة الرعد.

فأمدّد بوحيَ المريض على أسرّة الفضاء...وأفري قصائدي  المنظومة أغنيات حزينة في بَهارج  حنجرتي.... وأُدلي للفراغ الملتفّ حوليَ بالمكتوم من أسرار الروح العليلة ...وأعترف بأعلى ما تبقّى من وَهني  بأني لا زلت أهواه...

وبأن الشوق ما نهض فيّ لسِواه..

ما نهض فيّ الشوق لسِواه.

(3)

كلما أغواني الليل بمفاتن السّماء!

شاغلتني عرائس النجوم المُرتديات قمصان السَّهر،

فأتذكرُني..وأتذكر ثوبيَ المشنوق على أعمدة اللقاء.. ،

فأتسرّب كنَثيث الحُمّى عبر مسام الحنين لأتفقده ،

فأجده صامدا صابرا  شامخا بين أشياء الذكرى ..فيحزنني  فتور الرغبة في ياقوت أزرارهِ..وبُهتان اللون في أطراف زركشتهِ..فأنعى حظنا المَخبوء  وراء رغبة صائمة..

(4)

كلما دكّ الليل دروب ضِيائي  بخُطاة..

وفاض الظلام عن الحاجة.....!

تخطّفني الفراغ العاري إلاّ من فحيح الذكرى و صوت الآه.... وأصابني دوار من اللاثبات المبثوث  في  فوضى الظلام..

تنكرني اتجاهاتي وتبتلعني عواصف العَدم .. وكأنما أعلنَت الحِداد على روحي  كل ألوان الحياة  ..فأسير على غير هدىً  الى اللامكان، أبحث عني دروب السائرين الى اللاوجهة..

يلوكني الضياع، ويُرعبي صفير قيامتي الأخيرة...وأتعثّر في حجارة الليلة العمياء....

تتحوصل في مُقلتيْ بؤرة باردة مقفرة تستفزّني للبكاء.. فأبكيني ،وأبكيه!

ذاك الذي منح الليل حقّ التمادى على  ضِيائي ،وأسكنني عَمدا جُبّ الظلام..

فلا هو  افتداني  عفوا عند المقدرة .. ولا منحني سبيلا للنجاة..

(5)

كلما سكب الليل فيّ شهوة اللقاء!

تأجّجت نار الحنين  في أتون مواقدي  ، واستفاقت قصصي المغمورة البهاء المذبوحة الوجدان...فأرمِقتني وحيدة في الركن القَصيّ من مقاعد البائسين... فكأنما وَلجتُ وادٍ  غير ذي  زرعٍ من أودية المنفى، قد تحنّطت في شِعابه الأحياء والأضواء ..

وحدها ..تلك الوِحدة المزروعة في لواعجي من يُتقن لَكنةَ الروح في رَهق الغياب...ووحدها من يقدّر وجع الجسد المنذور لمشيئة الانتظار..

ولمّا تحاصرني أخيلة الظلام ، وأشتهي ضوءا يمرّ بسلام عبر رؤايَ المرصوفة بالسَّراب....! أرمقه في خيالي طيفا مُسرع الخُطى نحو الغياب..

فأناديه.. وألحّ عليه ؛ له طلبا..ولمّا يُعاندني ويأبى!

أمسك ببعض حروفنا الهاربات من خواطرنا الحرّى ومن سِيَرة حبّنا المخطوطة في كتب الأنقياء.. لأكتبها على حوائط الضباب يقينا لا رجعة فيه : 

بأنه لا زال رغم النأي  قدّيسيَ الأول والأخير.

لا زل قديّسيَ الأول والأخير..

(6)

كلما اشتعل حقد الليل على بَياضي..!

استباحت صبايا السَّهر مُستقري ومقامي..

وتسللت تقض مضجعي  بأحاديث  ليالينا العِذاب ...

فأجدني خاوية الوفاض إلاّ منه؛ وذكراه..

تبتلعني ليلتي الصمّاء...فأدور في مدارات  عَرضها كذرّة متناهية في الصِغر ...وازرعُني على امتداد محاور الطول طيفا من دخان..حيث الكون ليّ متسع ومنفى ..

فتتراشقني سهام الوجع ، وتتجنّى عليّ  حجارة الزفرات ،وترميني بشوقٍ من سجّيل، وتغرقني بحنينٍ من  َسموم.. ثم تذرذرني هباءا منثورا .

أجدني فلا أعرفني ... فكأنما مارستُ طقس الخروج من جسدي ..

أستفيق بعد وعيٍ على لا شيء...

لأدرك حين فوات القرار فحوى رسائل الليل الأخيرة:

فما كنت يوما سوى جسما مجهول الهويّة غريب الروح والطابع ..ليس له متسع في مجموعتنا الأرضية..لذا  تقرّر نفيه من عوالم الفرح  ومن مدن الضوء..

 

 

 


كافة التعليقات (عدد : 3)


• (1) - كتب : د. سمر مطير البستنجي ، في 2014/08/19 .

لطالما حدثتني روحي بأن للحب الأول سطوة الحاكم وأمر الملك،
وبأن النظرة سلاحه الفتاك،،
الآن فقط صدق القول وتحققت نبوءة الأرواح.

• (2) - كتب : سمر مطير البستنجي ، في 2013/03/26 .

أيّ بقاء..؟!
وضعفنا البشريّ يقضم الأمنيات ..
وأفول العمر لنا بالمرصاد....

شكرا أخي لمرورك المتفائل....

• (3) - كتب : المجروح ، في 2013/03/26 .

صدقيني ان الحب الاول لا ينسى وباق للابد



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=28887
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 03 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15