فكرة جيدة أن يذهب الرئيس ليصطاد السمك ،وليس مهما أن يقرر فأغلب البرك صالحة ،وهناك أحواض لتربية الأسماك، وربما توفرت أنهار وبحيرات لامانع لدى الرئيس من أن يضع قدما على قدم ويجلس على شاطئها الهادئ، وماعليه سوى أن يرمي السنارة في الماء،أو أن يستمتع بأشعة الشمس بينما بعض الأتباع الماهرين يلقون بشباكهم في بحيرة ممتدة بإنتظار أن يسحبوها وهي مكتظة بانواع من الأسماك لاحصر لها.
هذا بالضبط مايحصل هذه الأيام في العراق ،ولابأس أن نستدرج حكايات السمك لتكون مثلا لحكاية صارت مملة لكنها متعبة للغاية ويمكن أن تتحول الى مصيبة لاحدود لنهاياتها التي يخشاها الجميع ويتحسبون لما يمكن ان تفضي إليه من خسارات سيتحملها الجميع دون إستثناء،في هواية صيد السمك يبدو الرئيس مسعود البرزاني صيادا ليس على قدر كبير من المهارة لكنه كلما خرج الى الصيد جاء بسمكة أو سمكتين غير إن مايشفع له إن الصيادين الآخرين يعودون وعلى الدوام بلا أسماك، ولاشئ يشفع لهم عند زوجاتهم سوى الأمل في صيد لاحق ،أو في محاولة قادمة.
هكذا هم السياسيون في العراق ،في كردستان مثلما في بقية البلاد ،وخاصة مركز الدولة ( بغداد) يجرون خلف رزقهم ،ورغم أن لاحيلة في الرزق إلا إن السمة الغالبة في جريهم هي الإحتيال ،فهم يحتالون على أنفسهم بدءا، وعلى طوائفهم وقومياتهم..ولانكران لسعي البعض وهو يحاول تأكيد المكاسب القومية كما قد تحققت في إقليم كردستان الذي يعيش في شكل الدولة ،ويخترق بقية العراق في شكل دولة أكبر وأوسع وأكثر قدرة على تحقيق إنجازات غير مسبوقة، ولم تكن منتظرة في يوم وعبر أزمنة الصراع العربي الكردي ،من أيام الملكية الأولى ،مرورا بجمهوريات العبيد ( قاسم والعارفين) وحتى اللحظة الراهنة التي تشهد توترا غير مسبوق ينذر بنشوب صراع محتم لكنه مؤجل الى حين،دون التغافل عن سنوات المحنة الكبرى التي أبيد فيها الشعب الكردي ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.
يصطاد السيد مسعود البرزاني عبر مراهقة الخصوم وضعفهم وتشتتهم ،ويبدو أكثر قدرة من الآخرين على لملمة الصف الكردي من أجل قضيته القومية، بينما يختصم الفرقاء في بغداد ،ويتشرذمون حتى داخل تحالفاتهم كما في التحالف الوطني الشيعي ،وتحالف العراقية ،الذين حولهم السيد البرازاني الى مجموعة أسماك يصطادهم بسهولة من خلال جملة من الإجراءات لاقت قبولا لدى الكثيرين منهم وخاصة الذين يتشبثون بفكرة الصدام مع المالكي ولديهم الإستعداد للتحالف مع الشيطان في سبيل التخلص منه.
البركة ،أو البحيرة ،أو النهر حتى تبدو ملائمة تماما لتكون مكان إستجمام ممتاز يتيح للرئيس بارزاني أن يصطاد هولاء ،ويشتت جمعهم ،ويحرمهم من فرصة التعاضد لوقف طموحاته الجبارة في بناء الدولة الكردية التي له كل الحق في بنائها، ولم يستطع كل القادة الكورد أن يمضوا إليها بهذا التصميم من أيام الملا مصطفى رحمه الله والى الآن، وهي ميزة للرجل أنه بدأ يخترق الخصوم لأنهم متخاصمون أصلا ولأنهم أضعف من أن يتحملوا إغراءات السلطة ،أو بعض المنافع التي قد تمنيهم بها إشارات من جبال
عالية. |