بسم الله الرحمن الرحيم
لسورة الاعراف فضائل كثيرة , نذكر منها ما ورد في كتاب ثواب الاعمال , ورد عن ابو عبدالله (ع) من قرأ سورة الاعراف في كل شهر كان يوم القيامة من الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون , فأن قرأها في كل جمعة كان ممن لا يحاسب يوم القيامة .
المص{1}
تقدم مثلها , الله ورسوله واهل الذكر اعلم بمعانيها وخفاياها ! .
كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ{2}
اوكل الله عز وجل الى رسوله الكريم محمد (ص واله) مهمة ثقيلة , ذات نطاق واسع , تواجهها عقبات كثيرة , وموانع يتعسر تجاوزها , لا يمكن لاحد ان يتحملها غيره (ص واله) , فكان اهلا لها ! .
ينبغي الاشارة الى ان معنى ( فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ ) ضيق من تبليغه خشية التكذيب , كما اشار اليه علي عاشور العاملي في مصحف الخيرة والسيوطي في تفسير الجلالين وغيرهم من المفسرين يميلون الى هذا المعنى .
اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ{3}
خاطبت الاية الكريمة السابقة الرسول الكريم محمد (ص واله) , والاية الكريمة وجهت خطابها لعامة الناس , وفيها امر ( اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ ) , ونهي ( وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء ) , اما ختام الاية الكريمة ( قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ ) فنذكر فيها رأيين على سبيل الطرح :
1- ان طريق الحق واضح ولا يحتاج الى كثرة مواعظ , ويمكن للانسان اللبيب الوصول اليه بعدد قليل من المواعظ , شريطة العمل بها .
2- طبيعة الانسان النسيان والغفلة , فبالرغم من كثرة المواعظ التي تطرق سمعه وبصره وباقي حواسه , الا انه لا ينتفع الا بالقليل القليل منها , مثال , الكل يعلم مضار التدخين , والمدخن يعلم ذلك جيدا , الا ان معرفته لا تدفعه الى الاقلاع عنه , بالرغم من كثرة المواعظ والنصائح الطبية , التي تشرح وتبين مضاره ومخاطره على الجسم البشري .
وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءهَا بَأْسُنَا بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ{4}
تذكر الاية الكريمة ان كثيرا من اهل القرى اتاها العذاب في حالين :
1- ( بَيَاتاً ) : ليلا , سواء كانوا نائمون , ام يشغلهم شاغل .
2- ( أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ ) : وقت القيلولة في منتصف النهار , سواء كانوا نائمون , ام مشغولون بشواغل خاصة.
فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا إِلاَّ أَن قَالُواْ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ{5}
تروي الاية الكريمة ما قاله اهل تلك القرى , عند حلول العذاب عليهم ( إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ) , فأعترفوا بأساتهم وتقصيرهم , بعد ان ايقـنوا بعجزهم عن درأ العذاب , ودفع خطره .
فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ{6}
تشير الاية الكريمة الى ان الله عز وجل سوف يسأل تلك الامم ( هل اتتكم رسلنا ؟ , بماذا أجبتموهم ؟ ) , ثم انه عز وجل سوف يسأل المرسلين عن اجابة الامم لهم , وهذا من مقتضيات العدل الالهي ! .
فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ{7}
تشير الاية الكريمة الى ان الله عز وجل سوف يقصص على كل امة ( او كل فرد ) قصتها , تسرد فيها كافة الاعمال والاقوال , كل شاردة وواردة , لا يسقط منها شيء مهما كان تافها , وتؤكد الاية الكريمة في ختامها انه جل وعلا لم يكن غائبا عنها , فهو جل وعلا في كل الاحوال موجود ! .
وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ{8}
تشير الاية الكريمة الى وجود ميزان من نوع خاص , توزن فيه الاعمال , ( فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ) كثرت اعماله الصالحة , ورجحت كفتها على اعماله الطالحة , عندئذ يشمله ختامها ( فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) .
يلاحظ ان من مستلزمات الفلاح , رجحان ( ثقل ) الاعمال الصالحة على خلافها , فينبغي للعقل السليم ان يدرك ذلك , ويعمل لاجله .
وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُم بِمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يِظْلِمُونَ{9}
تشير الاية الكريمة الى كفة الميزان الاخرى , كفة ( وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ ) قلت اعماله الصالحة , وازدادت اعماله الطالحة , ورجحت كفتها , ( فَأُوْلَـئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُم ) بتعريضها للعذاب , والقاءها في موارد التهلكة ( جهنم ) , ثم تختتم الاية الكريمة بذكر السبب الاكبر والاهم ( بِمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يِظْلِمُونَ ) ! .
وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ{10}
نستقرأ الاية الكريمة في ثلاثة مواقف :
1- ( وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ ) : بسط الله عز وجل الارض , سخرها وذللها , فأصبحت موطنا ومسكنا لبني ادم .
2- ( وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ ) : ما تعيشون به وعليه من جميع النعم ( مطاعم ومشارب ) .
3- ( قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ ) : مع كل ذلك , شكركم لنعمه عز وجل قليل ! .
|