أيّها الساكن في الرحاب، والمرفرف في المساحات العلويّة، تنظر الأسفل، حيث أخصّاءُ وأحبّة. لقد تعرّفتُ بكَ.
عرفتُكَ كلماتٍ مطبوعةً على أجنحة الرّوح ، شاعريّةً ترقّ لقلب الوالد تجاه أمراء حياته فلذات الأكباد. عرفتُكَ بعد الغياب أبياتًا تهتف على الأرض عالم البقاء. وقد كنتَ منذ هنا تعانق العلى استشفافًا لِما وراء.
هي الكلمة التي نحكيها، والفكرة التي تخطر في أذهاننا. هو الإحساس الذي ينتابنا، تلد جميعها سيّدةً علويّة في قالبٍ، سبحان ناظمها! سيّدةً رأسها العمق الإنسانيّ، وجسدها ممشوق السبك. تنتعل قدماها قوافي الذوق الأنيق. أمّا منطوقها، فحسبُه راقي القلب والعقل وخبرة الدنيا.
وثمرات حبّكَ معصور الجنى. نبيذٌ تعتّقه مرافَقةٌ منذ يوم المنى. تعود بمذاقه إلى ياقوتاتٍ ذهّبتها شمس الحبّ ظهيرةَ العمر، وأينعتها نسائم الحضور الوالديّ. وقد أردتَها نهلاً، بل قلْ نهلةً من فيض الإله ونهالاً من خيراته، ناهيًا بها قناعاتٍ زرعتها مواسمَ واعدة.
أمّا قضايا الحياة، فقد لوّنتَ بها العمرَ دررًا من رحيق الإنسان والطبيعة، تفاعلاً في دقيق المعيوش، زادًا لعالم الغد ومن يكون فيه.
وعبق المنتهى رسّامًا يسطّر خطوط الغربة وأنتَ في ذروة الشروق. فهل لامستَ الأفول لتمسكَ ريشةً رماديّةً، بيدٍ تكتب الوداع ولا تقوله؟ لقد فارقْتَ الألوان في رسومكَ العابقة بدخان الصعود، حيث الشعراء ملوكٌ في عالمهم، يتمتّعون بمراتعَ عانقوها في مناجاتهم، وتغنَّوا بها في أنشوداتهم زقزقاتٍ وتأوّهات.
لكَ أيّها الشاعرُ النبيل، نبيلُ أشواقنا. تقبّلْها حيث نحن في مرآك، وعنكَ لا نغيب!
عماد يونس فغالي
|