من الافكار التي استوحيتها من المؤتمر السنوي للرابطة الذي عقد في مدينة الكاظمية المقدسة بتأريخ 12 كانون الثاني 2013 م ، أن هناك تهميش للكفاءات في الدولة العراقية الجديدة ، وجاء هذا الأستيحاء من خلال كلمة الاخت الصحفية اللامعة أنتظار الشمري ، التي تطرقت في كلمتها الى قانون الانتخابات الجديد الذي سيشرع بعد التصويت عليه في مجلس النواب ، وأشارت الست انتظار الشمري الى الكوتا النسوية التي حددت بنسبة 25 % في القانون الجديد والقديم ، وذكرت الصحفية أنتظار أن الكوتا السابقة للنساء قليلة ، وهذه النسبة تهمش دور المرأة في بناء المجتمع ، عليه يجب زيادة نسبة الكوتا النسوية الى 40% ، حتى يمكن ترشيح أكبر عدد ممكن من النساء ، وقي رأيي أن هذا الحراك النسوي والطرح والمقترح بحاجة الى نقاش وحوار وتبادل في الآراء ، لو كان وقت المؤتمر يسمح بذلك ، لأن الموضوع المطروح ذو أهمية كبيرة ، ويتعلق بشريحة واسعة من المجتمع العراقي وهي شريحة النساء اللواتي يشكلن نسبة كبيرة في المجتمع ، لهذا السبب ولغيره من الاسباب أقترحنا أن يستمر المؤتمر في الانعقاد ليومين متتاليين ، او على أقل تقدير أن يستمر من الصباح حتى الظهر ، ثم يعاود الأنعقاد من بعد الظهر حتى المساء ، مع أعطاء الوقت الكافي للحوار والنقاش ، والاتفاق على موضوع يطرح من أحد السادة المشاركين في المؤتمر، يكون محوراً للنقاش ، ويمكن طرح أكثر من موضوع حسب الوقت المتاح .
بخصوص الفكرة التي طرحتها الاخت أنتظار الشمري حول كوتا النساء ، تداخل معها لمناقشة الفكرة سماحة السيد حسين اسماعيل الصدر ، وأبدى رأيه حول فكرة الكوتا النسوية وعن تهميش الكفاءات ، ورأى أن تحديد كوتا للنساء هو أنتقاص من دور المرأة وقيمتها ، وتهميش لكفائتها ، وتقليل لدورها ومكانتها في المجتمع ، لأن الكوتا تحدد للمرأة عتبة لا يمكن تجاوزها ، كما يمكن ان تسرب شخصيات نسوية غير كفوءة الى مواقع القرار المهمة في الدولة ، وفي هذا أساءة لسمعة المرأة والكوتا النسوية هي شكل من أشكال المحاصصة ، التي فيها تهميش والغاء لدور الكفاءات في المجتمع .
وأنا اتفق مع السيد فيما ذهب اليه من رأي ، المرأة هذه الطاقة المتجددة التي تحتل أكثر من نصف المجتمع ، وضعها وتقييدها ضمن حدود معينة ثابتة ، تقييد لها ، وتحديد لكفاءتها ، وانتقاص لدورها الكبير في المجتمع ، لذا من الضروري أن تكون مشاركة المرأة مفتوحة لا تحدها أسيجة الكوتا ، للمرأة الحق أن تعبر حدود الكوتا ، لتحتل المواقع المهمة في المجتمع ، الكوتا النسوية حتى لو زادت فأن لها مردودات سلبية على المرأة والمجتمع ، فهي لون من ألوان المحاصصة ، التي يجب أن تتخلص منها العملية السياسية الجديدة في العراق ، وأقترح على السيدات الكفوءات من النساء أن يشكلن قائمة مستقلة باسمهن بعيدا عن الرجال في الأنتخابات القادمة ويخضن هذه التجربة ، لغرض خلق الوعي والأيحاء الى الاخرين ، أن المرأة لاتقل عن الرجل في الامكانات والقدرات التي تؤهلها لقيادة المجتمع .
ذكر السيد حسين الصدر في مداخلته مع كلمة السيدة أنتظار الشمري ، أن الدولة تعاني من تهميش الكفاءات ، ونحن نتفق مع رأي السيد في هذا المجال ، وأرى أن تهميش الكفاءات هو نتيجة من نتائج المحاصصة التي فرضت على العملية السياسية والتي أنسحبت اثارها ليس على العملية السياسية فحسب بل الى جميع الميادين الاخرى في الدولة ، بحيث سمح هذا النظام المقيت الذي بني على الطائفية والقومية بصعود الشخصيات غير الكفوءة ، وغير الوطنية ، وغير المهنية ، بتولي المواقع الحساسة والمهمة في الدولة العراقية ، وهذا مما يؤدي الى تهميش الكفاءات ، وتـأخر بناء الدولة ومؤسساتها .
نظام المحاصصة فُرض من قبل المحتل الامريكي ، وبدعم من دول المحور الامريكي الطائفي في المنطقة ، ولا زال هذا النظام الذي أخّر بناء البلد ، وأدى الى أن يتولى المواقع المهمة في الدولة الاشخاص غير المؤهلين وغير الكفوئين ، لا زال البلد يعاني من آثاره ، ومشاكله التي تثار بين فترة واخرى ، خاصة في العملية السياسية ، التي تترك آثارها ونتائجها السلبية على بقية المجالات الاخرى كالاقتصاد وبناء البنى التحتية او توفير الخدمات ، او اتاحة فرص العمل للعاطلين الى غير ذلك من المشاكل الكثيرة التي تثار من هذا الطرف او ذاك ، في الوقت الذي يسعى كل طرف للحصول على المكاسب الشخصية ، على حساب مصالح الشعب الحقيقية، عليه لا خيار أمامنا الا بالذهاب الى التخلص من المحاصصة ، التي أخّرت بناء البلد كثيرا ، والذهاب الى حكومة أغلبية سياسية ، تعتمد في تولي المسؤولية على الشخصيات السليمة والصالحة ، التي تتصف بالنزاهة والوطنية والكفاءة والمهنية ، بحيث نتخلص من التهميش للكفاءات ، والسماح للمرأة والرجل على حد سواء ، في تولي المسؤولية في أي موقع من مواقع الدولة على أساس هذه المعايير بعيدا عن الطائفية الدينية او المذهبية او الحزبية او القومية او المناطقية ، ليأخذ كل من الرجل والمرأة دوره في بناء المجتمع على أساس هذه المعايير السليمة ، ولا خلاص من تهميش الكفاءات الا بالذهاب الى حكومة الاغلبية السياسية ، ونتمنى أن يتحقق هذا الهدف في الانتخابات القادمة أنشاء الله تعالى . |