• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : حديقة تحكم العالم ! .
                          • الكاتب : هادي جلو مرعي .

حديقة تحكم العالم !

إنتهت الحرب مع إيران نهاية ثمانينيات القرن الماضي، وكان صدام منتشياً الى حد بعيد، وكان من مكارمه أنه منع العراقيين من إنشاء أي عمارة تعلو على (نصب الشهيد) الذي صممه الفنان التشكيلي الراحل إسماعيل فتاح الترك تكريماً لضحايا الحرب تلك فكان النصب تكريماً مثلما أراد للمنع أن يكون تكريماً، وظلت بغداد بلا أبراج وبلا مصاعد يستخدمها الرواد المفترضون لمبان كانت تحلم بها العاصمة العتيدة.من خلال النوافذ الزجاجية الشفافة كانت العاصمة الفيدرالية واشنطن تبدو كبستان كبير، وحين كانت الطائرة تقترب من المطار العظيم وتنساب في الهواء جوار نهر جميل لم يكن بالإمكان النظر الى تلك المدينة الرومانية على إنها تمثل عظمة وجبروت الولايات المتحدة، أو أن البيت الأبيض يحتل مساحة منها، أو أن قبور كبار الزعماء الخالدين تنتعش برائحة أزاهير تلك الحدائق الغناء وخضرة المساحة الممتدة من الأعشاب والأشجار خاصة في شهر أبرل حين تتحول المدينة (الحديقة) الى اللون الأبيض وتنقلب الأشجار اليابانية الاصل على سطوة الولايات المتحدة الأمريكية وتحكم نفسها بنفسها.لا يبدو أن صدام تأثر بجورج واشنطن ، ولا يبدو أن جورج لو عاد الآن الى عاصمته سيتيه فيها فقد حافظت على تقاليدها الزراعية والعمرانية وتصاميم الطرق والجسور والأنهار والمتنزهات، بينما سيكون أبو جعفر المنصور حائراً بين حي طارق في شمال بغداد وغزالية الشعلة ولا يعلم بالضبط كيف تسلك الدروب والطرقات ولا أين تنتهي الرصافة وتنقطع حدود الكرخ.واشنطن المدينة (الحديقة) ليست إلا مساحة من أرض تطوعت بها ولايتان متجاورتان هما فرجينيا وميرلاند، ثم عادت ميرلاند على ما يبدو وسحبت المساحة التي وهبتها، لكن هذه المساحة تحتفظ برفات أشهر زعماء العالم من قادتها ومن الآباء المؤسسين بينما يشكل عمرانها أنموذجاً عابراً للمحيطات من روما عاصمة مملكة الرومان وقد سميت في البدء بهذا الإسم لكن واشنطن كان الإسم الذي غلب، وها هي واشنطن سيدة الساحل الشرقي على الأطلسي وعاصمة الولايات المتحدة المستمتعة بقيادة العالم وتوجيهه ، وبينما هي كذلك فان أقدم وأعرق العواصم العربية كبغداد ودمشق وبيروت والقاهرة وصنعاء يعاني سكانها من سوء الخدمات وقلة ما يتوفر من مياه وكهرباء وترد في أعمال الطرق والجسور والأرصفة والحدائق والأسواق وحركة المرور والمارة.عواصم عديدة في العالم مؤثرة في صناعة القرار لكنها مخيفة بعمرانها وأبراجها، بينما واشنطن (الحديقة) هي الوحيدة منها والمتأخرة عنها في التأسيس تقدمتها في صناعة القرار وتمضيته وإرغام العالم على الركون إليه. هنا واشنطن..
 


كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : صادق مهدي حسن ، في 2012/10/15 .

مبدع كعادتك يا أستاذ هادي ........ دمت موفقاً



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=23198
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 10 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 16