لم تنبع فكرة حكومة الشراكة الوطنية من افكار وردت من خارج العراق ، وأنما جاءت لتلبية حاجة وتطمين مكونات شعب على بناء دولتهم المستقرة والمتضمنة مصالحهم من دون اقصاء وتهميش لفئة او طائفة او قومية ، الجميع شراكة فيها بلا شعور بالغبن .
طبعا ، هذه لفترة ومرحلة يتم عبورها ومن ثم الأنتقال من الديمقراطية التوافقية الى ديمقراطية الأغلبية وما تستلزمه من إجراءات ومبادئ تنظيمية وتشكيل حكومة بموجبها .
اليوم ، تعود الفكرة الأغلبية السياسية الى الواجهة من جديد بعد ان كانت ترفضها الكثير من القوى السياسية ، بل انها كانت تقف بالأجماع مع حكومة الشراكة الحقيقية .
الفكرة جاءت نتيجة لفشل الجهود في حل الأزمات لتشبث بعض الأطراف بمواقعها ، وعدم وقوف الكتل من هذا البعض موقفا شجاعا وجديا ومنعه من فرض الأمر الواقع في العمل السياسي والأدارة .
ان حكومة الشراكة الوطنية لم تستنفد مهامها كليا ، فهي مطلوب منها استكمال بناء مشروع الدولة بتشريع القوانين المكملة للدستور والمفسرة له ،
بل تعديل الدستور ذاته الذي ينظم عمل الدولة على اسس واضحة وصريحة ولأمد طويل او متوسط .
لا يرتبط بميزان القوى العددي في مجلس النواب في اللحظة الراهنة ، والأضطرار الى تغيره في مرحلة لاحقة وسريعة عندما يتبدل ميزان القوى بمجلس النواب .وأنما يكون الأرتباط بالمصالح العليا للبلاد والمجتمع وتأسيس الدولة .
اذا لم تنته العملية السياسية في ذلك فحكومة الأغلبية السياسية برسم التأجيل .
ومع ذلك فأن المصطلح ملتبس وفيه اشكالات ومعضلات لم تتوضح من الذين طرحوا وأيدوا الفكرة .
وفي كل الأحوال يتركز الجهد على هذا ، ويستهلك الوقت الذي بات حرجا لقرب الأنتخابات ومضي الفترة الأكبر من عمر الحكومة ، وسوف تستنزف الحوارات والأسئلة التي تنشأ عنها وعن طريقة تشكيل الحكومة ومن هي القوى التي تتمتع بالأغلبية ، والمشاورات بشأن التحالفات والأصطفافات الجديدة ومن هي القوى التي تستبعد منها ، وعلاوة على ذلك في ظل الأوضاع السياسية الراهنة سيكون التمثيل للمكونات أما ضعيفا او شكليا او يرضى القوى المؤثرة في الأوساط الشعبية باللجؤ الى الثقل العددي من دون التمثيل السياسي .
الأجدى والأفضل للتهيئة لحكومة الأغلبية السياسية الاعداد لمستلزمات إجراء انتخابات نزيهة وعادلة وشفافة تستند الى بيئة قانونية وتعليمات رصينة على اساس تحقيق اوسع تمثيل لأبناء شعبنا في مجلس النواب المقبل .
ويفترض ذلك ايضا على الأقل انجاز تشريع القوانين اللازمة لبناء هيكل الدولة ومتطلباتها وتعديل الدستور ، وهذه امور لا بد لها من التوافق على أسس ومبادئ المواطنة وبعيدا عن المحاصصة التي ليس فيها غمط لفئة او شريحة او عرق .
غير ذلك لن ينجم عن هذا سوى حكومة تفرد لجهة مزينة بواجهات وعناوين لا تمثل الأخرين تمثيلا حقيقيا .
|