تخرج (رائد) من الجامعة في العام 2008، في الوقت الذي كان البلد فيه يعيش في ظل اوضاعا امنية وسياسية غير مناسبة للحصول على فرصة عمل بالنسبة لمعظم الشباب، ولكونه الابن الاكبر، كان عليه ان يعمل لمساعدة والده المتقاعد والمسؤول عن اسرة مكونة سبعة افراد، بمن فيها رائد الولد الوحيد واربعة بنات في مراحل دراسية مختلفة. وبعد تخرجه، اضطر رائد للتنقل بين أكثر من عمل، فقد عمل مساعدا لكهربائي في منطقتهم، عاملا في مطعم، بائعا في سوبر ماركت، وفي كل مرة كان يجبر على ترك العمل بسبب تردي الوضع الاقتصادي وتوقف سوق الاعمال من ناحية او بسبب تعرضه لخطر الانفجارات والاستهداف وخشيته من الانتقال من منطقة الى اخرى. يقول رائد "اضطررت حتى للعمل في البناء والذهاب يوميا الى احد المساطر في منطقة الكاظمية، لكن تعرض عمال المسطر الى تفجير سيارة مفخخة في احد الايام، جعل والدتي تصر على عدم ذهابي ثانية وتركي العمل". ومع ارتفاع الغلاء المعيشي، وكثرة متطلبات العائلة، اصبح راتب الوالد التقاعدي غير كافي تماما لاعالة زوجته واولاده، فاستعان ب(بسطية سكائر) وضعها على الرصيف المقابل لداره لتدر له بضعة آلاف آخر النهار تكون عونا له في تلبية متطلبات العائلة.يضيف رائد "كان هذا الموقف صعب الاحتمال بالنسبة لي، فلم استطع تقبل فكرة ان يجلس والدي الذي كان موظفا محترما ليبيع سكائر، وكنت أتألم كثيرا من عدم قدرتي على مساعدته وأنا الابن الاكبر والولد الوحيد في العائلة". وكان احد الجيران اشترى سيارة اجرة(سمند) لزيادة دخله وكونه موظف فلم يكن يجد الوقت الكافي للعمل عليها، ولكونه الصديق القرب لعائلة ابو رائد ولثقته بالشاب، طلب من رائد ان يعمل على سيارة الاجرة ويتم اقتسام الارباح مناصفة، فكان هذا العرض بمثابة طوق النجاة الذي انقذ الشاب من محنة البطالة. ويوما بعد يوم اكتشف رائد ان العمل على سيارة الاجرة فيه ارباحا جيدة لكن مايحتاجه هو الحصول على سيارة خاصة به، ففاتح جاره برغبته تلك سائلا اياه عن السبيل للحصول على سيارة (سايبا) وهو الذي لايمتلك المال الكافي، فعلم ان هنالك شركات تبيع السيارات بالتقسيط خصوصا للعاطلين عن العمل. يكمل رائد "فاتحت والدتي بالامر، فاستدانت مبلغا من المال من خالي لأدفع كمقدم للسيارة، وبعد انتظار ثلاثة اشهر تقريبا، حصلت على سيارة الاجرة الخاصة بي والتي كانت فاتحة خير، حيث انقذت ابي من بيع السكائر، واستطعت تسديد بعض ديونه، وانا اقوم الآن بتسديد اقساط السيارة شهريا، واحمد الله الذي رزقني بسيارة سايبا التي انقذت اسرتي".
وقصة هذا الشاب هي ليست الوحيدة من نوعها، فتوفر السيارات سواءا في الشركات الحكومية والخاصة، وانتشار انواعا عديدة منها وباسعار مختلفة ساعد الكثير من الشباب على ايجاد فرص عمل. فوفقا لما هو متعارف عليه حاليا، تعتبر اسعار السيارة الحديثة في العراق معقول مما جعل اقتناء سيارة من الامور الممكنة في البلد بعد العام 2003 بعد ان كانت اشبه بالحلم قبل ذلك. فالانفتاح على استيراد السيارات خلال السنوات الماضية وتبني الاستيراد من قبل شركات القطاع العام والخاص ايضا ساهم في توفيرها وزيادة اعدادها مما خلق حالة من التوازن في اسعار السيارات في السوق العراقية، ولم يقتصر الامر على قدرة معظم العراقيين على امتلاك سيارة، بل أيضا على قدرتهم على شراء سيارات حديثة تتزامن مع التغير الزمني والتكنلوجي الحاصل في العالم، مما دفع الى تراجع بل اختفاء السيارات القديمة من موديلات التسعينات والثمانينات
|