بلوعة مرة , وبأسى مرير, تلقينا النبأ الذي نزل على رؤوس المحبين والمنصفين نزول الصاعقة , فكل الضمائر الحية تكاد تتمزق , وكل القلوب النقية تكاد تنفجر , وكل الدموع الكاوية يتزايد زخها على الأرواح التي زهقت ظلما وعدوانا في يوم الثلاثاء الأسود .
السلام عليكم يا شهداء العراق , السلام عليكم يا فقراء العراق , بأي كلمات أرثيكم .. وبأي أسلوب أنعيكم ياكواكبا تساقطت من سماوات السمو و الفضائل وهشمتها معاول الدخلاء والإجراء والحقراء والإرهابيين , فيا زنابق التضحية , ويا عناوين الفداء , ويا أبجدية الاستشهاد , انتم أركان تهدمت , وانتم مشاعل نور أطفئت , وانتم تيجان على رؤوس الكبرياء , وهل تكفي الكلمات والدموع والآهات والحسرات بالتعبير عما يختلج في صدورنا من لوعة وألم وحسرة على أعماركم التي تلاشت تحت دخان الفواجع التي صاغها العملاء والأدعياء وكل حثالة الأقدار والمقادير . إن أحذيتكم التي بقيت مرمية في ساحة الفاجعة هي أسمى وأعلى واغلي من كل الرؤوس المنخورة المحشوة بالغباء والقذارة والنتن وإن كل قطرة نزفت من أجسادكم الطاهرة المطهرة هي قارة من الأنوار التي تظل تتوهج في عوالم الشموخ والنقاء , فيا رصيدنا ويا عزتنا وشموخنا لا لم يحصدكم الغادرون والمتآمرون والإرهابيون , إنكم باقون في عالم الذكرى , إنكم تعيشون في ضمائر الأخيار والأبرار , إن أطيافكم ودماءكم ستظل مساميرا مزروعة في نفوس الحاقدين والمسعورين , فيا كوكبة النقاء ويا اغرودة الأجيال ويا ترنيمة الطيور ويا أكمام الزهور, برقبة من دمائكم المسفوحة .. ؟؟ برقبة من أعماركم المذبوحة .. ؟؟ .
أن ما يحز القلب ويدمي الفؤاد أن نكتفي بالنعي والتأسي واجترار أنباء فواجعكم . من المسؤول عن فقدان حياتكم.. ؟؟ ومن وراء من نفذ عمليات قتلكم .. ؟؟ وأي إجراء يشفي قلوب المكلومين قد حقق لكم .. ؟؟ . إن عراقنا المفجوع تتزايد فواجعه , وتتعاظم ماسيه وكوارثه , فأي شيء يشفي قلوبنا , ويريح أعصابنا , ويحقق اطمئنانا ويعوضنا عما فقدناه من أحبة وأعزة , فالتراب الذي كان يتطاير من أجسادكم وانتم بطريقكم للعروج السماوي هو كحل للعيون , وهو أثمن وأغلى وأعلى من هامات الحاقدين المأجورين الغادرين عشاق الجرائم والآثام والدماء . إن عزائنا بكم لا ينتهي إلا بانتهاء شراذم الشر وزبانية اللؤم والحقد والغدر والعفن . وليعلم الجميع بان كل قطرة من دمائكم تعادل كل دعي ومنتفع قد تربع على مقاعد الدولة والبرلمان وهو لا يمتلك ذرة من الوطنية والغيرة والأهلية , فان استشهادكم قد فضح وعرى بعض الذين يتربعون الكراسي ولم يبدر ولم يصدر منهم أي موقف ينم عن مصداقية تعاطفهم مع هذه الكوكبة المغدورة , إنما اكتفت القلة القليلة جدا منهم بإصدار تصريحات وتلميحات ولم تميط اللثام عن جوهر هذا الإجرام المنظم ومن صنعه ومن خطط له ومن نفذه , فهذا أمر كأنه لا يعنيهم ولا يهمهم بشيء , والذي يعنيهم هو تمتعهم بعطلهم في عواصم العالم يتبطرون ويتنعمون ويتمطرحون ويقتنون ويعودون محملين بالعطايا والهدايا وما يرضي طموحاتهم ونزواتهم وشهواتهم التي لا تخفى على احد . ماذا يبتغون الأنجاس من هذه الممارسات الخسيسة التي تطال الفقراء والأبرياء ..؟؟ فما هو ذنب هؤلاء الشباب ..؟؟ وما ذنب النساء ..؟؟ وما ذنب طلاب المدارس ..؟؟ وما ذنب الأطفال ..؟؟ وما ذنب كل من سقط اليوم مضرجا بدمائه بأيدي عصابات القتل والاغتيال والتخريب ... فإلى متى يظل عراقنا الجريح ينزف وينزف ولا نجد العقوبات الحاسمة والصارمة لفلول الشر وأفاعي الجريمة والعدوان ..؟؟ لماذا لم نسمع ولم نشاهد جثث هؤلاء القتلة معلقة على أعواد المشانق في الشوارع والساحات العامة لكي يتعظ المجرمون وعلى الأقل لكي تقل وتتضاءل الجرائم المتواصلة ضد شعبنا الصابر المبتلى .
لكم الله يا أيها الشهداء الأبرار, ولك العزاء يا أيتها العوائل المنكوبة والمفجوعة , وتضرعي لله بان يديم شهوة وشهية كل عضو في البرلمان لم ينفعل ولم يتفاعل مع دماء الشهداء , الذين وهبوا حياتهم من اجل الوطن , الذي أضحى فريسة للمنتفعين والدخلاء والمأجورين والإرهابيين . إن دموعنا لن تجف وأوجاعنا لا تنتهي على كل من ضحى من اجل هذا الوطن المنكوب, والذي لا يحمل جراحه إلا الاصلاء والنجباء وكل من يمتلك الغيرة والشهامة والإحساس .
مدير مركز الإعلام الحر
majidalkabi@yahoo.co.uk