هكذا يرحل الطيبون من عالمنا المتشح بالضجيج ,بصمت يعيشون وبصمت يرحلون ذلك لانهم اكثر العارفون في عالمنا لمعنى الصمت وامضانا عزيمة على العمل المقرون ايضا بالصمت ..اصمت ودع عملك يتكلم ...عبارة كبيرة لمعنى اكبر من ادراك الضجيج وصناع الضجيج في بؤرة الاضواء ...هي النصيحة المجانية التي قدمها لي رجل تباعدت معه في الجيل والتقيت معه في الهم والمسعى والقلم ,قال لي ذات مرة في اول مرة التقية بعد مشادة كلامية بيننا كنت اجهل فيها تاريخ وقلب ذلك الرجل الذي كان يجثو على كرسي كانه هرقل ويتابع بنظارته الطبية السوداء كل واردة وشاردة في اضابير زملاء السلطة الرابعة ,حينها اقتربت منه ويلفني تعب المسافة من ميسان لبغداد ومتعاضي من موقف النقابة لي انذاك فاستفزيته بكلمات كنت اجهل كياستها قلت :
- ( كملولي عضويتي لا اكلب الدنية عليكم )
- فماكان منه الا نظر لي بتمعن وقال لي ( انته من وين )
- فقلت له ( انا من العمارة)
- فقال لي ( نقيبنه من العمارة والمفروض هالكلام تحجيه وياه مو وياي .... روح ماكملك العضويه )
فنزعجت وثارت ثائرتي وقلت له بعصبية
- ( لا تكمله وغصبن ماعليك ....انتم هنا حتى تخدمونه وهذا واجبك )
- رفع راسه صوبي مجددا وابتسم وقال ( صار ...بس اهم شي لا تتعصب ....تعال اكعد ...انته ابن ولايتي ) .
مذ ذلك الوقت اصبح صديقي يتصل عليه ويسأل عني ويكون اول المرسلين لي رسائل العيد والمناسبات ,حتى التقينا اخر مرة حينما تسلمت جائزتي في مسابقة شبكة انباء العراق وحينها همس باذني قائلا ( اعمل بصمت ودع عملك يتكلم) ذلك هو الاخ والزميل والاستاذ عماد عبد الامير نائب نقيب الصحفيين العراقيين الذي رحل عن عالمنا وتركني بالف غصة ودمعة ارثيه فيها وهو الاب المثالي والزميل الحقيقي والاستاذ النصوح ,تعلمت منه الكثير ,وكان الاقرب لي من بين الجميع في النقابة ,كان يتصل احيانا ليسأل عني وعن احوالي واحيانا يتصل ليشرح لي هموم عمله ,كانت تربطه هو بي علاقه لم افسرها ومرارا وتكرارا سألت ذاتي لماذا يختارني احيانا ليشرح لي همومه وعمله وسط مايحيط به من اناس واصدقاء ومقربين ؟؟؟رحل وبقي السؤال بلا جواب ....
فهل ارثيه ؟؟ام ابكيه ؟؟ام الملم شتات حزني واصلي له صلاة الوداع ,هل ستسعفني نعمة النسيان في سد الفراغ الذي تركه لي اب وزميل كان يحرص عليه وينصحني بين الفينة والاخرى وكأني ولده او مشروعه الصحفي الذي يتمنى ان يراه باجمل مايكون ,لا اعرف ماذا اقول والبكاء يحاصرني ,,,وصوته يتناهى لمسامعي ,,وابتسامته تتقافز في مخيلتي ,هل اقول وداعا ....واكتفي ؟؟؟؟ هل اقول لا حول الله ...وانتهي ؟؟ ام اصلي له صلاة الوحشة ...وادعو له بالرحمة ؟؟؟..
كل ذلك سافعله لك حتما ياعماد .. ايها الاستاذ والاب ..كل ذلك سافعلعه لانك كل ذلك تستحقه بامتياز ,,سابكيك دما .....وارثيك وجعا.... واصلي لك رحمة دون وداع ..
رحمك الله ...كنت خير اب واستاذ وناصح ....واسكنك فسيح جناته ..والهمنا الصبر على رحيلك .....وستبقى في القلب مقيم وفي الروح لك الف عنوان ...رحمك الله استاذي الكبير عماد عبد الامير ...والصبر لي مسعى وعنوان من بعدك .
|