أصبح الشعب العراقي خبيرا في تشخيص السياسيين ، المخلص والصادق منهم ، والمخادع والكاذب والمتاجر بالسياسة ، الموالي لشعبه ووطنه ، والمرتبط بالأجندة الخارجية ، والمنفّذ لتعليماتها ، أما الشعب العراقي فقد أكتسب خبرته من خلال التعامل مع الأحداث ، والتعامل مع السياسيين بمختلف ألوانهم وانتماءاتهم ، والمراقبة لأعمالهم وأفعالهم ، وهو صاحب المصلحة في التمييز بين هذا السياسي وذاك ، كونه المتلقي لنتائج أعمالهم ، الغث منها والسمين .
منذ سقوط نظام البعث الدموي ولغاية يومنا هذا ، ظهر في الميدان السياسي ألوان من السياسيين ، ونماذج كثيرة ، منهم المخلص لشعبه ووطنه ، وتعرف ذلك منه من خلال أفعاله وأقواله ، أذ تراه مندفعاّ ومتحمسا لتقديم النافع والمفيد الى الناس ، وهؤلاء دائماً يكونون هدفا لسهام السياسيين غير الوطنيين .
غير الوطنيين من السياسيين أصبحوا مصدر قلق ومعاناة للشعب ، وللقادة السياسيين الاخرين الذين يعملون بمهنية ونفس وطني ، دوافع الدخول الى الميدان السياسي عند غيرالوطنيين من السياسيين كثيرة ، منهم من يتخذ السياسة وسيلة لتحقيق أغراض ومنافع شخصية ، ومنهم من يتخذها وسيلة لتحقيق أغراض قومية أو طائفية، ويوجد من نستطيع تسميته وكيلاً لدولة خارجية ، منها يستمد دعمه وسياسته وتعليماته ، ومن السياسيين من يتخذ من السياسة غطاء يتستر به لغرض تنفيذ أجندات أرهابية ، وهناك من يتخذ من السياسة وسيلة تجارية لتحقيق السحت الحرام ، من خلال القيام بأعمال الفساد المالي تحت ستار السياسة .
للأسف الكبيرنجد هؤلاء السياسيين غيرالوطنيين يتمتعون بحريتهم الكاملة ، نراهم يمارسون أفعالهم غير الوطنية بحق الشعب والوطن ، من غير حساب أو ردع ، لهذا السبب نرى مشاكلنا مستمرة ومستعصية عن الحل ، نرى هؤلاء المحسوبين على السياسة ، يزعقون ويعقدون المؤتمرات الصحفية ، ويصرّحون بوسائل الاعلام بطريقة تلفت النظر والأنتباه ، ليوهموا الشعب بأنهم مخلصون ووطنيون ، وبعيدون عن الفساد والارهاب ، أوليبعدوا الشبهة عنهم أنْ كانوا يعملون لصالح دولة خارجية، لا نقول أن عدد هؤلاء كبير ، بل هم قليلون ، لكن ضجيجهم وزعيقهم كبير وكثير ، مهمتهم بألوانهم المتعددة ، أثارة المشاكل ، وزرع المعوقات، وتخريب البلد ، وقتل الابرياء ، وأختلاق التهم والقصص الخيالية التي من خلالها يهدفون ألتغطية على أفعالهم ، أو لتشويه سمعة السياسيين الوطنيين ، وزعزعة الثقة بهم في نفوس الجماهير ، اولخلق الفتنة بين صفوف الجماهير ،وأثارة البلبلة ، اوتعويق العمل الوطني الذي يضطلع به السياسيون الوطنيون الأوفياء للشعب والوطن المنتمين الى ألوان الطيف العراقي ، بغض النظر عن الدين أو المذهب أو القومية ، أو المناطقية أو العشائرية ، بل يجمع الكل حب العراق .
الشعب العراقي صاحب المصلحة في أنْ يرى قادته السياسيين يعملون بصدق وأخلاص ووطنية بعيداً عن التأثيرات الخارجية ، ينظر ويراقب ويقيّم ، الشعب من خلال الظروف الصعبة الكثيرة والمعقدة التي يمرّ بها ، أصبح يمتلك خبرة أشبه بالفتلر الكبير الذي يميز به بين الخبيث والطيب ، والنافع والضار، ويميز بين الصادق والكاذب ، بحيث عندما يسمع كلام أي سياسي ، يستطيع أن يعرف هذا السياسي هل هو صادق أم كاذب ؟ وهل هو يروّج لأجندات خاصة أو خارجية ؟
الشعب من خلال تجاربه الكثيرة أستطاع أن يتوصل الى نتائج تكاد أن تكون سليمة وصحيحة بنسبة عالية ، منها أنّ أكثر السياسيين زعيقاً وكلاماً عن النزاهة مثلاً نراه أكثرهم شبهة وتورطاً في مافيا الفساد ، وأكثر السياسيين زعيقاً وتصريحاً عن حقوق الانسان أكثرهم خرقاً لهذه الحقوق ، وأكثر السياسيين زعيقا وتشدقاً بالوطنية ، أكثرهم خدمة للدوائر الخارجية ، وأكثر السياسيين زعيقاً وصياحاً ومناداةً لتوفير الامن للمواطنين ، أكثرهم تورطا في الارهاب ، أو تقديم الدعم المالي واللوجستي للارهابيين والتغطية عليهم ، وقضية طارق الهاشمي لازالت ماثلة أمامنا ، فقد كان يزعق دائما عن حقوق الانسان المهدورة للسجناء ، ويزعق كثيرا ويصيح ويعلن لوسائل الأعلام بفقدان الامن للمواطنين ، وتبين للجميع أنه أحد العناصر المهمة التي تسبب فقدان الأمن للمواطن العراقي ، بدعم من دول خارجية ، وهي نفس الدول التي تدافع عنه اليوم وتحتضنه .
من خلال هذه المعطيات تولدت القناعة عند الشعب العراقي أن أكثر السياسيين زعيقا، هو أكثرهم أثارة للشبهة ، الجماهير سئمت من الزعيق ، والزعّاقين ، الجماهير تريد أفعالاً لا أقوالاً .
قراءتنا للمشهد السياسي القادم ، ونحن على أبواب أنتخابات مجالس المحافظات والأقضية والنواحي ، بعد أقرار آخر التعديلات على القانون في جلسة مجلس النواب المنعقدة في يوم الخميس 13 كانون الاول 2012، وموعد الانتخابات القريب الذي سيجري في 20 نيسان 2013 ، أننا سنشهد الكثير من الزعيق ، ونشهد الكذب والتسقيط والاتهامات الباطلة للسياسيين الوطنيين الشرفاء ، وسنشهد هرجا وزعيقا في الاعلام ، وسنشهد تجار السياسة وهم يعرضون بضاعتهم البائرة ، التي عرفها الشعب جيدا ، لكننا واثقون ومطمئنون أنّ الشعب سيقول كلمته ، وسيصدر حكمه العادل على السياسيين من خلال صناديق الاقتراع ، اما عصر الزعيق والخداع فقد ولّى مع المحتل ، وعرف الشعب اين تكمن مصلحته ؟ وكيف يبني مستقبله ؟ وسيطرد جميع المتطفلين على السياسة وسيطرد تجارها ، ويطرد الزعّاقين . |