تكررت عمليات الهروب من السجون المحصنة امنيا واخرها ما حدث في سجن تكريت،سبقها سجن المطار وسجن البصرة،وكأي خرق امني تشكل لجنة تحقيق لكن للاسف لم تكشف نتائج التحقيق ولو لمرة واحدة،لتبقى علامات الاستفهام تساؤلا مطروحا عن نهايات سائبة لا اجابات لها ،وبين اونة واخرى تطل علينا نشرات الاخبار بنفس القصة مكررة لكن خواتيمها لم تكن مسكا بتحقيق الارهابيين لاهدافهم،لكنها غامضة ومبتورة لكل العراقيين الذين تاتيهم الاخبار بوقع الصاعقة عن كل عملية فرار من السجون.
ولعل هذا يوضح جزءا من بواطن الامور التي يعتبرها العراقييون من الغيبيات التي لا يطلع عليها الا اولوا الامر ، والتي تضل حبيسة اقبية وكواليس مسؤولين بعينهم ، لكن النقد او الانتقاد لن يغير شيئا من الواقع العراقي المر المليء بقصص لا تحدث حتى في افلام تنتجها سينما هوليوود ،ولست مبالغا عندما اقول ان العراق سيدخل موسوعة غينيس للارقام القياسية بهذا الموضوع تحديدا .
لكن بقاء القرار السياسي مهيمنا على القرار الامني هو اس المشاكل اذا لم يكن هو السبب الاساس،ولناخذ موضوع تكرار هروب السجناء من سجون محمية بعشرات من عناصر الامن ونقاط تفتيش وابراج حماية تشكل بمجموعها اطواق حماية لسجون تاوي اخطر المجرمين ورؤوس زمر الارهاب والجريمة ممن ارتكبوا الفضائع ،ورغم هذا تطل علينا نشرات الاخبار بين اونة واخرى بخبر مفجع عن هروب ليس فرديا بل جماعي لاخطر المطلوبين ، احد هولاء على سبيل المثال محكوم بالاعدام لاكثر من مرة،ولم ينفذ فيه الحكم لان زوجته رفعت عليه دعوى قضائية تطالبه باسترداد اثاث الزوجية ،ولهذا يبقى هذا المجرم الخطر في السجن لحين انتهاء القضية التي يطول التاجيل فيها سنوات لا اشهرا ،ومثل هذة توجد الكثير من الحالات التي يسمح فيها القانون بتاخير حكم الاعدام ؟
وبهذا يتاخر الردع القضائي وتضيع هيبة الدولة عندما يتسبب القانون عن غير قصد بتاخير اعدام عشرات من المجرمين الذين اصبحوا عبئا تقيلا على الدولة من ناحية النفقات والحماية ناهيك عن وجودة الذي يشكل قنبلة موقتة ولو خلف اسوار السجن، وهناك من حكم عليه لثلاث مرات بالاعدام لكنه ينتظر القضاء لينظر باربع قضايا اخرى ولو حكم عليه بالاعدام لسبع مرات او مرة واحدة فهل سينفذ الاعدام فيه لسبع مرات؟؟؟.
اما القرار السياسي الذي يحفظ حيثيات التحقيق في كل مرة يحدث فيها الهروب فهو نفسه من يختار قائد لهذا السجن دون الاخذ بنظر الاعتبار امكانيات وسيرة هذا الضابط وهل هو مؤهل لهذة المهمة الخطرة اما لا ولعل العراقيين يعرفون بان اساس الاختيار هو الولاء السياسي و الحزبي وليس اي اعتبارات مهنية اخرى!!
القرار السياسي لم يسمح لحد الان وبعد تسع سنوات على تغيير النظام السابق بتحديد المسؤوليات بين وزارتي الداخلية والعدل والدفاع واعطاء وزارة العدل جهة الاختصاص صلاحيات تاهيل حمايات السجون وحراسها على اساس القابلية والقدرة والانتماء الوطني .
اما غياب التخصص بين التحقيق العدلي ومطاطية او بيروقراطية الاجراات التي يواجه فيها المجرم القضاء مرات ومرات لانه ارتكب نفس الجريمة عدة مرات ليحكم عليه بتكرار الاعدام ، ليبقى اعواما خلف القضبان امنا مطمئنا حتى وصل الامر ان يهدد المسجون مدير السجن بنقله او معاقبته ،لتنقلب موازين الاموروهذا تكرر في كل السجون لان هولاء المجرمين لديهم مافيات تقف وراءهم بينما يقف رجل الامن او ضابط الشرطة او مدير السجن وحيدا هو وعائلته امام تهديد مباشر بالتصفية له ولعائلته ،وهنا تصبح الكفة غير متوازنة بين الطرفين ليصبح رجل الامن او حتى مدير السجن تابعا وليس قائدا ، وهنا تبرز ضرورة وجود الاستقرار الوظيفي لضباط الشرطة ممن يعملون في السجون وادارتها بتثبيت صنفهم لا ان يتركوا بمهب الريح مع مزاج كل مسؤول جديد يمسك بزمام القرار في وزارة الداخلية.
ولم يؤخذ بالحسبان الزيارات الاسبوعية التي تخصص للسجناء والتي اصبحت معبرا للهواتف النقالة والاسلحة بالاضافة الى وجود حراس فاسدين او مرتشين او جبناء تمهيدا لتنفيذ عمليات هروب حدث بعضها بالتمرد المسلح، او بحفر انفاق تحت السجن الذي بني وسط المدينة او قريبا من الشارع او من حي سكني ليخرج الهارب الى مكان مزدحم يمكنه ان يختفي فيه بعد دقائق،ولعل هذا يدق ناقوس الخطر باعادة النظر بمواقع السجون الحالية،
هنا تبرز الحاجة الى ان التمرد لابد ان يواجه بقوات مكافحة الشغب المدربة والمتخصصة لهذا العمل ،لا ان نعتمد على قوات محمولة من بغداد يحتاج نقلها الى ساعات توفر للارهابيين الفارين فرصة ذهبية.
ولان المعركة مع القاعدة حلقات في سلسلة تحاول القاعدة كسب جولة فيها ربما يكون اهم اولوياتها خلق تمرد واسع النطاق لتقليص هيبة الدولة، من خلال اثبات قدرتها على لعب لعبة القط والفار مع الاجهزة الامنية التي ستواجه اللوم بعد كل عملية هروب سجناء، الغريب ان وزارة الداخلية لم تفعل دور الاجهزة الرقابية واخص بالذكر شؤون الداخلية والاستخبارات لمتابعة وتفتيش كل صغيرة وكبيرة في دوائر الوزارة وخصوصا السجون، لتبقى العلاقة شبه مشلولة بين الوزارة وبين دوائرها لان اجهزة الرقابة هي ذراع السلطة التنفيذية،
هذة المشكلة تحتاج الى مواجهة وحل لا يكون متاحا بتكثيف الحمايات او الاطواق الامنية بل بالاختيار المناسب للادارة والحماية .
وطالما ان الحديث عن عتاة المجرمين فلابد ان نولي هذا الموضوع اهتماما اكبر من لجنة تحقيق او ارسال قوات او البحث عن كبش فداء لتعليق كامل المسؤولية عليه،وسبق للقاعدة ان اعلنت انها تعمل باكثر من جبهة واتجاه بقصد تشتيت الجهد الامني بعمليات نوعية ولهذا بات لزاما علينا ان نلتفت لحل مشاكلنا الواحدة تلو الاخرى لان ان نعمل بنظام الترقيع الذي ربما كان ضروريا في وقت من الاوقات اما اللجوء اليه الان قد يكون اكبر مصائبنا .
|